العودة لوحدة المواكب

العودة لوحدة المواكب
  • 11 مارس 2020
  • لا توجد تعليقات

يوسف السندي

تعاني بلادنا من جميع أمراض العالم الثالث ، الفقر وارتفاع عدد المواليد ، ارتفاع عدد الوفيات الناتجة عن تفشي الأوبئة والأمراض ، البعد عن النشاط الصناعي المنتج والعيش على النشاط الرعوي ، عدم الاستقرار السياسي وغياب الكفاءات والخبرات ، تفشي الأمية وشيوع الهجرة إلى المدن ، تضخم الديون وإرتفاعها والافتقار إلى الاكتفاء الذاتي الاقتصادي ، اللجوء إلى تصدير المواد الخام الاولية ، وضعف المبادرة و المثابرة في السكان .

هذه الامراض هي تركة الشمولية الثقيلة، الانقاذ جعلت السودان مثالا معياريا لدولة العالم الثالث ، دولة فاشلة ومتخلفة ، مدمرة التكوين الاجتماعي والاقتصادي والسياسي ، دولة يائسة بلا أمل ولا مستقبل. ثورة ديسمبر حررتنا من اليأس ، أعادت لشعبنا الامل ، جعلته مؤهلا للتخلص من أمراض العالم الثالث ، ولكن لذلك شروط .

الشرط اللازم للتخلص من هذه الامراض هو العمل الموحد بين جميع فئات الشعب ، لا يستطيع حزب منفرد او جماعة منفردة ان تقود البلاد لهذا الخلاص ، لا يستطيع حمدوك لوحده ولا طاقم الحكومة الانتقالية لوحده قيادة البلاد نحو التخلص ( الاكيد) من هذه الأمراض . هذا العمل يحتاج وحدة الشعب ، تكاتف السياسيين ، تخلصهم من الأنانية والاثرة ، تقديم الوطن على التنظيم ، وتقديم العام على الخاص . وفي المقام الأول يحتاج لوحدة تيارات الثورة .

هناك فرقة بين تيارات الثورة ، هناك شقاق وخصام، هناك لعب غير شريف احيانا ، وضرب تحت الحزام ، هذا يعيق نهضة الأمة ومستقبلها ، الوطن يحتاج لوحدة الثوار في هذا التوقيت أكثر من أي وقت مضى ، يحتاج لروح الوحدة التي تجسدت أيام المواكب ، يحتاج لحافز التعاون الذي انتشر في إعتصام القيادة العامة ، يحتاج لمساهمة كل شخص في اي بقعة من تراب الوطن ، كل فرد عليه أن يضلع بدور ، كل رجل وكل انثى ، في الريف او الحضر او المهجر ، عليه ان يضلع بدور، الأدوار ليست حصرا على السياسيين و الاقتصاديين، بل هي للجميع ، ماكينة النهضة والتنمية تروسها الشعب جميعا ، اذا تعطل منها ترس واحد مهما صغر توقفت بالكامل .

مهاتير محمد سئل عن سر نهضة ماليزيا تحت قيادته فقال تواثقنا كسياسيين على تناسي خلافاتنا والتركيز على العمل المشترك من أجل الوطن . اذا اردنا التخلص من امراضنا التاريخية ، اذا اردنا وطنا متقدما ، اذا اردنا الخروج من ( حفرة ) العالم الثالث ، يجب أن يتخلص السياسيون من خلافاتهم ، وخاصة السياسيين في كابينة قيادة الثورة . مركب الوطن تقل الجميع ، اذا غرقت فلن ينجو احد ، واذا عبرت عبر الجميع . واجب المرحلة الراهن هو وحدة كيانات الثورة ، تجاوز الخلافات ، عقد ورش يومية ولقاءات يومية بين تنظيمات الحرية والتغيير ولجان الثورة وكتلها ونقاباتها على كل المستويات مركزيا وقاعديا ، والتنسيق المشترك من أجل دعم الحكومة الانتقالية ، من أجل صيانة مستقبل البلد ومن أجل البناء والتعمير .

الامم العظيمة تعرف متى تتحد، والسياسيون العظماء يعرفون متى يتنازلون من أجل الوحدة ، في الفترات الانتقالية بين عهد وعهد تكون الوحدة واجبة ، وتكون الفرقة خيانة وطنية. لم يستطع النظام هزيمة ثورة ديسمبر لأن الشعب والساسة اتحدوا ، الرجوع لوحدة المواكب ، التنازل لأجلها ، وتمتينها ، هو مركب العبور فوق أزمات الفترة الانتقالية، فهل ثمة عودة لتلك الوحدة ؟!


sondy25@gmail.com

التعليقات مغلقة.