هل يدخل السودان في دوامة الانقلابات العسكرية؟

هل يدخل السودان في دوامة الانقلابات العسكرية؟
  • 14 يوليو 2019
  • لا توجد تعليقات

تقرير خاص- التحرير:

أعده: سيبويه يوسف

كشف المجلس العسكري السوداني مؤخراً عن إحباط محاولة انقلابية قبل 72 ساعة من موعد التوقيع علي الاتفاقية مع قوي الحرية والتغيير، وقال رئيس لجنة الدفاع والامن بالمجلس العسكري الفريق أول ركن جمال الدين عمر: “تم الكشف عن محاولة انقلابية، و التدبير والتخطيط لها من مجموعة من الضباط، وضباط صف بالخدمة والمعاش، من قوات الجيش وجهاز الامن والمخابرات الوطني، بهدف عرقلة الاتفاقية، وعددهم 12 ضابطاً منهم 7 بالخدمة و5 بالمعاش، تم القبض عليهم وتجري المحاولات للقبض علي البقية، بما فيهم قائد المحاولة الإنقلابية، وباشرت اللجنة الامنية التحقيق معهم”.

انقلابا عبود وشنان

إبراهيم عبود

عرف السودان الانقلابات العسكرية منذ عام 1958م عندما تولى لفريق ابراهيم عبود مقاليد السلطة بعد انقلابه على السلطة المدنية، وفي عهد عبود شهد نظامه سلسلة من المحاولات الانقلابية، أشهرها محاولة اللواء عبدالرحيم شنان التي سرعان ما فشلت، قبل أن يتنازل عبود عن السلطة في اكتوبر 1964م، بعد ثورة عارمة عرفت تاريخياً وإعلامياً بـ” ثورة أكتوبر”.

انقلاب نميري

جعفر نميري

 تم تكوين حكومة مدنية تتألف من جبهة الهيئات، برئاسة تاج السر الخليفة، وسرعان ما عاد الصراع السياسي فى الساحة السودانية، بين اليمين واليسار، وفي مايو 1969م تمكن العقيد جعفر نميري من الاستيلاء علي السلطة؛ مدعوماً من الحزب الشيوعي والقوميين العرب.

انقلابات: هاشم العطا وحسن حسين وسعد

عرفت فترة مايو عدداً من الانقلابات العسكرية الفاشلة، اولها في عام 1971 بقيادة الرائد هاشم العطا عضو مجلس ثورة مايو، وعرفت بالثورة التصحيحية في أدبيات الحزب الشيوعي السوداني، وأعقبت هذه المحاولة الإنقلابية التي قادها الحزب الشيوعي، إلى سلسلة من الإعدامات التي طالت قادة الحزب، ومن ضمنهم سكرتير الحزب عبدالخالق محجوب، والشفيع أحمد الشيخ، وعدد من الضباط، وعرفت ثورة مايو انقلاباً آخر في عام 1977م بقيادة العقيد حسن حسين، وكان انقلاباً مدعوماً من الاتجاه الإسلامي، فيما وصفه الرئيس الاسبق جعفر نميري، بالانقلاب العنصري، لكون عدد كبير من المشاركين تعود جذورهم إلى مناطق في غرب السودان.

هاشم العطا

 وتصدي نظام النميري لمحاولة أخري بقيادة العميد محمد نور سعد، وكانت مدعومة من الجبهة الوطنية، التي تتكون من حزب الامة والاتحادي الديمقراطي وجبهة الميثاق الإسلامي.

انتفاضة أبريل وانقلاب البشير

سقط نظام نميري في ابريل 1985م بانتفاضة شعبية عرفت إعلامياً بـ “انتفاضة أبريل” ليتولى وزير الدفاع الفريق عبدالرحمن سوار الذهب السلطة لفترة انتقالية قبل أن يخوض السودانيون تجربة انتخابية قادت إلى تكوين حكومة تحالفية، وأعقبتها عدة حكومات قبل أن تتمكن الجبهة الإسلامية القومية في تنفيذ عملية إنقلابية في فجر 30 يونيو 1989، بقيادة العميد عمر حسن أحمد البشير.

إعدام في رمضان

 واجه نظام البشير سلسلة من الانقلابات أولها في ذات العام، عندما بادر مجموعة من الضباط الذين ينتمون لحزب البعث العربي الاشتراكي والناصريون، وعدد من الاحزاب اليسارية، لتنفيذ انقلاب مضاد، وتم إعدام 29 ضابطاً في ليلة 29 رمضان، في سابقة لم يعهدها السودانيون، وظلت تلك الأحداث تؤرق أهل السودان طيلة 3 عقود تمثل فترة حكم الجبهة الإسلامية.

انقلابات إعلامية وانقلاب “ود إبراهيم- قوش”

البشير وقوش

 يري عدد من المحللين أن فترة حكم البشير عرفت عدداً من ” الانقلابات الإعلامية” بهدف تشتيت انتباه الشعب عن الأزمات الاقتصادية وغيرها من الأحداث.

