شكرا البدوي

شكرا البدوي
  • 16 مايو 2020
  • لا توجد تعليقات

يوسف السندي

صبر موظفو السودان صبر أيوب على وظائفهم، عانوا ما عانوا من جراء ضعف الرواتب وذاقوا ما ذاقوا من ارتفاع أسعار كل شيء في ظل بقاء رواتبهم على حالها ، حتى أصبح راتب الموظف في السودان لا يكفي ثلاثة أيام لأسرة متوسطة ، ولكن الله لا ينسى عباده الصابرين ، جاءهم الفرج على يد وزارة مالية الثورة ، وتضاعف الراتب بين ليلة وضحاها لما يقرب من ٥٦٩% من الراتب القديم ، وفرحت أسر كثيرة في السودان ظلت على الدوام تلوك المر وتبيت ( القوا ) في ظل راتب هزيل وأسعار جنونية .

لسنين عددا ظل اقتصاد السودان ينهار كل صباح ، انهارت العملة الوطنية وارتفع الدولار ، تصاعدت الاسعار بوتيرة يومية ، التجار، المواصلات ، المستشفيات الخاصة، المدارس الخاصة ، صبي الورنيش ، ست الشاي ، عربة اللبن ، المطاعم ، الكافتيريات ، الجزار ، الخ ، كلهم زادوا أسعار خدماتهم وسلعهم مع زيادة الدولار ، كل صباح جديد يزداد فيه الدولار بقيمة ولو هامشية يرفع الجميع من رسوم خدماتهم ، لكي يستطيعوا البقاء في السوق ولكي يستطيعوا الصرف على أسرهم ، وفي ظل هذا لم يسأل واحد منهم عن أصحاب الرواتب ، عن الذين لا يملكون الا وظيفة ومال حلال يأتيهم في نهاية كل شهر من الدولة ولا يملكون سواه ، بضعة جنيهات تضعضعت قيمتها في مواجهة غول السوق والأسعار حتى أصبحت لا تكفي لشراء لبن الأطفال، الجميع يزيدون اسعارهم والموظف لا يزيد له أحد راتبه ، الجميع يعيشون حياتهم في توازن برفع أسعارهم مع ارتفاع السوق ،والموظف فقط من يظل راتبه ثابتا والاسعار من حوله تزيد وتزيد وتزيد حتى لم يعد بإمكانه الحياة.

منهم من تركوا الوظائف، غادروها للعمل في سوق الله اكبر ، منهم من ترك البلاد بأكملها وهاجر إلى الغربة ، ليعين أسرته على الحياة الكريمة بدل حياة الكفاف والعوز ، منهم من تمسكوا بالوظيفة ولكنهم بعد انتهاء الدوام يذهبون للعمل في مكان اخر في وظيفة اخرى تدر عليهم دخلا يكفيهم ذل الحاجة والسؤال ، والبقية ظلت على راتبها وحده تقاسي الألم في صبر عظيم .

موظفي السودان، هم الطبقة الوسطى التي تأكلت في ظل انهيار الدولة والإقتصاد حتى اختفت ، هم الطبقة النيرة التي كانت تزين وجه السودان بثقافتها وعلمها وريادتها للعلم والثقافة والأدب والفنون والسياسة ، حل محلهم في ظل الإنقاذ طبقة هلامية من السماسرة والارزقية والهتيفة الذين يجنون في اليوم الواحد ما لا يجنيه الموظف في سنة . لذلك انهارت الخدمة المدنية وتطورت ثقافة الجشع والفهلوة وأولاد السوق ( التفاتيح ) ، وأصبحت البلاد بأكملها غريبة الثقافة ، مشوهة وبلا ملامح .

أنصف السيد وزير المالية اخيرا موظفي السودان ، أنصف الطبقة الوحيدة التي لو وجدت الاحترام سينعكس هذا على الخدمة العامة على المدارس والمستشفيات والطرق والكهرباء والماء والمزارع وحراس الأمن وغيرها ، وهل ثمة دولة الا هذه ؟! أنصف السيد وزير المالية المعلمين والأطباء والمهندسين والشرطة والجيش والخ ، أنصف المظلومين وأعاد البهجة للشارع السوداني .

لو لم تفعل حكومة الثورة سوى هذه الزيادة الجيدة في الرواتب للموظفين لكفتها، شكرا البدوي ، شكرا حمدوك ، والمستقبل أخضر معكم بإذن الله .


sondy25@gmail.com

التعليقات مغلقة.