معضلة راكضي المتاهة..Maze Runners Dilemma

معضلة راكضي المتاهة..Maze   Runners Dilemma
  • 14 ديسمبر 2025
  • لا توجد تعليقات

حيدر التوم خليفة

لا يوجد عجز أسوأ من عجز القادرين على التمام ، لأنه كمال النقص، ولا هوة دونه  في سفيل الفعل وحطيطه ..

ولكن يبدو أن الحال من بعضه ..
فإذا كان السالب هو عطاء الرئيس كامل الصفري الذي لا يكاد يبين له فعل..
ولا يترجم له قول..
فما بالك بمن هم دونه من وزراء   ..
وجوقة مستشارين كرماد النار العديم ..؟

*فهل باع لنا البرهان الترماي ..؟*
وإذا كان..
فبئس الصفقة الخاسرة العرجاء..
والبضاعة المزجاة
والعطاء المبتور ..
فتقاسمنا الحال النازف بين..
الجنرال في متاهته ..
والدكتور في حيرته ..

ورحم الله الشاعر جرير كأنه يتحدث بلساننا في دامغته الشهيرة  :

*فغض الطرف إنك من نمير*
*فلا كعبا بلغت ولا كلابا*

وللأسف تلك حالنا وحالهم بعد أن صرنا هبابا..
ولا سبيل إلى نكران ، أو استعصام برفض معلول، أو فعل مغلول..
ومن يهن يسهل الهوان عليه  ..
ومن يطوي نفسه على المواجع تقتله الحسرة..

وقديما قال المتنبي :

*عَلى قَدرِ أَهلِ العَزمِ تَأتي العَزائِمُ*
*وَتَأتي عَلى قَدرِ الكِرامِ المَكارِمُ*
*وَتَعظُمُ في عَينِ الصَغيرِ صِغارُها*
*وَتَصغُرُ في عَينِ العَظيمِ العَظائِمُ*

ودعونا نساير المتنبي رفقةً ، ونقول وعلي قدر أهل العزم تأتي الفعائل ،
ونردد مع من عارضه بالقول:

*على قَدْر طُهرِ القلبِ تأتي المواجعُ*
*وتجري على قَدْرِ النقاءِ المدامعُ*

*ويجني مَرارَ العيشِ من عاش صادقاً*
*ويظفرُ بالعيشِ الهنيءِ المُخادِعُ*

*ويرقى إلى العلياءِ مَن باعَ نفْسَهُ*
*وقادتْهُ نحوَ المخزِياتِ المَطامِعُ*

*أبا الطيِّبِ إئذَنْ لي بتحريفِ خاطرٍ*
*فإن زماني كَدّرتْهُ الفواجِعُ*

وأبكي يا وطني الحبيب..

وفي الشعر سلوات وتطبيب ..
وترويح وتحبيب ..

والأبيات السابقات تحكي حالنا ، وما آلت إليه البلاد من :
سواد سحيم  ..
وليل بهيم ..
وهباب فحيم ..
حتي تملكتنا أحاسيس سالبة  ..
مظلمة قاهرة غالبة ..
كأنما نحن أمة رامة ..
وشعب طمي البطن مستفرغ غصبا وكرها ..

… فلا دولة مهابة  ..
بعد أن وئدتها المطامع ..
وأزرت بها المواجع  ..
أو على أحسن الأماني ، دولة الغاب ..
لا يحكمها قانون ..
تتقاسمها المليشيات ، ومافيا الإفساد ..
ونفوس تستعصم السوء  خبيئة دسيسة يلفها السواد ..

.. دولة مستباحة 
يحكمها الفساد عنوة  يلفها من أقصاها إلى أدناها، كأنه خصيصة بنيوية في إنسانها ..

