سفينة بَوْح –أياً كان وكيف ما إتَّفق ..!

سفينة بَوْح –أياً كان وكيف ما إتَّفق ..!
  • 28 أبريل 2021
  • لا توجد تعليقات

هيثم الفضل



الأربعاء ٢٨ أبريل ٢٠٢١
صحيفة الديموقراطي

إنتقد مجموعة من المُهتمين على رأسهم الأستاذ / عثمان ميرغني في مقالٍ تم نشرهُ أول أمس بصحيفة التيار ، مبدأ إنشاء جهاز أمن قومي جديد عبر تعيينات ولوائح وقوانين جديدة ، وإعتبر أن إلغاء وتجميد أعمال جهاز الأمن والمخابرات السابق ، واحدة من الأخطاء القاتلة التي وقعت فيها الديموقراطية الثانية (مارس أبريل 1985) ، من منطق أن أجهزة الأمن تحت ظل أيي نظامٍ كان ، تُعتبر مركزاً معلوماتياً ومُخبارتياً (خطيراً) وبالغ التأثير على المصالح الأمنية الإستراتيجية للبلاد في شتى القطاعات بما فيها السياسية والإقتصادية ، وأن رجل الأمن في رُتبتهُ العُليا يُعتبِّر بحسب فهمي لفكرته (كنزاً ثميناً) ليس من الحكمة (التفريط) فيه ، وأن رجال الأمن لا يتم تقييمهم عبر شهاداتهم وخبراتهم وتأهيلهم الأكاديمي بقدر ما يُقيَّمون بما يملكون من معلومات وأسرار تخُص أمن الدولة ومصالحها العُليا.

وأقول بالرغم من منطقية ما ورد في مرافعة الأستاذ عثمان ميرغني بخصوص جسامة الخطأ وحجم الأخطار التي يمكن أن تنجُم عن حل أجهزة الأمن لمُجرَّد تغيير الأنظمة السياسية بواسطة الثورات أو غيرها من سُبل التغيير المُتاحة ، إلا أن (التعمُّق) في حالتنا الإستثنائية و(الخاصة) عقب سقوط نظام البشير البائد (تختلف) إختلافاً جوهرياً عن ما يمكن أن يُقال في هذا المقام ، وذات الوضع الإستثنائي يدفعنا دفعاً لا إرادياً نحو عدم الإعتداد المُطلق بكل تلك (الإيجابيات) التي يُمكن أن تُكتسب من الإبقاء على ذلك الجهاز والإكتفاء بتعديل آلية أعماله ورؤيته ورسالته وأهدافه ، وذلك لسبب بسيط مفادهُ أن جهاز الأمن والمخابرات الوطني المحلول إبان الثلاثين عاماً التي مضت لم يكُن يحمي دوله بقدر ما كان يحمي نظاماً ثم حزباً ثم إنتهى به الأمر إلى حماية الشخوص ، وبذلك تصبح المشكلة الأساسية مُتمثِّلة في مجموعة الصعوبات و(المستحيلات) التي تُجابه إمكانية تغييرالعقلية والإستراتيجية المهنية التي كان يعمل بها جهاز الأمن والمخابرات السابق ، فعُلو التنظيم السياسي والحزبي في دواخل وقناعات الكثير من منسوبيه على مقام المؤسسية والدولة ، كان هو في أغلب الأحوال (المكوِّن) المهني الإستراتيجي لمُخطَّطات وأهداف الجهاز ، فضلاً عن كونه كان (المُحرِّك) والدافع الأسمى لكوادره في تبني أساليب وطُرق للأداء كان مُختصر وصفها المزيد من الجبروت والظلم والتعدي على الحريات والحقوق بما فيها حق المعارضين في مُجرَّد الحياة.

مُجمل منسوبي جهاز الأمن والمخابرات الوطني المحلول ، كانت مداخلهم للولوج إلى ذلك المُستنقع القذر بوابة التنظيم السياسي والولاء الآيدلوجي و(الوفاء المُطلق) لحزب المؤتمر الوطني الذي لا يتناطح عنزان في تضاد مصالحه مع مصالح الشعب السوداني وقيَّم ثورة ديسمبر المجيدة ، ومهما كان حجم المعلومات الأمنية والإستخبارية وقيمتها المُتعلِّقة بالمصلحة الوطنية ، ستظل غير قادرة على ترجيح كفة (المخاطر) التي ستنجم عن الإبقاء على ذلك الجهاز الحزبي والتنظيمي ليعيس فساداً في دولة السودان الجديد التي تستهدف بناء قيَّم الحرية والعدالة والسلام المُستدام ، كل ذلك من باب (فاقد الشيء لا يُعطيه) ، فمنسوبي جهاز الأمن الكيزاني يفتقدون التأهيل في أوجُه وفضائل مهنية عديدة أهمها الحيادية والجنوح للعدل وإحترام حقوق الإنسان والرضوخ للقانون والإجراءات التي تحفظ حقوق وكرامة السودانيين وفي مُقدتهم (مُعارضي) النظام السياسي الحاكم ، أياً كان وكيف ما إتفق.

الوسوم هيثم-الفضل

التعليقات مغلقة.