الأربعاء - 2 ذو القعدة 1446 هـ , 30 ابريل 2025 م

لجان المقاومة ترفض محاولات تجريم ثوار ديسمبر من قبل البرهان

عبرات ودمعات للوطن.. وصه يا كنار

عبرات ودمعات للوطن.. وصه يا كنار
محمد ود قاسم

اعتدت الاستمتاع في أقصى حدّه باحتساء شاي الصباح . وما أزال أذكر كيف كنا نجلس بجوار أمي وهي تعدّه لنا بحليب طازجٍ وتزود كل كباية شاي بطبقة من السمن . أتناوله في هذا العمر مضافا إليه القرفة والزنجبيل برفقة بسكويت اليانسون وبعض التمر ، وأعتبره وجبة كاملة . وغالبا أجلس أمام التلفزيون لأتعرّف على ما فاتني أثناء نومي خاصة عندما تكون هناك بعض التوترات في الداخل او الخارج .
اليوم ، وأنا أمارس هذا الطقس ، وبعد أن فشلت القنوات العالمية في تقديم شيء يجبرني على متابعتها ، انتقلت لقناة النيل الأزرق السودانية . فوجدت مجموعة ضخمة من الموسيقيين والمؤدين ينشدون نشيدنا الباذخ ( صه يا كنار ) ، وأنا أحب هذا النشيد وأحب الصاغ محمود أبوبكر الذي يبدو لي أنه صاغه بكامل الوجدان الوطني ليصبح نشيدا لكل لأجيال .

دخلت فورا في حالة استماع وتفاعل ومتابعة دقيقة لكل حركة تصدر من المؤدين ، وهم أمامي ينشدون من أعماق أعماقهم . تبينت من بين المؤدين صلاح مصطفى ، وسيد خليفة ، وعثمان الشفيع وجميعهم بمن كانوا معهم بدوا لي شبابا يفيضون حيوية وانفعالا وسودانويةً . لكن أكثر ما لفت انتباهي الدخول المفاجئ للوزير آنذاك زين العابدين محمد أحمد عبد القادر ، وقد انضمّ للمؤدين واصطف معهم وتحول إلى مؤدٍ بارع لا يخطيء الزمن ولا تغيب عنه كلمة من كلمات النشيد . وما كنت يوما مايويا ، بل كنت دائما معارضا لمايو ، لكني أعترف اليوم أن مايو كانت مرحلة هامة جدا من مراحل العمل الوطني .
تحشرجت روحي وتشحتفت ، وغلبتني العبرة وأنا أحاول أن أؤدي مع المؤدين، فوجدت حبال عبراتي تلتف حول رقبتي وتخنقني ، وأدمعي تنزل من غير نظام .
يا الله ، هذا السودان الجميل يفسد جماله بعض أبنائه ، اللهم أهدهم سواء السبيل لإصلاح حال البلاد ، أو خذهم واترك لنا هذا الجمال لننقله لكل العالم ، ونسهم به في سعادة البشرية .
صه يا كنار وضع يمينك في يدي
و دع المزاح لذي الطلاقة و الدد
صه غير مأمور و هات مدامعا
كالارجوانة وابكى غير مصفد
ودع بدمعك من تحب فإنني
أنا إن دعوتك لن تعيش إلى غد
فاذا صغرت فكن وضيئا نيرا
مثل اليراعة في الظلام الأسود
و إذا وجدت من الفكاك بوادرا
فابذل حياتك غير مغلول اليد
فإذا إدخرت الى الصباح بسالة
فأعلم بأن اليوم أنسب من غد
و أسبق رفاقك للقيود فإنني
اّمنت أن لا حر غير مقيد
و أملأ فؤادك بالرجاء فإنها
بلقيس جاء بها ذهاب الهدهد
فإذا تبدد شمل قومك فأجمعا
فإذا أبوا فأضرب بعزمة مفرد
فالبندقية في بداد بيوتها
طلعت بمجد ليس بالمتبدد
صه يا كنار و دع يمينك في يدي
فكأن يوم رضاك ليلة مولدي
أنا كم رعيتك و الأمور عصية
و بذلت فيك كل ما ملكت يدي
و جري فؤادي نحو قلبك سلسلا
لكن قلبك كالأصم الجلمد
صه يا كنار فما فؤادي في يدي
طورا أضل و تارة لا أهتدي
و لأنت أعلم كيف أقتنص الهدى
حتي قنصت به سهاد الجدجد
و أري العوازل حين يملكنا الظمأ
فأموت من ظمأ أمام المورد
و أرود أرجاء البيان مداجيا
فأضيق من أناته بالشرد
أنا يا كنار مع الكواكب ساهر
أسري بخفق وميضها المتعدد
وعرفت أخلاق النجوم فكوكب
يهب البيان و كوكب لا يهتدي
و كويكب جم الحياة و كوكب
يعصي الصباح بضوئه المتمرد
أن كنت تستهدي النجوم فتهتدي
فانشد رضاي كما نشدت وجدد
و إن كنت لست تطيق لومة لائم
فأنا الملوم على عتاب الفرقد
صه يا كنار فبعض صمتك مسعدي
حتي شدوت فجاء شدوك مسعدي
و فضيلة بين التبسم و البكاء
لو تعلمون تجلد المتجلد
و تأمل ملأ التأمل حسنه
و كساه من حلل الأصيل العسجد
ألم تأجج في ثيابك لم يكن
ليزول دون أهابك المتوقد
غربت به الأيام و هي عوابس
فقضيتهن مودعا في الموعد
صه يا كنار فبعض صمتك موجع
قلبي و موردي الردى و مخلدي
أرأيت لولا أن شدوت لما سرت
بي سارياتك و السرى لم يحمد
أنا لا أخاف من المنون و ريبها
ما دام عزمي يا كنار مهندي
سأذود عن وطني و أهلك دونه
في الهالكين فيا ملائكة أشهدي

لا توجد تعليقات
حجز اسمكم المستعار سيحفظ لكم شخصيتكم الاعتبارية ويمنع الآخرين من انتحاله في التعليقات
دخول سجل اسمك المستعار
حجز اسمكم المستعار سيحفظ لكم شخصيتكم الاعتبارية ويمنع الآخرين من انتحاله في التعليقات
التعليق كزائر سجل اسمك المستعار نسيت كلمة المرور
حجز اسمكم المستعار سيحفظ لكم شخصيتكم الاعتبارية ويمنع الآخرين من انتحاله في التعليقات
التعليق كزائر سجل اسمك المستعار نسيت كلمة المرور