… دولة فقدت منظومتها القيمية والأخلاقية  ..
فصار أهلها كالسابلة التي تسوح بلا هدف ، وتسرح  بلا دليل  ..
تؤمها كلاب صيد ناهزة  ..
عينها على اللحم المكنوز والضرع المتروع …

ألا يكفينا أننا نفتقد الحكومة الراشدة  ؟
النافذ حكمها قانونا ..
المؤطر فعلها دستوراً  ..؟

تضارب في عمل الدولة كأنما لا دولة  ..!
إحساس بأننا نعيش النهايات التي لا شئ بعدها غير السقوط والموات ..!

وذلك ما نراه في تعامل المسئولين في الداخل والخارج …!
في تعاطيهم مع المجتمع الدولي بعد أن صرناً عطية وجائزة  لكل ناهب طامع ..!
أصابنا مرضُُ عُضال تبدت أعراضه في  :

… تعدد الفاعلين السياسيين ..
وبالتالي تعددت المطابخ السياسية الظاهر منها والخفي  ..
فساءت الوجبات ، وانحط مردودها النفعي..

… تعددت مراكز القرار وغاب التنسيق المتناغم الفعال ..
فضاعت قرارات المسئولين وتلاشي تأثيرها مثل طلقة بندق في بحر كما يُقال ..!

… غابت الخطة الشاملة التي تحكم أداء الدولة ، خاصة فيما يخص تعاملها وسياساتها الاستراتيجية مع دول العالم  ..
وعدم وضوح الخطط التكتيكية المعلن عنها ،
وفقدانها للاستمراية والثبات ،
وبالتالي المصداقية  ..

… تشتت الخطاب الإعلامي مما أربك المشهد العام ،
وأسقطه في فخ الخداع والمنافقة ،
فكثُر سماسرة الكلمة ،
وتسيّد وتنفذ بائعوا الضمير ..

… ضعف الأداء الدبلوماسي وانزوي الدور الفاعل للسفارات ،
وهو ما انعكس هزالاً بائناً في أداء وزارة الخارجية ،
تواضعاَ في الفعل ،
وتردياً في النتائج  ..

… ضعف رئيس الحكومة وضحالة عطائه ومردوده العام ،
لأسباب عدة ،
بعضها يتعلق بشخصيته اللاهثة وإمكانياته القيادية المتواضعة ،
وأخرى تتعلق بالتدخلات الغير مشروعة من جانب السيادي ،
ومن حكومة الظل الخفية ،
أو من حكومة الجنرالات الموازية ،
او نتيجة غل يديه باتفاقية جوبا المنتهية الصلاحية ،
أو تدخلات بعض الجهات الخفية المحسوبة على لوبيات الفساد  ،
وعموما فالرجل ظل يركض في متاهة بلا مخرج …

… أليس من المضحكات المبكيات أن تفتقد الدولة البرنامج السياسي المصاحب المتجدد المواكب ،
الحامل لتصور واضح للحل ،
المتوافق عليه كلياً ،
برنامج ليس بالحربائي المتغير وفقاً للمخاطب به ،
بل برنامج حقيقي وطني واضح ،
يستنطق الحال ،
تستطيع الدولة أن تواجه به المشاكل الداخلية ومعطوبات الحرب ومقعداتها ،
وتقارع وتنافح به في المحافل الخارجية ، مخاطر الآخر ومطامعه ..

… أليس من المعيب ان تًترك الساحة الخارجية لشخص واحد ليملأها وحده ،
كأنه الرجل الخارق ،

فاي فشل للدولة أكثر من فشل المؤسسات عن أداء دورها ؟

أين وزارة الخارجية (*رجل السودان المريض*) ..؟

وأين وزارة الإعلام (*رجل السودان الغافي*) ..؟

*سفارات نائمة وأجهزة إعلامية مُغيبة*  ..

*قناة فضائية بلا قدرات فنية أو مادية أو بشرية* في مستوى الحدث ،
تستطيع أن تصارع بها خطوب المرحلة ،
وتقارع بها تحدياتها ،
*برامج طاردة* ،
*وحوارات مملة* ،
*وشاشة معتمة* ..

