رحلتي إلى آخر الدنيا (25): من واشنطن إلى واشنطن

رحلتي إلى آخر الدنيا (25): من واشنطن إلى واشنطن
  • 07 يناير 2020
  • لا توجد تعليقات

أنور محمدين

في وقت مبكر من الصباح بارحنا شقننا في واشنطن دي سي العاصمة الاتحادية لأقوى وأغنى دولة عرفها التاريخ، يكفي أنها تنتج نحو ١٠ ملايين برميل نفط يومياً ما يجعلها في غنى عن المنتوج الخليجي، بعد أن هيأنا الشقة ورتبناها وتركنا ما تبقى لنا من فواكه وألبان لملاكها.

تتموضع واشنطن على قطاع من الأرض تبرعت به ولايتا مريلاند وفرجينيا المجاورتان غير أن الأخيرة استعادت حصتها لاحقاً. واتفق على إنشائها (١٧٩٠م) لتكون ذات وضعية خاصة خارج نطاق الولايات. ونقلت إليها العاصمة من فيلادلفيا (١٨٨٠م).

تضم المدينة مقار البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وعدد من الهيئات العالمية، وخططها مهندس فرنسي على النسق الأوروبي فبدت رائعة يتوسطها مبنى الكابيتول الجميل.

انطلقنا تجاه مريلاند وبعد ساعة وبعض ساعة توقفنا أمام المطار الذي سنسافر منه. أما بسام فقد ودعنا وعاد إلى مطار آخر سيغادر منه إلى الخرطوم عبر أديس بعد تسليم السيارة التي استأجرناها من نيويورك قبل أيام لفرعهم قرب المطار، التي جددنا استئجارها عبر النت.

دخلت وأمه إلى المطار ووضعنا حقيبتينا على الميزان فإذا الموظفة ذات الأصول الإفريقية تطلب دفع ٦٠ دولاراً فقلت لها: يحق لكل منا ٢٣ ك زايدا ٧ ك على الكتف .. لماذا ندفع؟
فطلبت منها رئيستها التي تعمل جانبها تمريرهما وقد كان.

بعد مرور ميسر على الجوازات جلسنا مع المنتظرين، فجاء فريق تلفزيوني وأجرى لقاءً مع جلساء على مبعدة منا.
خلال تصفحي النت وجدت موضوعا شائقاً خطه يراع العزيز الأستاذ محمد عثمان وردي يستعرض فيه مجريات جلستنا الجميلة في فرجينيا مدعماً بصور جماعية، ويرفعني بلطفه مكاناً عليا بوصفي ابن جبير دلقو وهو المؤرخ، الجغرافي، الرحالة الأندلسي المعروف ثم أتحفني العزيز الأستاذ محمد عبد الله شريف برسالة ثرية تنضح جمالاً وألقاً.

وفيما أسرح في بدائع الأديبين الرائعين نودي بدخولنا الطائرة التي حلقت بنا من الساحل الشرقي إلى الغربي عبر ولايات الوسط التي تعد كلورادو منتصفها في رحلة تمتد نحو ٥ ساعات متصلة، مبتعدة عن العاصمة الجميلة التي تتكئ على ضفاف نهر بوتوماك الساحر، التي تحتضن عدداً من السودانيين كبيراً.

الطائرة المديدة تمتلئ عن آخرها بالخواجات وبعض الصفر والسمر الذين راح طاقم الضيافة يقدم لهم بعض الماء والشاي والبسكويت، وبعدئذ جاؤوا بسلع تجارية خفيفة كالساعات والقداحات والأقلام والعطور، فضلاً عن قسائم اشتراك للراغبين في عضوية عملاء شركة الطيران ما يبيح منح تذاكر مجانية مقابل نقاط تسجل طبقاً لأميال الطيران معها تحفيزاً.

بعد طي مدى يعادل ضعف المسافة بين الخرطوم والرياض ها نحن نقترب من مدينتنا الزمردة سياتل كبرى مدائن ولاية واشنطن والطائرة تنخفض تدريجياً حتى هرولت على ممر المطار الضخم ثم توقفت وهدأ هدير محركاتها.

وهكذا أقلعنا من واشنطن العاصمة ووصلنا واشنطن الولاية في أقصى الشمال الغربي المحاددة كندا ويا للبعد بينهما!
هبطنا من جوف الطائرة واتجهنا للصالة التي سنتسلم فيها حقيبتينا ووفق ديباجة الشحن تسلمناهما من الصالة ١٥، وعلى شاشة جدارها جدول الطائرات التي هبطت وتدور أمتعة ركابها على السير الكهربي .. تصوروا ١٥ صالة عفش للواصلين المدينة .. كم منها في مطارنا الدولي؟!
بالخارج في البوابة ١٣ استقبلنا ابننا أحمد عمر صالح محمود، الذي انطلق بنا بسيارته تجاه بيتنا عبر شوارع خضراء فسيحة لكأنما نشأت المدينة داخل بستان يانع.

سياتل
ولاية واشنطن

الوسوم أنور-محمدين

التعليقات مغلقة.