نحاس الهول

نحاس الهول
  • 12 يوليو 2020
  • لا توجد تعليقات

رباح الصادق


تتردد أبيات محمد المهدي المجذوب في نعي والدك، في نعيك:
قد مات مهدي الورى ميتة ثانية في وقدة الثورة

وتتكرر صورة الحزن المجنون ذاتها:
يا بقعة المهدي أم الوطن دق نحاس الهول ملء الزمن
فقيّدي الأفراس مجنونة وهيئي القبر وهاتي الكفن
يقول ابن أخيك الصادق: (انتقلت إلى رحمة الله عمتي الحبيبة التقية، النقية، العالمة، العاملة باجتهاد في نصرة كيانيها الدعوي والسياسي، المجسدة اسماً وفعلاً لبنوة الإمام عبد الرحمن عليه الرضوان).

تقول اختك نون باكية: (إنها ابنة الإمام عبد الرحمن الوحيدة، هي هو، فلتدفن في القبة).

يقول الناس أجمعون: هي الأشبه شكلاً ونهجاً بأبيها..
وأقول.. أنت زحمة نعم، سماك أبوك صالحة، ثم عاد فسماك إنعام، فكان لك من الاسمين كل نصيب.

بذهابك اليوم ذهب الإمام عبد الرحمن محيي الدين ومهندس الاستقلال، فقد كان وجهك تأنيثاً لوجهه، وقلبك يحمل الإيمان الراسخ ذاته ولسانك يلهج بالقول الرصين، بذهابك ذهبت مرة ثانية أمي آمنة بت فرج الله، أمك المرأة الصادقة المستقيمة ذات العقل الراجح والحضور المحبوب. ونفذت وصيتك ان ترقدي الي جوارها في مدافن مسجد الهجرة.

بذهابك ذهبت من جديد أمي سارا، ابنة أختك التي كانت مثلك منذ الطفولة، وقد قلت لي: سارا ابنة أختي ولكنها كانت كأختي الكبرى، أمي كانت تحبها وتحترمها ومنذ صغري لا تتركني أذهب إلى أي مكان إلا إذا تأكدت أن سارا ذاهبة. فجمعكما رباط المحبة الوثيق وكنت تشبهينها في سمتك ورزانتك وخفة الروح والبسمة المنيرة، والزي الأنيق، كنت كلما لا قيتك بعد رحيلها أضمك ملياً وأقول لك: إني فيك أرى أمي يا أمي.

ولكن الحب لأمي إنعام قديم قدمي، فمنذ صباي إذا ذهبت إليهم بودنوباوي كنت أعجز عن القيام عنها، وأقول لها: كل ما جئتكم يا أمي أجدني “اتلصّق، واتلصّق”. نهج تكرر كل مرة حتى آخر لقاء قبل بضعة شهور، لو كان بالود لما صرفتني من جنبها ثانية، ولا اخترت الفراق.

أمي إنعام، إنا لا نزكيك على الله، ولكنا نشهد أنك كنت لامة لخيرات الروح صارفة لأمراض النفس، مثلاً للصلاح والمحبة الصافية والصدق والموضوعية والوطنية والبذل والعطاء تمنحين الماعون للمحتاج، وتعطين من روحك السمحة وطلاقة وجهك وطيب منطقك ما يفك ضيق الصدور، تتصدقين بالادام وبالابتسام، بالملموس وبالمحسوس، وتمنحين الاحترام.فكأنما أنت أبوك حينما رثاه العباسي فقال:
إن يدفنوك فلا والله ما دفنوا إلا المروءة والإحسان والأدبا
أو قال:
يهتز بشراً فيبدو في طلاقته كالورد طل فحياه نسيم صبا

طبت يا امي وطاب مقعدك عند مليك مقتدر.

اللهم أحسن وفادتها وعل مراتبها، ولا تفتنا بعدها، وأحسن عزاء أبوي الشيخ ونوار ونون وعائشة وعبد الرحمن وخديجة وإيمان وعبد الله وعمي عبد الرحمن والأحباب د. أبو شوك، وأبو هريرة ود. أحمد والناجي، ورندة، وأحسن عزاء أحفادك، وابن أخيك وإمامك النعمة، وعزاء كل أسرة الإمام عبد الرحمن المهدي، وكل كيان الأنصار وحزب الأمة، والوطن وأهله، فقد فقدوا ركناً ركيناً، وآذنوا بسموم مقيم، ولا إله إلا الله ولا حول ولا قوة إلا بالله، وإنا لله وإنا إليه راجعون.

الوسوم رباح-الصادق

التعليقات مغلقة.