اشياء صغيرة ..نجاحات كبيرة

اشياء صغيرة ..نجاحات كبيرة
  • 08 أبريل 2021
  • لا توجد تعليقات

ناهد قرناص



الأيام الفائتة انشغل العالم برمته بقصة السفينة الجانحة ..تلك التي خرجت عن خط سيرها المعتاد بفعل الرياح في قناة السويس ..فتوقفت في منتصف القناة ومنعت انسياب السفن ..وبالتالي توقفت الملاحة العالمية ..وارتفع سعر الشحن عشرات المرات ..لان المسار البديل سيكون عبر رأس الرجاء الصالح ..اما الذين فضلوا الانتظار فقد امتد طابور السفن حتى مدخل المحيط الهندي ..طوال هذا الوقت كان المصريون يعملون ليل نهار بالتعاون مع كل العالم لتعويم السفينة واعادة الانسياب للقناة …
شاهدت فيديو لأطفال صغار (خواجات طبعا) يتم سؤالهم عن فكرتهم لتعويم السفينة …والاجابات حسب عقولهم الصغيرة تبعث على الابتسام ….احدهم اقترح حفر جوانب القناة لتعطي متسع للسفينة ..طفلة قالت نسكب الف جالون مياه فترتفع السفينة وتتحرك ..اخرى قالت نسحبها بسلك ..سألوها من الذي يسحب ؟ قالت مليون شخص مثلا ..اصغرهم قالت نرفعها بملقاط ..الفيديو قصد منه الضحك من اجابات الصغار ..لكن الاجابات ادهشتني ..واعجبني اكثر ..ذلك المنهج الذي يسمح للطفل بالتفكير واعمال العقل ..ومنحه الثقة بنفسه لكي يشارك في حل ازمة عالمية بعقله الصغير ..
في تلك الأيام كنا نحن مشغولون بتلك الحملة التي اطلقها شاب حدث السن بجلد كل فتاة لا ترتدي زيا محتشما (حسب رأيه طبعا) ..والأسافير مشغولة والجدال محتدم ..بل وصل الامر بأحدهم ان انزل صورة له وهو يحمل (سوط العنج) ..ويهدد ويتوعد ..الطريف ان هذه الحملة لم تشتد لردع اصحاب الدراجات البخارية الذي يخطفون الهواتف النقالة ..ويهددون الامن في العاصمة ..ولا اشتدت لمحاربة السرقات التي اصبحت في وضح النهار ..
اين تكمن المشكلة ؟ اعتقد ان هناك ازمة حقيقية في تربية النشء عندنا ..لا نضع لهم اي اعتبار وهم صغار ..نتجاهل اسئلتهم ..نرفض مشاراكاتهم ..نتركهم يتلقون اغلب ثقافاتهم من الشارع والمجتمع ..وعندما تحدث الكوارث نتفاجأ ونتساءل من اين اتت هذه الأفكار؟ ذلك الشاب الذي بادر بالحملة ..هو و الذين معه كانوا يظنون انهم يحسنون صنعا ..كانت هذه مساهمته في الاصلاح حسب رأيه ..هذه مشاركته في وقت كان فيه اطفال العالم يفكرون في كيفية ازاحة السفينة ..
العهد البائد لم يتوقف فقط في تغيير المناهج الى محفوظات لا تسمن ولا تغني من جوع ..انما اجتهد ايضا في افراغ الجامعات من كل المناشط الثقافية والسياسية ..المناظرات التثقيفية ..الرحلات التعريفية ..صوروا تلك المناشط كانها الجحيم …. صارت سبة ..بسببها يتم اغلاق الجامعات اشهرا عددا ..حتى صار الأهالي يفضلون المؤسسات التعليمية التي تدرس وتفرخ الشباب دون مناشط او تنمية مواهب ..لأنها لا تؤخر تخرج اولادهم ..والنتيجة واضحة للعيان ..الفراغ الذهني الذي صار معلما للكثير من المراهقين والشباب ..
الشباب في حوجة الى ملء الفراغ …في هذا العمر في بلاد الله الواسعة ..ينتظم الشباب في الجامعات المؤهلة ..ينتظمون في اندية للرياضة ..ينضمون الى فرق تشجع الهوايات ..يدلفون الى المكتبات العامة للقراءة والمطالعة ..في كل انحاء العالم يشارك الشباب في صنع القرار ..يساهمون في بناء المجتمعات ..يفتحون نوافذا لغد افضل . …
اكثر التعليقات على مقالاتي الاخيرة ..عبارة (لقد اسمعت لو ناديت حيا) ..وانا اجيب ..لن اتوقف عن القاء بذور الزهور من نافذتي …لن يتملكني اليأس ان تصادف مطرا يوما ما . ..فتزهر قمحا ووعدا وتمني

الوسوم ناهد-قرناص

التعليقات مغلقة.