العلمانية ليست كما يقولون

العلمانية ليست كما يقولون
  • 05 أبريل 2021
  • لا توجد تعليقات

يوسف السندي

كلما رفضنا العلمانية قال لنا العلمانيون ان تركيا مهد الدولة العثمانية علمانية!! هؤلاء ينسون أن علمانية تركيا فرضت قسرا بواسطة اتاتورك ولم تنهض من صلب المجتمع التركي، الجيش التركي بقيادة أتاتورك ورغم حربه لتحرير تركيا من الحلفاء، الا انه وقع فريسة لثقافة الحلفاء أنفسهم وحول دولته التي كانت تهابها أوربا من اقصاها إلى أقصاها إلى مسخ مشوه من حضارة الاوربيين العلمانية، ولا اظن ان مواطنا تركيا علمانيا اليوم في اي بقعة من تراب تركيا يستطيع أن يتفاخر امامي بتاريخه التليد الذي صنعته دولة العثمانيين تحت راية الاسلام، فالذي ضيع هويته التاريخية لا يحق له الفخر بها ولا الانتماء إليها.

العلمانية القهرية التي تفرض بالبندقية لا فرق بينها وبين الدولة الدينية التي تفرض بالانقلاب او الحرب، لا فرق الآن عندي بين الحلو والبشير، فالحلو يريد فرض العلمانية عبر سلاحه والبشير فرض الدولة الدينية عبر سلاحه، لذلك ان كان ثمة علمانيين ذوو عقل ومباديء فعليهم أن يرفضوا العلمانية القهرية التي ستأتي على طريقة بندقية الحلو، فالذي يقبل بالعلمانية التي تأتي بالسلاح ليس سوى دكتاتور ولا فرق بينه وبين الكيزان.

يجتهد العلمانيون في تصوير العلمانية وكأنها ملاك الرحمة ونور المستقبل والرفاه والسعادة، وهم كاذبون، لو كانت العلمانية رحمة لمنعت هتلر من اغتيال ملايين البشر حول العالم، ولانقذت ضحايا الدكتاتور ستالين والسفاح موسليني، كل هؤلاء كانوا يحكمون باسم العلمانية، وهم أسوا النماذج لرؤساء بشر مروا عبر تاريخ العالم، الرؤساء السفاحين الذي حكموا باسم الدولة الدينية لم ينتهكوا ربع انتهاكات الرؤساء العلمانيين ولم يقتلوا ربع ما قتلوا، وبعد هذا هناك من يأتيك مبتسما ليقول لك ان العلمانية تعني الحياة والنجاة من الموت!

يصر العلمانيون على تصوير العلمانية بأنها الطريق الأكيد للرفاه الاقتصادي والاكتفاء الذاتي، وينسون ان بجانبهم مباشرة دولة تشاد العلمانية التي تغرق في الفقر والمرض! لو كانت العلمانية تقود إلى التطور الاقتصادي فلماذا لا تتطور تشاد، لماذا لا تتطور دولة جنوب السودان، لماذا لا تتطور دول أفريقيا جنوب الصحراء ومعظمها دول علمانية؟ لو كانت العلمانية صنو للتطور والرفعة الاقتصادية فلماذا تغرق أفريقيا العلمانية في الظلام؟!!

العلمانية مرفوضة بصفة خاصة في الدول المسلمة لسبب جوهري وهو ان العلمانية حين تطرد الدين الاسلامي من الدولة تفتح الباب بالمقابل للالحاد والتفسخ والانحلال الاخلاقي، وهذا ليس سرا، راجع صورة تركيا العلمانية الآن وتركيا قبل العلمانية، وحدثني عن الانحلال والتفسخ، بالطبع الكثيرون يعتقدون أن الانحلال هو حرية شخصية، وهؤلاء ليس سوى مقلدين للغرب، مستلبين حتى النخاع، يظنون أن سبيلهم الوحيد للنهضة هو تقفي آثار الغرب ولو دخل الغرب جحر ضب لدخلوه، يريدون فتح البلاد للشواذ والمثليين تحت دواعي الحرية الشخصية والمساواة، وهذا تعدي على الأمة وتدينها واخلاقها التي قامت عليها الدولة السودانية منذ وجدت، ام ان هناك من يعتقد أن الدولة السودانية كانت ماجنة وفاجرة ويريد أن يعيدها سيرتها الاولى؟!

خلافنا مع العلمانيين في اشياء ثلاثة: الطريقة القهرية التي يريدون بها فرض العلمانية، توهمهم بأن العلمانية ستقودنا للنهضة، واستلابهم العقلي بواسطة الحضارة الغربية للدرجة التي يوافقون فيها على مسح هويتهم التاريخية الدينية تقليدا ونسخا، فهل نحن مخطئون؟!


sondy25@gmail.com

التعليقات مغلقة.