ارض النوبة تتحول الى ارض (الكرته)

ارض النوبة تتحول الى ارض (الكرته)
  • 21 أغسطس 2021
  • لا توجد تعليقات

رمزي المصري


ارض الحضارات في شمال السودان . الارض التي انجبت ملوك النوبة العظام بعانخي وترهاقا وشبكا ومينا والذين بسطوا سيطرتهم حتى سواحل البحر المتوسط في يوم من الايام ،الارض التي انجبت الكنداكات والملكات النوبيات .

الارض التي قامت فيها اقدم حضارة عرفتها البشرية على مر العصور بل هي ارض ام الحضارات الانسانية . الارض التي علمت البشرية زراعة القمح وصناعة السواقي التي تطورت فيما بعد الى مضخات عملاقة لرفع المياه وري الارض . الارض التي انجبت خليل فرح ووردي والجيلي عبد الرحمن وحمزة علاء الدين ومكي على ادريس صاحب اغنية ( عديلة) والتي رددها كل شعوب السودان وكثير من دول العالم

ارض النيل وارض الجمال وباسقات النخيل وملهم الشعراء .

تحولت هذه الارض ما بين ليلة وضحاها الى ارض ( الكرته) ومعنى الكرته هي اكوام الصخور والحجارة والتراب التي يتم استخراجها من باطن الارض بواسطة العمال بحثا عن هذا المعدن الملعون والذي يسمى الذهب مستخدمين في عملهم مواد خطيرة مثل الزئبق دون مراعاة لاي قوانين رادعة ليستخلصوا ما نسبته ٣٠% ثم تأتي شركات الموت الاخرى وتشتري هذه الكرته لتقوم هذه الشركات برفع نسبة استخلاص الذهب الى ٧٠% مستخدمين السيانايد ، تلك المادة الكيمائية الخطيرة والتي بضع جرامات منها كفيلة بالقضاء على الانسان والحيوان والنبات في بضع دقائق !! ثم تقوم هذه الشركات بترك الانقاض المشبعة بالزئبق والسيانايد في العراء دون اي معالجات للتخلص من هذه الكارثة البيئية المدمرة دون اكتراث .

وتم تجريف الارض في كل المنطقة النوبية بشكل غير مسبوق وتم تدمير الاراضي الزراعية وتجريفها بطريقة بشعة ولا اخلاقية وفوق كل هذا وذاك وفد الى الارض النوبية ملايين البشر من كل اصقاع السودان ومن دول الجوار .

وحدث اكبر تغيير ديمغرافي في تاريخ المنطقة وبدات عمليات واسعة لتغيير التركيبة السكانية للمنطقة بشكل لا تخطئة العين ، وبدأ وكأن ما يجري هو احتلال للارض النوبية وبكل ما تحمل كلمة احتلال من معنى واصبح النوبيون والذين هم السكان الاصليون في تلك البقعة تحولوا الى أقلية داخل ارضهم التي ورثوها من الاباء والاجداد . الارض التي عاش فيها النوبيون قبل سبعة سنة قبل الميلاد تحولت الى غيرهم في لمح البصر والقادم هو الاسوأ .

والحكومة الانتقالية لا تحرك ساكنا ازاء هذه الفجيعة وهذه المصيبة التي تجري في ارض الشمال . وكلما حاولت الحكومة الانتقالية فعل شيء ألقمها مبارك اردول ببضع كيلوجرامات من ذهب الشمال فتسكت صاغرة لاردول ووزيره والذي اتى من جناح مناوي وقد تبين لنا الان لماذا كان مناوي مصرا على الظفر بوزارة المعادن !! .

ونحن ابناء الشمال النوبي سكتنا دهرا على هذه المأساة الحقيقية وعلينا ان نرفع صوتنا عاليا وننتزع حقوقنا كاملة غير منقوصة ولن نسكت بعد اليوم .

نحن لن نحمل السلاح كما فعل اهل دارفور لاسترداد حواكيرهم ولكننا سنحمل سلاح القانون وسلاح العلم واسترداد حقوقنا وارضنا المنهوبة واذا لم تستمع لنا الحكومة الانتقالية سنطرق ابواب العالم كله ونقتحم كل المحافل الدولية للحفاظ على ارضنا والحفاظ على اثارنا النوبية والتي هي في الاساس حضارة انسانية تهم البشرية كلها .

في الاعلان الصادر من الامم المتحدة والذي اعتمد ونشر على الملأ بموجب قرار الامم المتحدة رقم ٢٩٥/٦١ والمؤرخ بتاريخ ١٣ يوليو ٢٠٠٧
المادة ٢٦ من هذا الاعلان الفقرة رقم (١) تقول( للشعوب الاصلية الحق في الاراضي والاقليم والموارد التي أمتلكتها او شغلتها بصفة تقليدية او التي استخدمتها او استخدمتها بخلاف ذلك )
والفقرة (٢) من نفس المادة تقول
( للشعوب الاصلية الحق في امتلاك الاراضي والاقاليم التي تحوزها بحكم الملكية التقليدية او غيرها من اشكال الشغل او الاستخدامات التقليدية والحق في استخدامها وتنميتها والسيطرة عليها هي والاراضي والاقاليم والموارد التي اكتسبتها بخلاف ذلك)
وفي الفقرة رقم( ٣) من نفس المادة ( تمنح الدول اعترافا وحماية قانونية لهذه الاراضي والاقاليم والموارد ويتم الاعتراف بها مع المراعاة الواجبة لعادات الشعوب الاصلية المعنية وتقاليدها ونظمها الخاصة بحيازة الاراضي )

كل هذه النصوص الواضحة والتي وردت في اعلان الامم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الاصلية . بهذا نطالب حكومتنا الانتقالية بتطبيق هذه النصوص على ما يجري في ارض النوبة والتي تحولت الى مكب للنفايات الكيمائية الخطيرة وتجريف للتربة وسرقة للآثار وبدأت فيها عمليات تحويل ديمغرافي خطير . وعلى الحكومة الانتقالية ان تتحمل مسؤولياتها وتستمع لصوت العقل قبل ان يتحول الشمال ايضا لبؤرة صراع جديدة في هذا الوطن .

اللهم بلغت . اللهم فأشهد

وكان الله في عوننا


رمزي المصري

الوسوم رمزي-المصري

التعليقات مغلقة.