لتنزيل التحول الديمقراطي في المجتمع

لتنزيل التحول الديمقراطي في المجتمع
  • 19 أغسطس 2020
  • لا توجد تعليقات

نورالدين مدني أبوالحسن

حالت ظروف خاصة دون مشاركتي في الندوة الإسفيرية التي نظمها مركز سوداناب الثقافي بسدني مساء الخميس 13 أغسطس الجاري التي تحدث فيها الدكتور حيدر إبراهيم، لكنني حرصت على  الاستماع إليها عبر التسجيل الذي بُث في موقع المنبر بالفيس بوك.

لن أتوقف عند عنوان الندوة الذي تحفظت عليه فيما بيني وبين نفسي،  لكنني قدرت المبرر الذي أوضحه الدكتور حيدر  في بداية الندوة لإختياره عنوان”لماذا تأخر السودانيون، وتقدم غيرهم؟”، وأنتقل معكم مباشرة لمضمون الرسالة الأهم التي أراد الدكتور حيدر توصيلها لأهل السودان، بعد أن استعرض العوامل التاريخية والآنية التي أقعدت بالسودانيين عن التقدم الذي ينشدونه.

أعجبني تأكيده أنه ليس متشائماً خاصة في هذه الظروف التي تزداد فيها حملات التخذيل والتشكيك في إمكانية تحقيق تطلعات الشعب المشروعة في السلام والعدالة والحياة الحرة الكريمة، بعد ان  أسقط النظام البائد.

أعجبني أكثر طرحه المتقدم لمفهوم التحول الديمقراطي الذي ربط بينه وبين أهمية تجاوز حالة الركود التاريخي  بسبب عدم التواصل الإيجابي والتقاطعات والانقلابات العسكرية، للانتقال عملياً لعصر النهضة.

أوضح بعض الأسباب التي ساهم فيها الاستعمار الإنجليزي باحتضانه الإدارة الاهلية والطرق الصوفية وتأسيس طبقة “الأفندية” التي لم تنجح في أداء دورها الأهم في تحقيق النهضة بالسودان.

انتقد تجربة استغلال الدين في التمكين للسلطة رغم أن التدين السوداني أصيل وسابق لوجود سلطتهم، وقال إن الطريق القويم لقيام حكم مدني ديمقراطي يستوجب عدم إقحام الدين في الصراع السياسي، كما انتقد طرح العلمانية النظري وانتقد استمرار النعرات العنصرية واستغلال مطالب أهل الهامش المشروعة في الصراع حول السلطة والثروة الأمر الذي تسبب في استمرار النزاعات والحروب الأهلية.

أوضح أن التحول الديمقراطي لا يعتمد فقط على الحراك السياسي إنما لابد من حراك ثقافي يتغلغل في كيان المجتمع ليحوله بالفعل إلى مجتمع ديمقراطي يتقبل الآخر بكامل حقوقه بعيداً عن الاستعلاء والوصاية  والشوفونية التي يدعي بها البعض أنهم أفضل الناس.

هذا المجتمع الديمقراطي يقوم على قاعدة الإنسان السوداني الديمقراطي المنتج الذي لا يكون همه التطلع للسلطة بل الاهم عنده ان يسعى للعمل المنتج كل في مجاله من اجل تطوير وتنمية وتقدم السودان. 

قال الدكتور حيدر إن من أسباب انتشار الفساد و المحسوبية ثقافة الأفندية “كون نفسك” و”ان فاتك الميري اتمرغ في ترابه”، لذلك فهو يرى أن المطلوب ليس سودان جديد إنما بناء الإنسان السوداني الديمقراطي المنتج، وهذا يتطلب تكثيف الاهتمام بالثورة التعليمية لبناء البشر وتعزيز قيم وممارسات الديمقراطية في حياتنا العامة، وتعلية قيمة العمل والإنتاج من أجل نهضة السودان وتقدمه. 

تحية مستحقة للدكتور حيدر إبراهيم الأحرص على  المشاركة عملياً في دفع الحراك الثقافي والمجتمعي في السودان والتحية موصولة لأسرة منبر سوداناب الثقافي بسدني وللأستاذ بكري جابر راعي المنبر والأستاذ عبدالله الفاتح الذي قدم الندوه وأدارها ولمهندس الصوت الفنان راشد أنور، ولكل من  أسهم في جعل مثل هذه الندوات الإسفيرية ممكنة.


التعليقات مغلقة.