هل حان اوان الاستماع لنصيحة رئيس تونس؟

هل حان اوان الاستماع لنصيحة رئيس تونس؟
  • 09 أكتوبر 2020
  • لا توجد تعليقات

يوسف السندي

في يونيو ٢٠١٩ قدم الأستاذ المنصف المرزوقي رئيس تونس بعد الثورة التونسية نصيحة للثوار السودانيين قائلا ( لا تطيلوا الفترة الانتقالية أكثر من أربعة أشهر ، لأن الانغماس في الإصلاحات السياسية ينتج عنه إهمال للجانبين الاجتماعي والاقتصادي). لم يهتم احد وقتها بنصائح المرزوقي، فالجميع كان مشغولا بلذة الانتصار على المخلوع، الجميع في نشوة وظنوا ان المرزوقي ( بيحلم ) وان الشعب السوداني المعلم قادر خلال الفترة الانتقالية على ترتيب كل شيء في السياسة والاقتصاد والاجتماع. مضى الان ١٦ شهرا على كلام الأستاذ المرزوقي، غطى فيها السياسي على الاقتصادي وأصبح الشعب في الطرقات يتسول الرغيف، وصدقت نبوءة المرزوقي.

يوم ان ارسل المرزوقي نصيحته للشعب السوداني عبر قناة الجزيرة، كان الرد الأساسي عليها وقتها ان طول امد الفترة الانتقالية هو لتفكيك التمكين الكيزاني، ولكن حتى في هذه فشلنا، فلجنة تفكيك التمكين تحولت من لجنة تفكيك إلى مهديء للاعصاب يستخدم لاراحة اعصاب الثوار بين فترة واخرى بقائمة من الأراضي المسروقة والعقارات والشركات المنهوبة وبعد ذلك لا شيء، والمؤسف الاكبر ان التمكين الذي من المفترض ان تحاربه اللجنة في الكيزان، تسرب من خلفها بأسماء جديدة ولافتات جديدة، حتى أصبح المشهد ينبيء باستبدال تمكين بتمكين جديد.

ملف التمكين الجديد لم يعد إتهاما ولا سرا بل صار واضحا للجميع، نظرة واحدة على معظم الوزارات تأتيك بالخبر اليقين، تمكين فاضح، اذ لم نسمع حتى الآن عن عرض لوظائف قومية في الوزارات والسفارات والمؤسسات ومكاتب الحكومة، كل شيء يتم في السر بعيدا عن الجماهير عن طريق التعيين، وعن طريق أصحاب أصحاب وشلتي وشلتك وحزبي وحزبك، الا ما رحم ربي، بل وصل التمكين حتى واجهة الثورة البريئة – تجمع المهنيين، اخترقوه بالتمكين الاحمر، وحولوه لمجرد لافتة خجولة عاجزة وكسيحة لاسم كان يهز ويرز في شارع الثورة السودانية.

لم يعد احد يسمع لنداءات الوطنية وتقديم الوطن على الحزب وتقديم العام على الخاص، كل شيء براق اظهرته الثورة يندثر رويدا رويدا مع تطاول امد الفترة الانتقالية، حيث يطغى السياسي الانتهازي على الاقتصاد، وترتفع بحجة الثورة طبقة جديدة من التمكينيين الجدد
لموقع طبقة الكيزان، ويصبح كل ما في الأمر دائرة جهنمية ندور في فلكها، ونستبدل قيصر بقيصر اخر، ونخسر فقط دماء وشهداء، وهو المشهد الذي صوره بصدق الشاعر امل دنقل حين قال :
لا تحلموا بعالم سعيد
فخلف كل قيصر يموت، قيصر جديد
وخلف كل ثائر يموت
احزان بلا جدوى، ودمعة سدى

بلغت هذه الحكومة الانتقالية حدها، لم يعد لديها ما تقدمه، فهلا استمعنا لنصيحة الرئيس التونسي وأعدنا الأمر لصاحب الأمر وهو الشعب ، ليختار حكامه بنفسه؟ هل قمنا بهذه الثورة الا من أجل ان يكون الشعب سيد نفسه وهو من يختار حكامه؟ اذا لماذا لا نستمع لنصيحة رئيس الثورة العربية الوحيدة الناجحة حتى الآن وهي ثورة تونس؟! لماذا نرفض استبدال حكومة التعيين بحكومة منتخبة؟ من أين جاءنا الخوف من إعادة الأمر للشعب؟ لماذا نظن أن هذا الشعب قاصر وإذا اعطيناه الأمر جاء بالكيزان؟! هل أسقط الكيزان الا الشعب؟ اذا لماذا فرض الوصاية عليه؟! أعيدوا الأمر للشعب ولن تندموا، دعوه ينتخب حكومته بنفسه، كلما واصلنا في درب حكومات التعيين كلما زدنا الشعب انقساما وزدنا الاقتصاد انهيارا، وكنا اقرب من اي وقت مضى لشمولية جديدة، بينما الحكومة المنتخبة ستكون أكثر قدرة على معالجة أمر الاقتصاد من حكومات التعيين، وفوق ذلك ستقوي الوحدة وستستمر في ظلها قضايا محاربة النظام القديم وإحلال السلام ولن تتأثر بالتحول الانتخابي، فهل نحن مستعدون؟!

sondy25@gmail.com

التعليقات مغلقة.