هل نجحت ثورة ديسمبر ام فشلت؟

هل نجحت ثورة ديسمبر ام فشلت؟
  • 18 مارس 2021
  • لا توجد تعليقات

يوسف السندي

سيظل هذا السؤال مطروحا باستمرار في الوقت الراهن وفي السنوات القادمة في السودان، وستكون الاجابات عليه متعددة ومتنوعة بتعدد المجيبين وانتماءاتهم وتنوع فكرتهم عن الثورة وأهدافها، ولكن في كل الأحوال سيتفق الجميع على أن سلطة البشير التي كانت تحكم قد نجحت الثورة في ازالتها، وأن وجود البشير ومن معه من قادة ذلك النظام في السجون ليست تمثيلية ولا حلم يقظة وإنما حقيقة ماثلة امام الجميع، وأن الشمولية بوصفها الاستبدادي الذي كرسته طغمة الإنقاذ قد انتهت وولت. اتفاق الجميع على هذه الحقائق هو دليل نجاح الثورة في أحد اهدافها المهمة والرئيسية وهو الاطاحة البشير وزمرته ووضع حد للشمولية الكيزانية وانفرادها بالسلطة دون غيرها من أبناء السودان.

بالطبع هناك من يظنون أن البشير مازال حاكما عبر ما اطلقوا عليه اللجنة الأمنية لنظام البشير، ويقصدون بذلك المجلس العسكري السابق وقادة الأجهزة العسكرية والأمنية والشرطية، بيد أن هذا الحكم ساذج وطفولي وغير مستساغ ولا يمكن تبريره الا بأراء فطيرة لا تصمد أمام الواقع الماثل الذي يقبع فيه البشير وزمرته في السجن يحاكمون محاكمات علنية امام الجماهير، ويرى الجميع الذلة والصغار الذي يتلبس المخلوع ومن معه وهم داخل القفص وأمام القضاء بعد أن كانوا لثلاثين سنة سادة القضاء والخصم والحكم والامرين الناهين بقبض الآخرين.

ومن عجب أن أصحاب فرية اللجنة الأمنية لم يقفوا عند حد اللجنة الأمنية بل تعدوه ليصلوا حتى النائب العام، إذ يواجه النائب العام حملة منظمة من أجل إجباره على ضرب القانون بالحائط وابتداع قانون جديد يرضي غرور الساديين والانتقاميين الذين يظنون انهم ارباب الثورة الذين لا يأتيهم الباطل من بين أيديهم ولا من خلفهم في فهم اهداف الثورة، هؤلاء المساكين الساذجين، حين كانوا في المعارضة أيام الانقاذ كانوا يصرخون صباح مساء مطالبين بحكم القانون والحريات، واليوم بعد ان استدار الزمان وقضى الله بقوله (وتلك الأيام نداولها بين الناس) وجاءهم الحكم، ها هم أولاء يحاججون ويحتجون كيف لا يشنق هؤلاء ويذبح أولئك، بلا شرعة من قانون ولا حرية!! فانظر كيف تبدل القوم وتغيرت ملامحهم وانقلابوا من الضد إلى الضد!!

الثورات لا تنجح بالانتقام، ولا تصنع تغييرها عبر الممارسات التسلطية من قتل وسجن وفصل وسحل، وإنما عبر افرازاتها القيمية والاخلاقية، هذا هو الميدان الذي يمكن عبره تقييم نجاح الثورة من فشلها، فالزج بالناس في السجون واقصاءهم عن السلطة والأنفراد بالقرارات المصيرية في البلد هي أخلاق الشموليين، اذا طبقتها الثورة فهي ثورة فاشلة ولا فرق بينها وبين الدكتاتورية التي أطاحت بها، بينما مرحى بالثوار الذين يرسون أخلاقيات جديدة ويدافعون عن حق الآخرين قبل حقهم ويصنعون تغييرا قيميا حقيقيا لا كاذبا، فهؤلاء هم الثوار الحقيقيون أصحاب المشاريع التغييرية الناجحة.


sondy25@gmail.com

التعليقات مغلقة.