الشيخ محمد حسن.. ملح الأرض

الشيخ محمد حسن.. ملح الأرض
  • 30 مايو 2020
  • لا توجد تعليقات

عواطف عبداللطيف

رحم الله الشيخ محمد حسن أحمد الذي دخل البيوت بابتسامته الوضاءة، وعمامته الكاربة دون تناطح وبلباسه المتواضع.

خاطب القلوب، ولم يخاطب الجيوب. كثيراً ما كنت اتتبع إشراقات فتاويه وبرامجه التنويرية ومفرداته السلسة. يطل علي المشاهدين، فتنهمر الأسئلة من القرى والحواري من حبوباتنا، ومن الزوجات والصبايا، ومن المزارعين والتجار والغارمين والمغبونين من أطفال الشوارعن ومن الملتحفين السماء، ومن الغبش الميامين من بقاع الارض.

لم أسمعه يحلف باليمين الغليظ والوعيد والثبور، لم يكن يحتاج إلى أن يلوح بقوة عضلاته، بل بعلمه الشرعي الغزير. يفند إرشاداته من كتاب الله والسنة المحمدية بمفردات بسيطة، ولا يخلو حديثه من القفشات والتلميحات لتقريب المعاني، وإيصال المعلومة والفتوى الدينية القاطعة، وبقوالب التيسير، وليس التضييق.

رحم الله الشيخ الذي جاء من عظم الشعب التربال المتفقه، ولامس همومهم وأمانيهم، ويسر لهم فهم مفردات إيمانهم وحببهم لفضائل العبادات، وأنار لهم بخطبه وفتاويه دهاليز العلم الشرعي العميق، ووفق مقدراتهم العلمية وقدراتهم المعيشية، وبالأسلوب السهل الممتع من أمثال تصدق، ولو بشق تمرة، وبالتسبيح، والحمد لله العلي القدير والحلال بين والحرام بين .

الشيخ محمد أحمد كان واعظاً ورعاًن وزاهداً، تعرفهم بسيماهم من أهل التواضع والرفق وسهولة المنهج؛ لذا تبوأ في القلوب منزلةً عظيمة ومقعداً رفيعاً، وما أنْ علم الناسُ بموته وأيقنوا بذلك حتى ذُهلوا، ونفطرت قلوبهم من هول المصيبة، إذ إن العلماء هم نور في الأرض، تسير بهم الأمة في طريق الهداية والصلاح، وسوف تبكيه الزولات طويلاً لفقده الجليل، والسودان يمر بوقت عصيب، كثرت فيه الفتن والمحن، والتعارك والتنابذ بالالفاظ والايادي والتسابق للمقاعد الأمامية، وتسيد المواقف بالابتذال الرخيص، والدسائس والمكايدات السياسية، والتعصب الكريه الذي أثر في نفسيات الغلابة، ونخر عامة المواطنين في قوت يومهم، وملح طعامهم، وسترة أجسادهم.

رحم الله أبو الغلابة والموجوعين، فكم خففت عليهم ورطبت قلوبهم بالكلمة النصوح، وقربت لهم شعائر دين الله، وان بعد العسر يسراً، وان الدين المعاملة والخلق القويم، وسوف تبكيك الأرض التي كُنتَ تعمُرها بالركوع و السجود، كما ستبكيك السماء إذ كان لكلماتك العذبة الصادقة، وتكبيرك و تسبيحك صدىً في فضائها كدويِّ النحل ودبيب النمل لانك لم تعمل لسلطة او سلطان، وبقدر ما كنت تدعو إلى لم الشمل، ونبذ الفرقة والخلاف وتفريق كلمة المسلمين.

وأنت الذي خاطبت الحبوبات والأمهات والصبايا والصبيان، وأسست لفلسفة الصلح خير للأزواج والشركاء وأصحاب المصالح، وسيشهد لك تراب الأرض والقرى والحلال، التي طفت بين ربوعها تنشر العلم والنور والهداية؛ مُحتسباً الأجر عند الله. سيبكيك أهل الخلاوي والألواح؛ لانكً علّمتهم العلم الشرعي، وحفظ كتاب الله؛ ليعبدوا الله على بصيرة، و يتعاملوا فيما بينهم على شرعه بلا ضرر ولا ضرار .

خالص العزاء لأسرته ومحبيه في فجاج الأرض، ولا نقول غير “إنا لله وإنا اليه راجعون “. و سيظلُّ العلم محفوظاً ما دام الكتاب والسنة محفوظين بحول الله وقدرته.
عواطف عبداللطيف
اعلامية وناشطة اجتماعية مقيمة بقطر
Awatifderar1@gmail.com

التعليقات مغلقة.