مشروع قانون الحكم اللامركزي يفارق الدستورية وروح الثورة(2)

مشروع قانون الحكم اللامركزي يفارق الدستورية وروح الثورة(2)
  • 22 أغسطس 2020
  • لا توجد تعليقات

المستشار البشرى عبدالحميد

وصلاً لمقالنا السابق نتناول اليوم ما ورد بقانون تنظيم الحكم اللامركزي والعلاقات بين أجهزته لسنة 2020م  نتناول اليوم ما ورد في القانون من أحكام حول مستويات الحكم اللامركزي وقسمة السلطات والاختصاصات بين مستوياته الثلاثة.

نصّتالمادة (3) من القانون بأن مستويات الحكم اللامركزي تتكون من المستوى الاتحادي والمستوى الولائي والمستوى المحلى وهي ذات المستويات المنصوص عليها في المادة (9) من الوثيقة الدستورية لسنة 2019م، لذا لا أرى سبباً لتكرار النص الدستوري ذاته في القانون، وما كان لذلك أن يحدث لولا اتجاه نية معدي القانون لشمولية القانون للمستويات الثلاثة؛ بغرض خلط الأوراق وتمكين المركز ممثلة في المستوى الاتحادي لتضييق الواسع في ممارسة اللامركزية، ومحاولات فرض الهيمنة على الحكم الولائي عن طريق اللجنة العليا لتنسيق الحكم اللامركزي، ولجنتها التنفيذية برئاسة وزير الحكم الاتحادي حسبما ورد في القانون.

  وفي إطار قسمة السلطات بين مستويات الحكم اللامركزي نصت المادة (4) (1) على أن تكون ممارسة الاختصاصات والسلطات التي بحددها القانون، وبدلا من القيام بإصدار تشريع قانون لكل مستوى على حده كما حددته الوثيقة الدستورية جمع مشروع القانون في تداخل غير حميد نصوص تحديد اختصاصات وسلطات المستوى الاتحادي تشريعا وتنفيذاً؛ مستثنياً من ذلك الاختصاصات الحصرية الولائية المنصوص عليها في الجدول (أ) الملحق بالقانون.  

نص القانون أيضاً على ممارسة الحكم الولائي تشريعاً وتنفيذاً الاختصاصات الحصرية الواردة في الجدول (أ) شريطة الا تتعارض مع القوانين الاتحادية.  أما الاختصاصات المشتركة التي تتم ممارساتها بين المستويين الاتحادي والولائي فقد وردت في الجدول (ب) دون أية اشارات أو آلية للكيفية التي ستتم بها ممارسة هذه المهام المشتركة بما يمنع حدوث خلافات وتقاطعات تتصل بالممارسة العملية.

 أما ممارسة الاختصاصات والسلطات المتصلة بالحكم المحلي فقد ترك أمرها لقانون الحكم المحلي أو أي قانون آخر شريطة الا تتعارض مع أي فوانين اتحادية أو ولائية وهذا أمر جيد. لا شك من أن الخلط في الأحكام القانونية بين مستويين من مستويات الحكم مع عدم وجود خطوط واضحة تفصل بين الاختصاصات والسلطات لكل مستوى بشكل دقيق بجانب مخالفتها لنصوص الوثيقة الدستورية ستشكل عقبة كأداء في تطبيق الحكم اللامركزي.

 ومن الأمور التي لم تتم معالجتها بالوضوح المطلوب طريقة تكوين الحكومة الانتقالية الولائية التي تتكون من الوالي ونائبه وأعضاء الحكومة الانتقالية، وجاء تعريف (الحكومة الانتقالية بالولاية) في المادة (2) تفسير بأنه يقصد بها (الحكومة الانتقالية المنصوص عليها في المادة (10)، وبالرجوع للمادة لا نجد تفسيراً لمعني الحكومة الانتقالية إذ إن نص المادة يتحدث عن تعيين الوالي لنائبه، وأعضاء الحكومة من المكونات الاجتماعية بالولاية، وألا يتجاوز عددهم سبعة أعضاء وذلك بالتشاور مع الوزير.

إن طريقة تكوين الحكومة الولائية بالشكل الوارد في القانون يشوبه الغموض، ويتسم بمجموعة من العيوب الدستوريةوالقانونية  تتلخص في تكرار عبارات  (أعضاء الحكومة)  و(الحكومة التنفيذية ) في عدد من مواد القانون دون تعريف دقيق لها؛ لذا يصبح غير مفهوم ما إذا كانت الحكومة هي مجلس للوزراء أم شكل آخر من أشكال الترتيب الإداري، الذي كان من الواجب توضيحه منعاً للالتباس.

كما أن الإشارة إلى تكوين الحكومة من المكونات الاجتماعية دون تعريف لتلك المكونات بالصيغة التي وردت في الوثيقة الدستورية لسنة 2019م يفتح الباب أمام الاجتهادات الشخصية التي قد تشكل مدخلاً للخلاف بين المكونات الاجتماعية، وتأزيم الوضع الاجتماعي والموقف السياسي في الولاية.

 أما النقطة المهمة التي تشكل مخالفة للوثيقة الدستورية فهي النص الخاص بالتشاور بين الوالي والوزير في اختيار الحكومة الانتقالية، ذلك أنه وبحسب التعريف الوارد في المادة (1) تفسير من القانون، فإن المقصود هنا هو وزير الحكم الاتحادي، لذا فان منح هذه الصلاحية لوزير الحكم الاتحادي أمر لا يستقيم دستوراً، إذ إن مرجعية الوالي هو رئيس الوزراء الذي يقوم بتعيينه، والمسئول عن أدائه، وليس وزير الحكم الاتحادي؛ لذا يجب أن يكون التشاور في اختيار أعضاء الحكومة بين الوالي ورئيس الوزراء وليس وزير الحكم الاتحادي 

يتبع

التعليقات مغلقة.