وبما أننا شركاء في هذا الوطن ،
*فمن حقنا أن نعرف ما يدور فيه* ،
وأن نكون على دراية وبينة بما يحدث له ولنا ،
ومن حقنا أن نسأل وبإلحاح ،
متى كان السودان ملكاً لشخص واحد ،
يتصرف فيه كيف يريد وكيف يشاء ،
مُلغياً لوجودنا وقرارنا ،
ونحن لم نفوض أحداً ليسوسنا قهراً ،
أو ينوب عننا قراراً وإرادة ؟

*وأكاد أجزم بأن ٩٩٪ من الشعب السوداني لا يدري ولا يعلم ما يدور بخصوص وطنه ، من يبيع ومن يشتري ..!*

فهل هناك جهة ما *اعتقلت  الدولة وقرارها* ،
وأغلقت عليها في درج مكتب خفي ،
*وألقت بالمفتاح في بئر برهوت ..؟*

فلماذا يتم التصرف مع جموع هذا الشعب كأنهم *صبية غير راشدين*  ،
*وجهلة غير مدركين ؟*

هل من حق أحد امتلاك القرار العسكري والسياسي ،
وتسيير البلاد حصراً وفقاً لما يتصور ويريد  ..؟

مرجعيته في ذلك فهمه الذي يضعه فوق كل فهم بصير ،
وتقديراته المتجاوزة لتقديرات الآخربن ،
ولو كانت خاطئة ، 
*فهل البلد ضيعة يمتلكها هؤلاءِ إرثاً متعاقباً ..؟*

وهل نحن في عرض مسرح الرجل الواحد ،
وحكاية الرجل الخفي الخارق ،
هذه البلد كانت قبل الجميع ،
الصامدين منهم والخانعين ،
وسوف تظل بعدهم بإذن الله ..

وقد كانت ذات شأن وقوة ومنعة ،
فاورثوها ضعفاَ وذلة ،
حتي طمع فيها الاذلاء من الدول والضعفاء من ساقطي الشعوب ..!

*مدن تتهاوي* ،
*وفرق تتساقط* ،
*وانسحابات مريبة تتوالي*،
حتي تجاوز شكُنا ضعفَ الكفاءة والتأهيل وتكالب الدول ،
إلى تغليب فرضية الخيانة الخفية ،
والمؤامرة المحمية ،
ولولا دماء ذكية طيبة سالت تذب عن هذا البلد كيد البغاة الطامعين ،
لتضعضعت ثقتنا وخار إيماننا ،
وتملكنا اليأس الوخيم  ..

بالإجمال هو تخبط بلا حدود ،
كأننا قطيع مرعوب ،
نركض في متاهة يقودنا حادي معصوب الأعين ،
ويلفنا عجز مصنوع متجاوز للإمكانيات ،
ليس بالخبئ فهو واضح للعيان ،
ويعمنا واقع يحفه شر لا يبشر بخير لدولة تتهاوى في جب الفساد العميق ،
وعدم المسئولية وغياب المسائلة ..
أينما أجلت بصرك فالحال هو الحال ،
ظلام وإظلام تام ،
بعد أن تسيدتنا وأنشبت أظفارها فينا..
المتردية
والنطيحة
والموقوذة
وما أكل السبع ،
وبعد أن *تسامق الرويبضة خصي الفكر وخسئ الشأن* ،
وما أكثرهم ..

البلد تضيع وتنسرب من بين أيدينا حطام ..
ونصيحتي للرئيس البرهان ،
لا يغرنك حديث معسول مكذوب كتبه قلم مأجور
(وما أكثر الأقلام المأجورة)
والتي تزيّن الباطل ،
وتتبسم في وجهك قائلة :
أن كل شئ على التمام ،
ولا أظن أنه يفوت عليك كلام الطامعين الفاسدين ،
فأنت في قرارة نفسك ،
تعلم أن الحال أسوأ مما يتخيله إنسان ،
وأن الوضع من كله لا يطاق ،
وأن المخاطر أعظم من أن يحتويها كلام أو مقال موشي بالأكاذيب ،
أو يتصدي لها رأي واحد ،
وقد قيل :
*من مأمنه يؤتي الحذر* ،
ولن تدفع الملمات بالأوامر والقرارات الغير مدروسة ،
أو تواجه بردود الفعل البئيسة الطائشة ،
لهذا أبدأ الآن في إصلاح الحال و :

… أكمل بناء المحكمة الدستورية اليوم قبل الغد ، فكم من أحكام واجبة التنفيذ تعطلت بسبب غيابها ..

