البشير وترمب ..”أوهام الصفقة”

البشير وترمب ..”أوهام الصفقة”
  • 19 مايو 2017
  • لا توجد تعليقات

محمد المكي أحمد- رئيس تحرير صحيفة

كيفية إخراج النظام في الخرطوم لـ” اعتذار الرئيس” عن المشاركة في القمة الإسلامية الأميركية في السعودية، أكد مجدداً الافتقار لأدنى مستويات الشفافية والصدقية، وهاهو الرئيس يستخف بعقول السودانيين، والبشرية كلها ، ويقول إنه ” اعتذر “عن المشاركة في محفل  دولي، تحتضنه العاصمة السعودية الرياض، التي يؤكد الحدث مكانتها، وريادتها في المنطقة، ودورها  المؤثرفي السياسة الدولية.

لا أحد يصدق رواية الحكومة السودانية، بعدما أعلن الرئيس في حوار نشرته صحيفة ” الشرق” القطرية قبل أيام، أن حضوره ” قمة يشارك فيها الرئيس الأمريكي يعد نقلة في علاقات السودان مع المجتمع الدولي”، بل اعتبر أن القمة “ردٌّ على من يحرّضون الدول على عدم دعوته لمؤتمرات دولية على أراضيها.

 من جهته، وزير الخارجية دكتور إبراهيم غندور أعلن في تصريحات للصحافيين عشية ” اعتذار” البشير (بحسب الرواية الرسمية المضللة)، أنه سيطير الى الرياض اليوم الجمعة (19 مايو) ، مرافقا للرئيس لحضور القمة الإسلامية الأميركية، أي أن الرئيس عقد العزم على المشاركة.

لكن تفاعلات” الاعتذار” تجسد حقائق عدة، من بينها أن الرئيس -يدير دولة بحجم السودان، وبمستوى شعبها الذي يتمتع بأفضل وأرقى السمات والخصال – بـأسلوب” كسر الرقبة” و” تحدي الواقع” والامعان في المغالطات، وهو تمنى الغالي المستحيل، استنادا الى ” أوهام” و” أحلام”، وليس انطلاقاً، من حسابات سياسية، وحقائق الواقع المحسوس والملموس للسودانيين، ولغيرهم ممن يراقبون الشؤون السودانية والدولية.

 الرئيس تعرض لموقف لا يحسده عليه أحد، وليت “الاستخفاف” يقف عند محيط الرئيس ونظامه، إذ يردد الناس، داخل السودان وخارجه، أن “الرئيس السوداني  مُنع من المشاركة في القمة الإسلامية الأميركية”، وتلك التعليقات  طبيعية،  وحتى ترامب -رغم أنه منتخب-  فان  تصرفاته وسياساته وموقعه على الخريطة الدولية ينعكس على بلده ايجاباً أو سلباً، وهكذا الحال بالنسبة للرئيس السوداني.

واشنطن كان موقفها واضحاً بشأن سفر البشير، وقد جاء ذلك في بيان للسفارة الأميركية في الخرطوم، نشرته” التحرير” ، وجاء فيه أنها  ترفض سفر البشير، وأشارت الى موضوع المحكمة الجنائية الدولية.        .

البشير كان يراهن ضمن رهاناته الخاسرة على علاقاته الحالية مع دول مجلس التعاون الخليجي، لكنه تناسى أن هذه الدول وفي صدارتها السعودية  – وهي دولة تتمتع بثقل سياسي واقتصادي ومكانة كبيرة في العالم –  لن تضحي بعلاقاتها الاستراتيجية مع واشنطن، من أجل شخص مثير للجدل داخل بلده وخارجه.

القمة الإسلامية الأميركية تعكس نجاحاً للسياسة والدبلوماسية السعودية، والقمم الثلاث التي تحتضنها الرياض يومي السبت والأحد ( 20 و21 مايو 2017    ) هي  بكل المقاييس والمعايير الإقليمية والدولية ” تاريخية”،  كما قال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في مؤتمره الصحافي الذي عقده يوم الخميس ( 18 مايو 2017).

في مثل هذه الأجواء  من النجاح ، فان على  الرئيس البشير الذي ” يتحدى ” شعبه، ويضطهده ، ويستميت في سبيل إرضاء الأميركيين – وهو لم يفلح  في ذلك  – أن  يراجع خطاه، ليرفع عن كاهل شعبه ” المعاناة والقسوة” التي فرضها على المواطنين منذ انقلابه المشؤوم على نظام ديمقراطي منتخب في الثلاثين من يونيو 1989.

أي أن عليه أن يسعى الى إرضاء ومصالحة شعبه، قبل أن يتحمس لتحسين العلاقات مع  واشنطن، التي حددت بشكل واضح شروطاً لتحسين العلاقات، وبينها مسألة وقف الحرب والحريات.

الدرس الكامن في تفاعلات حدث الساعة يؤكد أن علاقات الدول الاستراتيجية، تخضع لحسابات دقيقة، ولا تدار بعشوائية، كما يظن الرئيس والقابضون على كراسي الحكم في الخرطوم، وهذا معناه أن ” مصافحة الرئيس البشير للرئيس الأميركي ترامب”، كانت ” حلما”، بل هي انسياق وراء عالم الأوهام”.

أما ترامب – رغم  سلبياته  التي ظهرت في بعض سياساته التي فاجأ بها العالم،  منذ أن جرى انتخابه رئيساً للولايات المتحدة – فهو رئيس  يخضع لدولة المؤسسات ، أميركا دولة مؤسسات بكل المقاييس، ولا يتحكم فيها فرد، ولا يستطيع ترمب أن يتحول الى ديكتاتور يبطُش بشعبه .                        

ترمب يسعى لخلق ” شراكات” مع العالم العربي والإسلامي، وهو رجل مال وأعمال، ويجيد عقد الصفقات، وهو يسعى أيضا الى تحقيق نجاح باهر  للسياسة الخارجية الأميركية المتعثرة في ملفات عدة كالملف السوري مثلا، وقد جرت عليه سياسات متهورة بشأن المهاجرين مثلا متاعب مع السلطة القضائية والصحافة.

 البشير كان يعتقد بإمكان عقد صفقة كبرى مع ترمب من خلال التعاون في ملف مكافحة الإرهاب فقط، لكن الرئيس الأميركي لا يستطيع تجاوز المؤسسات الأميركية، أي أن الصفقة الوحيدة التي يمكن أن يبرمها البشير مع ترمب تتمثل في أن يعلن الرئيس السوداني خضوعه لإرادة الشعب السوداني، ليُحكم ديمقراطياً، وفي دولة قانون ومؤسسات، تستطيع وقف الحرب في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق.. وتشيع أجواء الحرية.

في مثل هذا المناخ فقط يمكن للصفقة أن تحرز تقدماً ما، و”شيئاً” من النجاح…

 

Online Drugstore,cialis 5mg buy,Free shipping,buy clomid,Discount 10%cialis black order

التعليقات مغلقة.