القيادات العاجزة

القيادات العاجزة
  • 19 أغسطس 2021
  • لا توجد تعليقات

يوسف السندي

الحكومات المتعاقبة فشلت في تطوير بنية اقتصادية قوية، كما فشلت في إنجاز مشاريع فعالة ومتوازنة للتعليم والصحة في مختلف انحاء الوطن، إذ كان ومازال جل ميزانية الدولة يصرف على الحرب والامن والدفاع.

وأكبر فشل لكل الحكومات المتعاقبة يظل هو تغذية الجماهير بشعور وطني ضعيف ومهتز، كثيرا ما تطور الي شعور بانعدام الوطنية وبالتمييز والاستعلاء ضد الاخر الوطني، هذا الشعور المبهم بالوطن والاحساس الخالي من الوطنية ضرب مشاريع التغيير في مقتل، وصادر كل الامال التي صنعتها الثورات الشعبية.

أس هذا الفشل يرجع بدرجة كبيرة إلى غياب الرؤية الوطنية الشاملة لدى الاحزاب والقيادات التي إستغلت السلاح للوصول إلى السلطة بدون امتلاكها لمشروع وطني حقيقي، هذه الأنظمة الشمولية استقطبت إليها مجموعات وافراد بلا قيمة ولا مؤهلات وصلوا فيها عبر الولاء والمحسوبية إلى مراتب أعلى من مقدراتهم، واصبحوا في غفلة من الزمان يتحكمون في مصير الأمة بكاملها.

التخبط السياسي الذي لازم الحكومات المتعاقبة في تبني توجهات متضاربة، تارة غربا وتارة شرقا وتارة نحو القومية او الشيوعية او الاسلامية، قاد الى الفشل الذريع في بناء الدولة السودانية النامية والمتطورة، وتعدت هذه التوجهات المتناقضة لتفخخ شعور الجماهير بقناعات ملتبسة شوهت في نظرها السياسة وألبستها أثوابا من الخداع والانتهازية.

كل هذا قاد الى تكوين خاطئ للشخصية السياسية في السودان، حيث أصبح الكل يأنس في نفسه الكفاءة لقيادة الامة، فامتلئت الاحزاب السياسية السودانية بمجموعات من الهتيفة الذين وجدوا انفسهم بين ليلة وضحاها يتحولون من مجرد أشباه سياسيين إلى قيادات حاكمة مناط بها التقرير في مصير الامة، هذا الامر لم يحدث فقط بعد ثورة ديسمبر وإنما حدث في معظم الحكومات العسكرية التي اتت برؤساء لا يصلحون للقيادة اطلاقا، فاوردوا البلاد موارد الهلاك.

في ظل هذه الهيمنة المختلة لم يستطع الكادر الوطني المؤهل الحصول على فرصة حقيقية في قيادة البلاد، وقاد هذا إلى اختلالات حرجة في ميزان النمو والتطور للدولة، وانسداد في أفق تطوير السلطة، مما دفع بالكثير من هذه الكوادر المؤهلة إلى الاغتراب او الانزواء.

هذه هي الصورة الراهنة للدولة السودانية، قيادات عاجزة ووطن فاشل، صورة مشوهة لأحلام الجماهير، اذا لم تفلح ثورة ديسمبر في تغييرها، فستضيع تضحيات الشباب والشهداء عبثا، ويغرق السودان مجددا في الحلقة الجهنمية.

يوسف السندي
sondy25@gmail.com

التعليقات مغلقة.