أسفاً عَلَيْنَا إنْ ظَنَنَا العَيْبَ فِيكْ

أسفاً عَلَيْنَا إنْ ظَنَنَا العَيْبَ فِيكْ
  • 05 يوليو 2018
  • لا توجد تعليقات

د. عبدالله محمد سليمان

وَطَنِي
إذا كَانَ البُكاءُ
لأَجْلِ حُزْنِكَ حِيلَةً
مَا حِيلَتِي ألا يُرَاوِدُنِي البُكَاءْ؟!

مَا حِيلَتِي
ألا يُرَاوِدُنِي البُكَاءْ
هَرَبَاً من الذِكْرَى
مِنْ المَاضِي
الَذِي مَا زَالَ فَيْضُ نَوَالِهِ
فِي خَاطِرِي
هرباً مِنْ التَارِيخِ
حَافِلَةً حَوَادِثهُ
ومَا زلنا نَلُوذُ بِهِ
نَلُوكُ الذِكْرَيَاتِ
وَسِيرَةَ المَاضِينَ
أصْدَاءً مُبَعْثَرَةً
يَحُومُ بِها الرِيَاءْ

مَا حِيلَتِي
ألا يُرَاوِدُنِي البُكَاءْ
هَرَبَاً مِنْ اللَحَظَاتِ حَاضِرَةً
مِنْ الأيَامِ تَحْكِي
صَوْلَةَ الأمْسِ القَرِيبِ
وقد تَسَكَعْنَا بِهِ زَمَنَاً
وأتْخَمَنَا الخُمُولُ
وثَرْثَرَاتٌ
ضَجَ فِيَها اللَغْوُ
سَادَ الخُلْفُ
رَانَ عَلى مَشَارِفِهَا الجَفَاءْ

مَا حِيلَتِي
ألا يُرَاوِدُنِي البُكَاءْ
هَرَبَاً مِنْ الأيَامِ قَادِمَةً
يُجَلِلُهَا السَوَادُ
يَمُوتُ فِي أحْدَاقِهَا الأمَلُ البَهِيُ
وتَنْقَضِي
فِي جَوْفِ ظُلْمَتِهَا السِنِينُ
تَسُوقُنا لنُعَانِقَ الأحْزَانَ
تَمْلَؤُنا عَوِيلاً
حِيِنَ يَجْمَعُنَا السُرَادِقُ للعَزَاءْ

أسَفَاً عَلَيْنَا إنْ ظَنَنَا العَيْبَ فِيكْ
أسَفَاً عَلَيْنَا حِينَ حَطَ الشُؤْمُ
لَيْلاً فِي الدِيَارِ
وحين أعْيَانَا التَفَاؤُلُ
بِالغَدِ الزَاهِي
وعَزَ الحَقُ فِي وَضَحِ النَهَارِ
فَأظْلَمَتْ كُلُ الدُرُوبِ
ولاحَ فِي الأُفُقِ الشَقَاءْ

أسَفاً عَلَيْنَا
إنْ ظَنَنَا العَيْبَ فِيكَ
وعَيْبُنَا فِينَا
يُكَبِلُ خَطْوَنَا
نَتَجَرَعُ الآلامَ والشَكْوَى
تُحَاصِرُنَا القُيُودُ
يَنُوشُنَا مِنْ كُلِ نَاحِيَةٍ بَلَاءْ
أسَفَاً عَلى الحَرْبِ
التي مَا زَالَ حَرُ أُوَارِهَا
لَهَباً يُؤَجَجُ بِالعِدَاءْ

أسَفاً عَلَيْنَا
حِينَ أعْجَزَنَا الجَوَابُ
وأنْتَ تُلحِفُ فِي السُؤَالْ
مَنْ هَؤُلاءْ؟
مَنْ هَؤُلاءْ؟
مِنْ أيِ نَاحِيَةٍ أتَوْا
مِنْ أيِ فَجٍ مِنْ فِجَاجِ الأرْضِ
جَاءوُا مِثْلَ دَاءْ؟!

لم يَبقَ شيخ أرهقته
سِنينُهُ أرقاً وأضْناهُ الشَقاءْ
لم تَبقَ أُنثى كم أذلَ الظُلمُ حِيلَتَهَا
فَضَاقَ العَيشُ واحْتَرَقَ الخِبَاءْ
لم يَبْقَ طِفلٌ ظَلَ يَلْهَثُ فِي الصَبَاحِ
يَتوُه فِي رَحِمِ المَسَاْء
لمْ يَبْقَ في جَوْفِ المَسَاجِدِ عَاِبدٌ
إلا ويَلْهَجُ بالدُعَاءْ
يَا رَبَنا أنتَ العَليمُ بِحَالِنا
أمْنُنْ عَلينَا مِنْ فُيوضِ الخَيرِ
جَنِبْنَا المَذَلةَ عَافِنَا
مِنْ قَسْوَةِ الزَمَنِ الخِوَاءْ

وَطَنِي
ومَا وَطَنٌ كَمِثْلِكَ
نَرْتَجِيهِ لِسَاعَةٍ
سَطَعَتْ عَلَى أُفُقِ الرَجَاءْ
وَطَنِي
وهَذَا النِيلُ يَحْفِزُنَا
ويَدْفَعُنَا إلى سُوحِ المَهَابَةِ والعَطَاءْ
لَكَ مِنْ بَنِيكَ
جَحَافِلٌ
عَبَسَتْ بِوَجْهِ الظُلْمِ
وانْدَاحَتْ عَلَى كُلِ المَسَارِبِ
سَاقَهَا دَفْقٌ مِن الوَهَجِ القَديِمِ
وعَزْمَةٌ
طَافَتْ عَلَى كُلِ المَدَائِنِ بِالنِدَاءْ
تَرْنو لِمَجْدٍ لَنْ يَضِيعَ
وتَرْتَقِي أشْوَاقُهَا
لِمَطَالِعِ الحَقِ المُبِينِ
تَحُفُهَا مِنْ كُلِ نَاحِيَةٍ
أهَازِيجُ الفِدَاءْ
النَصْرُ جَاءْ
النَصْرُ جَاءْ
النَصْرُ جَاءْ

التعليقات مغلقة.