الذهب والصادرات والمغتربون

الذهب والصادرات والمغتربون
  • 04 فبراير 2021
  • لا توجد تعليقات

يوسف السندي

يعلم الجميع ان نسبة نجاح الحكومة القادمة ضئيلة، والأحزاب السياسية التي ستشارك في الحكومة تعلم هذه الحقيقية ورغم ذلك ( دقت صدرها) للمشاركة فيها، وهو موقف يمكن أن يحسب تهور ومن جهة اخرى قد يحسب شجاعة ووطنية بالتصدي لأزمة البلد. الحكومة الجديدة إن أرادت النجاح عليها الإسراع في معالجة التشوهات والأزمات الاقتصادية التي تمسك بخناق البلد، ويجب أن تستفيد في ذلك من قرار رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للارهاب وعودته للسوق المالية العالمية.

هناك ثلاث ملفات لو أحسنت الحكومة القادمة التعامل معها قد تستطيع العبور، أولها الذهب، يرقد السودان فوق كنوز من الذهب الاحمر، المستخرج السنوي من الذهب في السودان في اعوام سابقة قدر بما لا يقل عن ٦ مليار دولار سنويا، ولكن أكثر من ٧٠% من هذا المبلغ لا تدخل إلى الخزينة العامة للدولة، ولا تمر عبر بنك السودان المركزي، حيث يتم تهريب الذهب بطرق غير قانونية، عبر شبكات إجرامية منظمة ونافذة، وتفقد البلد بذلك أموالا طائلة، معالجة ملف الذهب سيوفر رصيدا ضخما وسهلا للحكومة القادمة.

ثاني الملفات هم المغتربون، قدرت تحويلات المغتربين السودانيين في آخر سنوات المخلوع البشير بمبلغ أربعة مليارات دولار سنويا، وهو مبلغ ضخم، ولكنه لم يكن يمر عبر الجهاز المصرفي الرسمي نتيجة توقف التعاملات المصرفية العالمية مع مصارف السودان لوجوده ضمن قائمة الدول الراعية للارهاب، هذا المبلغ كان يمر عبر تجار العملة والسوق السوداء الذين كانوا ينشطون تحت حماية نافذين فاسدين في سلطة البشير، هذا التشوه الاقتصادي مازال موجودا، ويجب معالجته من أجل الاستفادة من مرور هذه الأموال الضخمة عبر الجهاز المصرفي الرسمي، فالآن خرجت من قائمة الدول الراعية للارهاب وتستعيد في علاقتها الاقتصادية الطبيعية مع العالم، وبدأت النوافذ المغلقة بين البنوك السودانية والبنوك العالمية تفتح، الحكومة القادمة عليها الاستفادة من هذه الخطوات لمحاربة فساد تجارة العملة وجذب هذه المبالغ للسوق الرسمي، وسيمثل هذا اختراقا اقتصاديا عظيما اذا حدث.

ثالثهم حصائل الصادر، الفساد والتلاعب الكيزاني في حصائل الصادرات السودانية في آخر سنوات الانقاذ قدر بانه أفقد البلاد سنويا ما لا يقل عن ثلاث مليارات دولار، في عام ٢٠١٨ لم يتحصل بنك السودان الا على أقل من ١٠% من حصائل الصادر مع أن المعلومات كانت تشير الى وجود أكثر من ٤٠٠ شركة تصدير واسم تجاري في قطاع الصادرات!! ضبط قطاع الصادرات وتحصيل حصائل الصادرات اولا بأول سوف يوفر موردا ثابتا وعظيما من العملة الصعبة لخزينة الدولة، الحكومة القادمة عليها الاجتهاد في هذا الملف، وعليها الاستفادة من المواد الخام السودانية في التوسع في تصدير المنتجات السودانية وتنويعها وتجويدها، وعليها كذلك الاجتهاد في خلق سوق سودانية عادلة للمنافسة التجارية لا يسيطر عليها حزب او شخص أو جماعة، فهذا من شأنه رفع قيمة الصادرات وجذب الاستثمارات ودخول البلاد في عالم المال والتجارة الضخم.

هذه ثلاثة ملفات فقط من ملفات اقتصادنا، لو احسنت إدارتها من قبل حكومة القادمة سوف تحدث نقلة ممتازة وتزيد من فرص نجاح الحكومة، هناك عشرات الملفات الناجحة مثل الزراعة والثروة الحيوانية والسمكية والمعادن الأخرى والميناء والموقع الجغرافي المتميز للسودان والسواعد الشابة التي تمثل حوالي ٦٠% من سكان البلد، كلها ملفات تنتظر من الحكومة القادمة ان تحسن ادارتها وتنتبه لها وتبتعد عن الصراع السياسي المكلف وتتوحد من أجل العبور بالسودان.


sondy25@gmail.com

التعليقات مغلقة.