 ويقول الصحافي السوداني الطيب النجيب أن الهدف من تلك المحاولات التي كانت تزعمها حكومة الجبهة الإسلامية توصيل رسائل إعلامية محددة، وخاصة ما يتعلق بمقولة الاستهداف الخارجي، وغيرها من الأفعال التي تسعى إلى توحيد الجبهة الداخلية، ويذهب النجيب في حديثه لـــ ” التحرير ” إلى أن نظام الإنقاذ تمكن من تدجين الجيش منذ وقت بعيد، بعد قيامه بفصل مئات الضباط، وتجنيد عناصره الحزبية في القوات المسلحة والأجهزة النظامية الأخري، وأشار إلى محاولات انقلابية كثيرة لم تكن إلا في خيال من صنعوها من قادة الأجهزة الأمنية، ومنها محاولة الرائد محمد إبراهيم “ود إبراهيم”، الذي يعدّ ـــ بحسب وصفه ــــ أحد المجاهدين في صفوف الحركة الإسلامية، ومن المشاركين في معركة” الميل أربعين” في مواجهة جيش الحركة الشعبية بقيادة جون قرنق في جنوب السودان.

وكان نظام البشير أعلن عن محاولة انقلابية يقودها الرائد محمد ابراهيم، بمشاركة الفريق أمن، صلاح عبدالله” قوش”، الذي كان قبل ذبك بشهور قليلة مديراً لجهاز الأمن والمخابرات، قبل أن يعزله البشير من منصبه بشكل مفاجئ، وتوالت عدد من الإعلانات العسكرية عن محاولات انقلابية مختلفة، وأخرى عن عناصر مدسوسة من الحركات المسلحة، وتنشط الاجهزة الإعلامية في بث أسلحة مضبوطة في المنازل الشعبية، وغيرها من المناطق.

خليل إبراهيم

ودخلت الإنقاذ في تجربة حقيقة، في مايو 2008م، عندما تمكن زعيم حركة العدل والمساواة الراحل دكتور خليل إبراهيم، من دخول مدينة امدرمان، العاصمة الوطنية، والتي تعدّ أحد أضلاع مثلث الخرطوم، في عملية يطلق عليها ” الذراع الطويلة”، لأن هذه القوات خرجت لأول مرة من ميدانها التاريخي في القتال خارج مناطق دارفور، وتحركت قواته من منطقة ام جرس الحدودية مع دولة تشاد، عبرت خلالها أكثر من 2000 كيلومتر، من المناطق الصحراوية.

 وعزا دكتور خليل ابراهيم فشل وصوله للخرطوم إلى اسباب تتعلق بجوانب الاتصال، والتزام قواته بعدم إطلاق الرصاص في المناطق السكنية.

ولادة الدعم السريع

بعد صدمة خليل إبراهيم، خاضت الإنقاذ تجربة قوات الدعم السريع، بتكوينها القبلي والجهوي، في بداية تكوينها، ولكن عندما استشعر الرئيس المخلوع، عمر البشير خطورة وجود قوات كبيرة، تدين بالولاء لمجموعات قبلية، حاول في آخر عهده بإجراء تعديلات في تكوينات قوات الدعم السريع، وقام بنقل عدد من ضباط الجيش وجهاز الامن إلى قوات الدعم السريع، وتجنيد قبائل أخرى من مناطق مختلفة، حتى لا يغلب عليها صفة قبلية محددة.

حميدتي

 وكان زعيم حزب الامة القومي الصادق المهدي عبر عن مخاوف من صدام متوقع بين الجيش وقوات الدعم السريع، وقال المهدي في تصريحات إعلامية: “إن هنالك تململ داخل الجيش، وخاصة من الرتب الصغيرة والوسيطة، بعد تميز قوات الدعم السريع، وتمددها”، مشيراً إلى حوادث كثيرة تم الاعتداء فيها على ضباط من الجيش والشرطة، وستظل لحظة الصدان متوقعة، وفي سياق السيناريوهات المحتملة.

هل بالإمكان أن يعود السودان إلى دوامة الإنقلابات العسكرية؟ وهل هناك ما يغري مغامرون جدد لتولي السلطة في بلد ينوء بأثقال سياسية، واقتصادية، واجتماعية، وفي ظل وضع مشتعل بعد سقوط نظام الجبهة الإسلامية، في الوقت الذي يرفض فيه المجتمع الدولي والاقليمي، أي شكل من التدخل العسكري في الحكم، فيما يرفض الاتحاد الأفريقي الاعتراف باي حكومة تأتي عبر بوابة الانقلابات العسكرية، بل تتدخل دول الجوار لإزاحة الانقلابيين، كما حدث في ساحل العاج وغيرها من البلدان الأفريقية.

 وير المحلل السياسي محيي الدين محمد وفقاً لقناة “الحدث”:
“إن إعلان المجلس العسكري عن إحباط محاولة عسكرية فاشلة تعبر عن تماسك المؤسسة العسكرية والمنظومة الأمنية”، مشيراً إلى أن هناك من يتربص بالشراكة السياسية بين الجيش وقوي الحرية والتغيير.

وكان المجلس العسكري في السودان كشف عن عدة محاولات انقلابية سابقة، ومن ضمنها إعفاءات واسعة في صفوف ضباط من الجيش، تم وصفهم في وقت سابق بأن لديهم اتصالات بقوى الحرية والتغيير، وتتم الإشارة في بعض الأحيان إلى قوات مندسة تثير القلاقل، وتنتحل صفة قوات الدعم السريع، والقيام بأدوار مشبوهة من بينها فض اعتصام القيادة العامة في الثالث من يونيو الماضي.  

التعليقات مغلقة.