واشنطن تقرر بشأن سد النهضة

واشنطن تقرر بشأن سد النهضة
  • 18 يناير 2020
  • لا توجد تعليقات

د.ضياء الدين عبدالرحمن


ما زال “سد النهضة” قيد التباحث و التفاوض الإستراتيجي داخل أروقة وزارتي الري و الخارجية في دول السودان و مصر و إثيوبيا و هو يستحق بلا شك هذا الزخم “الدبلوماسي” لكن من المفارقات _ الأولى أن أطراف المصلحة و هم أفارقة ذهبوا إلى الاستعانة بالرعاية الأمريكية للتفاوض و التشاور مع حضور ممثلين للبنك الدولي و المفارقة الثانية _أن هذا الاهتمام و القلق محبوس مباني وزارتي السودان و مصر و لم تناقش حتى آثاره بقية الوزارات على الاقل في السودان وهو يمثل مصدر شرياني “حياتي” للشعبين المصري و السوداني بينما نرى الجانب الأثيوبي يحشد نخبه و شعبه لتنفيذ أكبر مشروع تنموي في الإقليم مع العلم أن إقتصاد إثيوبيا الأثر نموا في إفريقيا ، في السودان لم يلقى ملف سد النهضة حظه من الاهتمام و المسؤولية من النخب السياسية و الاجتماعية من أحزاب و مؤسسات مدنية برغم ان نهر النيل تمس قضيته الأمن القومي و يؤثر في مستقبل المشاريع الاستراتيجية للدولة ، غابت الندوات عنه و إنشغل الاعلام بقضايا السياسة “الفارغه” و النزاع حول السلطة ، لم تتم دراسة التغييرات المحتملة لإنشاء دولة إثيوبيا السد و وضع خطط و رؤى احترازية للتعامل مع هذا المستجد هي جريمة أخلاقية ترتكبها النخب السودانية و تواصل بذلك نهج الفشل الاستراتيجي منذ الاستقلال.

أعلن وزراء الخارجية والري في السودان و مصر و إثيوبيا حسب بيانهم انهم وافقوا على الاجتماع مرة أخرى في واشنطن يومي 28 و29 من شهر يناير الجاري للتوقيع على اتفاق شامل بشأن ملء وتشغيل سد النهضة برعاية أمريكية و من البنك الدولى و أعلن الرئيس ترامب دعمه للتفاهم بين الأطراف المعنية و فق بيان صادر من البيت الأبيض ، هذا المشروع الضخم الذي بدأت إثيوبيا خطواته في العام 2011 و خطط له قبل ذلك بكثير و يعتبر أكبر مصدر للطاقة الكهرومائية في أفريقيا و يقع على النيل الأزرق الذي يمثل ما يقارب 90% من الإمدادات المائية السودان و مصر و تبلغ كلفته 4.2 مليارات دولار و من المتوقع توليد الطاقة الكهربائية أواخر العام 2020 ، وأن تبلغ طاقته التشغيلية القصوى بحلول العام 2022.

من المؤكد أن فكرة إلغاء مشروع سد النهضة أصبحت مستحيلة خاصة بعد التوقيع على إتفاق المبادئ بين الدول الثلاث في العام 2015 و كان خطأ كارثي أعطى مشروعية لدولة إثيوبيا ان تفعل ما تريد ، المرجح أن يتم الاتفاق الشامل في واشنطن بنهاية الشهر بوجود الرعاية و المراقبة الأمريكية التي ستكون عامل حاسم في الاتفاق و إن كان غير مرضي لأي طرف و أعتقد أن معطيات إثيوبيا من الربح أكثر فعالية و قوة ، ستكون نقاط التفاوض و الاعتراضات السودانية المصرية حول فترة ملء خزان سد النهضة و آلية مراقبة ذلك مع مراعاة الظروف الهيدرولوجية وتأثير السد على المخزون المائي لدى دولتي المصب السودان و مصر بالإضافة للمسؤولية المشتركة في إدارة الجفاف و هنا يبرز الاعتراض الأثيوبي المتعجل لإكمال و تشغيل سد النهضة الذي يسمى بسد الألفية الكبير أو “هداسي جاديب” باللغة الأمهرية.

باحث في العلاقات الدولية

18يناير2020

التعليقات مغلقة.