أسهم الرئيسين البشير وشي جين بينغ في بورصة الرئاسة المفتوحة  

أسهم الرئيسين البشير وشي جين بينغ في بورصة الرئاسة المفتوحة  
  • 06 مارس 2018
  • لا توجد تعليقات

حسن أحمد الحسن*

يشهد المؤتمر الوطني ( الحزب الحاكم في السودان) هذه الأيام تحركات داخلية كبيرة في أجهزته ومفاصل الدولة التي يسيطر عليها، ومبعث هذه التحركات كما يرى معظم المراقبين التمهيد لإعلان الرئيس البشير مرشحاً لولاية جديدة، بعد ثلاثين عاماً في الحكم، حيث يجد الحزب صعوبة في تقديم المبررات اللازمة لذلك حتى في داخل صفوفه، نسبة لحالة الفشل السياسي والاقتصادي والمالي والمعيشي الذي تعيشه البلاد ويعيشه المواطنون في تفاصيل حياتهم اليومية .

ويسعى بعض المزايدين داخل الحزب الحاكم إلى أن يكون البشير رئيسا مدى الحياة لا لمبرر منطقي غير حماية أنفسهم ومصالحهم وامتيازاتهم برمزية وجوده واستغلال رغبته الشخصية في الاستمرار في الحكم، بغض النظر عن حق المواطنين في ممارسة الديمقراطية والتداول الديمقراطي او الحرية في اختيار من يحقق مصالحهم.

إذا كان من حق الصين أو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني أن تقر مقترحات لتعديل دستور، وهي التعديلات المقترحة التي تتعلق بحذف نص يقيّد تولي منصب الرئاسة في جمهورية الصين الشعبية لأكثر من فترتين متتاليتين ليسمح بفترة ثالثة ليصبح الرئيس الحالي شي جينبينغ مرشحاً لدورة جديدة وهو الذي تولى الحكم في عام 2013 فإن ذلك التعديل يكون منطقياً شعبياً وسياسياً واقتصادياً ولا ينطبق على البشير وحكمه .

بحسب تقارير العام  الماضي قد تضاعف نصيب الفرد في الصين من الناتج المحلي الإجمالي حوالى 6 مرات تقريباً ليصل إلى 7000 دولار بالمقارنة بالعشر سنوات الماضية، وبنمو اقتصادي ظل مستقراً فوق معدل 10% سنويًا على مدى سنوات، وامتلاكها لأكبر احتياطي نقدي أجنبي في العالم بمقدار 3.5 تريليون دولار، أصبح الاقتصاد الصيني في المركز الثاني بين أكبر اقتصادات العالم بعد الولايات المتحدة.

الصين استحوذت وحدها على نسبة 12% من إجمالي الصادرات العالمية، حيث بلغ نمو صادرات الصين في الفترة من 1990 إلى 2012 نسبة 17%، وتمتلك الصين نسبة 10% من إجمالي الواردات العالمية حيث تستورد الصين نسبة كبيرة من المواد الخام والمواد البسيطة والتي تستعملها في إنتاج صادراتها وتحويلها إلى سلع متطورة، وأصبحت بهذا محركاً قوياً لا يستهان به للطلب العالمي على المواد الأولية، وبالتالي لمعدلات نمو اقتصادات لكثير من البلدان التي لديها علاقات تجارية معها، وتمتلك الصين أيضًا نسبة 66% من واردات السلع الوسيطة في آسيا، بالإضافة إلى 25% من السلع المصدرة إلى كوريا واليابان ، ونحن نعلم في السودان ماهي تأثيرات ونفوذ الصين الاقتصادي علينا .

هذه مبررات لا يمتلكها الرئيس البشير أو حزبه وهو الذي حكم لثلاثين عام حكماً مطلقاً مقابل عشرسنوات لشي جينبينغ الذي تولى الحكم في 2013 وتنتهي ولايته في 2023.

حتى في ماليزيا، ورغم ما حققه مهاتير محمد الذي نقل بلاده من ظلام التخلف الاقتصادي إلى نور الطفرة الاقتصادية العملاقة التي تقود الاقتصاد الآسيوي في أكبر ثورة اقتصادية إلا أنه حينما سئل لماذا قررت الاستقالة من رئاسة الوزراء طواعية، وماذا تقول للمتشبثين بها للأبد؟ ردَّ بابتسامةٍ قائلا لأحد الصحافيين : أريد أن أمارس أشياء، حرمتني منها السلطة، وأقول للمتشبثين بها إن دورتين تكفي .

ورغم استياء غالبية السودانيين من مسرحية إعادة انتخاب الرئيس البشير وفق شروط وضوابط انتخابات “المؤتمر الوطني”  فإن نوعاً آخر من الرؤساء يقدم درساً آخر لمفهوم الديمقراطية بغض النظر عن المنجزات الاقتصادية من عدمها حيث لا ينبغي أن يحكم الرؤساء لفترات غير محددة أو مطلقة حتى ولو كانت لهم إنجازات على نحو ما تستقر عليه الديمقراطية وقيمها في الولايات المتحدة الأميركية وغرب أوروبا وبعض البلدان الأخرى، حيث أعلن رئيس إكوادور، لينين مورينو، انتصار “الديمقراطية” بعد استفتاء صوتت فيه الأغلبية لعدم إعادة انتخاب الرؤساء لفترات غير محددة .

ويأتي الاستفتاء دليلا على أن الديمقراطيين أظهروا المستقبل الذي يريدونه لبلادهم حيث صوت نحو 65٪ من الناخبين بنعم لصالح إلغاء إمكانية إعادة انتخاب الرؤساء لفترات عديدة.

ويبقى السؤال مطروحاً إذا كان للرئيس الصيني شي جينبينغ مبرراته أو لحزبه مسوغاته لمنحه ولاية ثالثة على نحو ما أوضحنا فماهي مبررات “المؤتمر الوطني” لإعادة ترشيح رئيسه في انتخابات معلومة نتائجها سلفا ؟ سواءً من الناحية الاقتصادية والسياسية والمعيشية والأمنية لاسيما في حالة الإفلاس الذي وصلت إليه النخبة الحاكمة المتواترة منذ ثلاثة عقود من الفشل .

*صحافي وكاتب

التعليقات مغلقة.