ثالوث النهضة السودانية: الزراعة والإنتاج الحيواني والشباب

ثالوث النهضة السودانية: الزراعة والإنتاج الحيواني والشباب
  • 28 أبريل 2020
  • لا توجد تعليقات

يوسف السندي

من البشائر ان حصاد القمح هذه السنة جاء وفيرا ، وقد يغطي نصف احتياجات البلاد السنوية من القمح ، ويحمل هذا معاني كثيرة أهمها أن أرضنا الطيبة مازالت خصبة ولود وقادرة على الإنتاج ان وجدت العناية والتقانة الحديثة، فالزراعة لم تعد حرفة تقليدية وإنما أصبحت( بزنس ) عالمي يدر دخولا عالية ، وتوصيف بلادنا بأنها سلة غذاء العالم لم يأتي من فراغ ، فالأراضي الخصبة في بلادنا تمثل حوالي ٤٦% من إجمالي الأراضي الخصبة في كل العالم العربي ، هذا غير وفرة المياة والايادي العاملة.

مشكلة المياة التي تعاني منها معظم الدول العربية عندنا محلولة تماما ، بلادنا تزخر بالانهار والأمطار والمياه الجوفية ، ولكنها تفتقر للاليات الحديثة اللازمة لإصلاح قنوات المياة ، وتحتاج للاليات الضرورية لاستخراج المياة الجوفية ، بالاضافة الى الاليات والطرق اللازمة لإنشاء وسائل تخزين لمياة الأمطار تمنع فقدانها بالتسرب والتبخر ، كذلك تفتقر بلادنا للتخطيط الجيد في إستخدامات المياة ، وجميعنا يعلم أن المياة تدخل في إنتاج كل شيء ، وتوفرها يعني توفر نصف التكلفة من الإنتاج على الأقل .

نملك كذلك الأيدي العاملة ، بلادنا شابة ، عدد الشباب فيها يكاد يبلغ ٦٠% من السكان ، كل هذا العدد لو استخدم بشكل مثالي في مشاريع إنتاج زراعية ، يستطيع أن يحيل بلادنا الى جنة خضراء ، مع ملاحظة ان استقطاب هؤلاء الشباب يحتاج لتوفير رواتب مجزية وظروف عمل جيدة من مسكن ومأكل ووسائل نقل ووسائل ترفيه ومستشفيات وغيره ، وقد سعدت في هذا الخصوص بتصريحات لوزير الزراعة عيسى شريف ، وهو وزير مقل في التصريحات وفي الظهور الاعلامي ، أكد فيها ان الشباب وصغار المنتجين سيحظون بالحصة الأكبر من اهتمامات الخطط المستقبلية التي تعكف وزارة الزراعة على تنفيذها . وهو تصريح يوزاي المرحلة الراهنة ويستوعب تطلعات الثورة الشبابية .

الدولة عليها ان تشجع الاستثمار في الزراعة وفي الإنتاج الحيواني ، خريجي كليات الزراعة والإنتاج الحيواني يجب أن يملكوا تمويل طويل الأجل من أجل تنفيذ مشاريع زراعية وحيوانية علمية تساهم قليلا قليلا في إحلال الزراعة التقليدية والإنتاج الحيواني التقليدي باخر حديث وعصري، عملية التطوير لا تعني أن القديم ضار وإنما تعني أن الجديد أكثر قدرة على المنافسة عالميا ، وأكثر قدرة على تحقيق الأرباح التي تعود على البلاد بالعملة الصعبة .

العالم نهض بالثروات مثل البترول في دول الخليج ، بالصناعات الثقيلة كالمانيا بتجارة الأموال كسنغافورة ، وبالرقائق والتكنولوجيا الرقمية كاليابان وكوريا ، لكي ننهض نحن فإننا لا نملك بترولا ولا صناعات ثقيلة ولا بلادنا مركزا ماليا ولا توجد عندنا نهضة رقمية ، ولكننا نملك الأراضي الخصبة والمياة والمناخ المعتدل والثروة الحيوانية والشباب ، هذه الثروات لو مزجت وصرفت عليها أموال حقيقية سوف تقلب وضع بلادنا رأسا على عقب . لذلك مزيدا من الانتباه والتخطيط والعمل الدؤوب في هذا المجال سوف ينقلنا من خانة الدول الكسيحة إلى خانة الدول المتحركة والصاعدة ، وهو ما يجعلنا نقف بقوة خلف تصريحات وزير الزراعة بإقامة صندوق استثماري للأمن الغذائي والتنمية الزراعية قريبا ، يفتح أمام البنوك والصناديق الاستثمارية العربية والمحلية ، ويستوعب العديد من الأوعية الإنتاجية في المجالين الزراعي والحيواني .


sondy25@gmail.com

التعليقات مغلقة.