… ضرورة إعفاء الحكومة الحالية وتعيين رئيس وزراء جديد ،
ذو شخصية قوية حازمة ،
وعطاء مرجو ،
وفهم متجاوز متقدم ،
تكون اول مهامه ليس محاربة الفساد ،
ولكن إجتثاثه بالكامل ،
بتفعيل عقوبة واحدة ،
هي *الإعدام* ،
تعمل تحت قانون *طوارئ الحرب* ،
فليس من العدل أن يموت الشباب في خنادقهم دفاعاِ عن الوطن ،
بينما الفاسدون *يمتصون دماءه كالعوالق محميين بالقانون* ،
مسنودين بمراكز قرار تحسب في أغلبها علي *مجموعة مدنية  فاسدة* ، جاء بها سوء التقدير ،
وخطل الاختيار ،
أو إلى *زمرة عسكرين متنفذة* ،
في سقطة عظيمة لمؤسستنا الوطنية ،
وسبة سوف تطال المنظومة كلها بعد حين ..

… ولأن *الحرب هي ممارسة السياسة بطريقة عنفية* ،
وهي *حوار بالسلاح* ،
يهدف إلى *جلب الفرقاء للحوار بالأفواه والأقلام* ،
يجب إشراك الآخرين في القرار السياسي ،
وتحديد مستقبل هذه البلاد ،
الأمر الذي يفرض الإسراع في تكوين *مجلس حكماء وطني*،
من أناس مشهود لهم بالأمانة والخبرة ،
والكفاءة والعفة والنزاهة .
والتجرد من المطامع ،
مع التأكيد على أن هذا المجلس هو :
*نداء وطني لا ينال المنتسب إليه ، مردوداً مالياً* ،
أو مكافأة ،
أو مكسباً ذاتياً  ،
وهو *جسم استشاري* تمثل قراراته *المرجعية والإطار النظري لسياسة الدولة* ..

إن البلد تتهاوي وتتداعي ،
مع الهيمنة الأحادية على كل قراراتها ،
بعد أن اختطفتها مجموعة صغيرة تديرها كأنها ضيعة كسبتها في رهان  ،
ويساندهم من يقف خلفهم من خفافيش الظلام المتنفذين  ..

ولا أحد يعرف ماذا يدور في رؤوس هؤلاءِ ،
وماذا يريدون منها ولها ،
وما هي خططهم ، وما هي مشاريعهم ،
وإلى أين يسوقونها ،
خاصة وأن كل تحركاتهم في الخفاء ،
وجل قراراتهم تطبخ بليل ،
وكم سمعنا عن قرار *أُتخذ صباحاً* ،
*ونُقِض ظهراِ* ،
*وصدر قرار آخر مخالف له بالكلية مساءً*،
في تضارب عجيب …

لهذا على هؤلاءِ إشراك الآخرين في القرارات التي تمس ليس سيادة البلد فقط ،
ولكن وجودها الذي صار على خط الخطر   ..

وليعلموا أن لا احد فوضهم ،
فجلهم موجود *بقوة البندقية وقانون الغلبة* ،
وليس بتفويض *الشعب اختياراً* ،
وإن كان لدى أحد منهم *صك ملكية لهذه البلد فليبرزه لنا*  ..!

وإلى هؤلاءِ المتنفذين أذكرهم بمقولة سيئ الذكر نتنياهو عندما *علا صوت بعض العسكرين متدخلين في الشأن السياسي* فخاطبهم :

*إن إسرائيل دولة تمتلك جيشاً وليست جيشاً يمتلك دولة …*

فخمدوا ….

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*