شماعة ( كله من العسكر )

شماعة ( كله من العسكر )
  • 08 يوليو 2020
  • لا توجد تعليقات

يوسف السندي

أكثر سؤال يدور في أذهان الجميع في الوقت الراهن في بلادنا هو سؤال إلى أين تمضي هذه البلاد؟ و كيف تنهض؟ وهو سؤال تبدو الاجابة عليه في هذه اللحظة معقدة جدا وصعبة ، بيد انه لم يكن كذلك أيام المواكب، فالجميع ظن أن هذه البلاد أزمتها في الإنقاذ وان سقوطها سيحول البلاد بين ليلة وضحاها للأفضل، لم يكن أكثر المتشائمين يتوقع ما آلت إليه الأوضاع الآن في بلادنا من غلاء وانعدام للدواء والغاز والبنزين والخبز والخ ، لا يمكن استبعاد أثر فيروس كرونا عن هذه الأوضاع، ولكنه ليس كافيا لكي تصل البلاد إلى هذه النقطة المنحدرة .

الشعب توقع على الأقل ان لم تتحسن الأوضاع بعد انتصار الثورة فهي لن تزداد سوءا ، ولكن ما حدث هو العكس ، كل يوم تنحدر البلاد مجددا نحو الهاوية، ولا أثر لأي محاولات يظهر في الأفق من أجل انتشال البلاد من هذه ( الحفرة ) . الخاملون بالطبع لم يتلفتوا لايجاد شماعة يخدرون بها أنفسهم ومن هم حولهم اذ يرمون كل الفشل على العسكر ، كلما ظهرت مشكلة اقرب شماعة لهم هي لوم العسكر، اذا قفز الدولار فالعسكر هم السبب ، اذا تعثر السلام فالسبب هم العسكر ، اذا انقطعت الكهرباء فالعسكر هم السبب ، اذا فشل وزير الصحة فالعسكر هم السبب ، اذا وقع طلاق في قرية نائية فربما ظن البعض أن للعسكر دور في هذا الطلاق وان الإمارات هي من اوحت لهم بخطورة هذا الزواج على مستقبل السودان !! هذا تهريج وعبث وضلالة يتولى كبرها بعض الذين رفضوا التوقيع على الوثيقة الدستورية ثم لم يخرجوا من قحت وظلوا خميرة عكننة أثرت في روح الشراكة وأثرت في تبادل الثقة المطلوب بين المدنيين والعسكر كشركاء لا كأعداء، فالجميع في نهاية المطاف هم أبناء الوطن الواحد .

في علوم الإدارة تماسك الفريق والثقة بين افراده هي أهم عوامل نجاحه ، دعوني اصارحكم، الفريق الذي يحكم السودان الان غير متماسك ،كذلك الفريق الذي قاد الثورة وهم قوى الحرية والتغيير غير متماسك ، الشعب وحده في الميدان وهو لا يدري ماذا يفعل ، حتى قادته من لجان المقاومة لم يسلموا من الاختراق السياسي ، المحصلة بوضوح أن هناك خللا عظيما في الشراكة، هناك شركاء داخل قوى الحرية والتغيير لا ينشطون إلا في الهدم ، هناك وزراء لا يجتهدون الا في التدليل عبر صفحات وزاراتهم على انقسام الرؤى داخل الحكومة ويتحدون بعضهم بعضا ويقدمون الحكومة في اسوأ صورة للجماهير .

الحكومة الانتقالية تواجه وضعا صعبا ، أوله الوضع داخل هياكلها وداخل حاضنتها السياسية ، مطلوب فورا عمل تعديل وزاري يطيح بجميع الوزراء الفاشلين ودعم الحكومة بدماء جديدة ، مطلوب عقد المؤتمر التدوالي لقحت بسرعة وإعادة صياغة تماسكها او الوصول إلى طريق مسدود يفتح الباب لحمدوك لكي يواصل منفردا او يفتح الباب لانشقاق جديد في قحت على طريقة تجمع المهنيين بسبب الرؤية السياسية، فهناك تيار يعتبر الثورة انتصرت وحان أوان العمل والإنجاز، بينما يتوقع تيار آخر بأنها لم تسقط بعد ويجب أن( تسقط تالت ) .

ليس صعبا ان ننهض كما نهضت دول متعددة من الحضيض إلى القمة، ولكن تلزمنا اولا الشجاعة في اتخاذ قرارات الإقالة للوزراء الفاشلين وتعيين وزراء مستقلين ، تعيين المجلس التشريعي، وتعيين الولاة المدنيين ، يلزمنا رغم تعدد الاعراق اهتمام جميع السكان بنهضة بلادنا وبترك خلافاتنا جانبا ، الأحزاب والكيانات السياسية والمهنية يلزمها تحالفا متماسكا خلف نهضة السودان يتناسون فيه خلافاتهم ، اذا طبقت هذه الوصفة بالتأكيد سوف نخرج من الحضيض إلى النور.


Sondy25@gmail.com

التعليقات مغلقة.