حول الإمام الصادق والمحكمة الجنائية الدولية

حول الإمام الصادق والمحكمة الجنائية الدولية
  • 28 يوليو 2018
  • لا توجد تعليقات

د.عبدالله الصادق الماحي

مشكلة كثير من الكتاب السودانيين وحتى القيادات السياسية السودانية أنهم لا يقرؤون، وفى أغلب الأوقات يتحركوون بعواطفهم وبمواقفهم النفسية تجاه الأحداث والأشخاص. وهذا أمر مؤسف ولا يؤدى إلى حصاد النتائج المرجوة من المواقف السياسية.

أولاً الإمام الصادق المهدي رئيس حزب الأمة ورئيس نداء السودان لم يقل إنه ضد تسليم البشير، ولم يناد بإلغاء قرار المحكمة الجنائية، ولم يقل بنقل السودان من البند السابع إلى السادس، كل هذا هراء وأكاذيب، وهو الأعلم من الجميع بقانون المحكمة الجنائية، وبمواثيق الأمم المتحدة، وقد كرر أكثر من مرة أن تلك قرارات صدرت من منظمات دولية لها صفة اعتبارية وقانونية، وأنها نافذة. وأن ما ارتكبه النظام ورئيسه وآخرون تمثل جرائم وحقوق وجنايات لا يلغيها التقادم، ولا الإنكار أو التطنيش الذي يمارسه النظام ورئيسه؛ لأنها تتعلق بحقوق ناس وقع عليهم ظلم وضرر مشهودان وموثقان، وليس لأحد الحق في طلب إلغائها.

ولكن الإمام أشار إلى مواد فى قوانين المحكمة الجنائية لا تلغى المحاكمة، ولكنها يمكن أن تؤجلها مدة سنة واحدة بشرط موافقة الضحايا أنفسهم، وهذا كله في إاطار اتفاق فى اتجاه انجاز العدالة وليس تجاوزها. كما أنه أكد أن البشير مجرم هارب من العدالة، وأمامه خياران، إما تسليم نفسه كما فعل الرئيس اوهورو كنياتا رئيس كينيا الحالي، وإما انتظار السقوط بيد العدالة في اىي لحظة أثناء حكمه أو بعد التغيير المقبل.

وفي اعتقادي أن وراء هذه الحملة عدد من الجهات، وعلى رأسها النظام. وعلى سبيل المثال: هناك جهات أخذتها الغيرة من نجاحات الإمام واختراقاته لحاجز الصمت الوطنى كل مرة، وخاصة هذه المرة حيث نجح وبشكل ظاهر في الاستفادة من قرار نظامي السودان مصر بمنعه من دخول مصر، وانقلب السحر غلى الساحر؛ إذ تحول كامل المشهد الذى أريد به محاصرة الإمام إلى مسرح ومرافعة لمحاكمة النظامين لصالح القضية الوطنية السودانية، وكشف أبعادها، والأخطر في الأمر أن الإمام قد أخذ زمام المبادرة، ونزع مرجعية المشكل السودانى من أيدي النظام مجدداً بعد أن ظل النظام ولمدة طالت هو المحدد والمتحكم، وقتل كل المبادرات التي قدمت للحل من قبل المعارضة والمجتمع الدولي، وواصل أجندته الخاصة.

كما أن الإمام قد نجح فى إعادتها إلى أيدي المعارضة، وأصبح هو الآن من يحرك كل القضايا العالقة، ويفضح كل المآخذ على النظام ورئيسه عند الدول المؤثرة، والصانعة للقرارات الدولية والمتحكمة فيها. وأصبح يستعرض كل ذلك كضغوط على النظام من أجل الإسراع في معالجة كامل المشهد الوطني، بدل تجزئته كما أراد ونجح النظام فىي الفترة السابقة، في ظل تفرق وعجز المعارضة، وهو يحاول كشف أنشطة وتحركات النظام وادعاءاته للدول الكبرى وحيله أنه قادر على حماية مصالح تلك الدول، وقد حاول ذلك من خلال أساليب كثيرة ومكلفة؛ مستغلاً بشكل واضح إشكالات الدول العظمى المتمثلة في قضايا الإرهاب، وتزايد أعداد اللاجئين العابرين للحدود والبحار وبأعداد كبيرة.

يسعى الإمام الآن إلى إعادة مركزة القضية الوطنية المجتمع الدولى وخاصة عند الدول الكبرى صانعة القرارات الدولية والتأكيد لهم أن النظام الفاشل برئيسه المجرم ليس مؤهلاً للقيام بالمطلوب منه فى إطار المصالح الدولية، وهو نظام محاصر بالفشل ومطارد بقررات العدالة الدولية. ففاقد الشيء لا يعطيه، كما أكد فى أحد لقاءاته.

ومن الذين نشطوا في هذه الحملة ضد الإمام أيضاً تلك القوى التي ارتكبت العيب، وهي تشارك النظام الآن، وتدخل مكاتبه، وهي مطأطئة الرؤوس خجلاً أمام تاريخها الوضئ، وامام بعض كوادرها الواعية والمستنيرة، وهى تخشى من انهيار النظام المفاجئ أو سقوطه تحت إرادة السودانيين التي تتحد الان، فتصبح موصوفة فى عداد سدنة النظام الفاشل والعاجز عن التصدي لاحتياجات المواطن اليومية. هؤلاء يودون للنظام أن يستمر وإن كان لا بد من تغيير فليكن تغييراً متفقاً عليه، حتى يكون لهم نصيب فيما بعد التغيير؛ ولذلك هم يؤججون خلافاتهم القديمة مع الإمام ويعيدون تسويقها من جديد.

بلا شك أن الامام قد خرق المألوف، وكسر كل الطوق المضروب عليه، وهو الآن يتصدى للقضية الوطنية بقوة ورؤية واضحة.

والمؤمل أن تلتف حول تلك الرؤية كل القوى الوطنية المعارضة في اطار حلف عريض يشدد الخناق على النظام، ويزيد تعقيد المشهد عليه؛ حتى يسقط غير مأسوف عليه.

 

التعليقات مغلقة.