رحلتي إلى ٱخر الدنيا: في حضرة طبيبي الأمريكي

رحلتي إلى ٱخر الدنيا: في حضرة طبيبي الأمريكي
  • 08 مارس 2022
  • لا توجد تعليقات

أنور محمدين

الفصل الثالث

10

استكمالا لمشوار الاطمئنان على الصحة .. التاج الذي على رؤوس الأصحاء لا يراه إلا المرضى ذهبت لمجمع طبي متاح لي تلقي العلاج به.
دعونا نتتبع معا ما يدور لنقف على مستوى الخدمة وطرائق تقديمها علنا نستشف ما قد يصلح لنا في بلادنا العزيزة’ ولاسيما أنها تجربتي الأولى.
في المدخل تجلس موظفة تقدم كمامة الوقاية من كرونا إن لم تكن واضعها تليها أخرى تلتقط بعدسة درجة حرارة الجبهة.
بعدهما تجد نفسك جزءا من صف قصير حيث تلتقي موظفة تستوثق من موعدك المحدد سلفا ثم تعطيك ملفا من 4 صفحات لتسجيل كل البيانات الشخصية بتوسع والخلفية المرضية وإن كانت لديك حساسية من تلقي أي علاج ..إلخ لتصبح أساسا لقاعدة بيانات مرجعية شخصية بالمجمع.
على الجدار صور للأطباء العاملين مؤطرة مع موجز لأسمائهم وشهاداتهم وخبراتهم وهو ما لفت تنبهي في كندا أيضا لتعزيز ثقة المرضى ومرافقيهم.
بعدئذ أخذت طريقي لغرفة قادتني إليها سستر تتسم بالحيوية’ التي سألت بدءا إن كنت في حاجة لمترجمة عربية تتواصل معنا وأجبت بأن إنجليزيتي ملائمة ما لم يكن في الحديث مفردات طبية فضغطت على زر جعلت المترجمة تتابعنا ثم رصدت في جهاز الكمبيوتر أمامها:.
الطول’ الوزن’ سبب الزيارة’ ما أتلقى من علاج إن وجد’ مستوى ضغط الدم .. وغيرها.
تستأذن وتغادر ليدخل الطبيب وهو شاب فارع انيق ذو ملامح هندية يحيي ثم يجلس أمام الشاشة على مقعد عملي ليجري حوارا استقصائيا دقيقا حول كل ما يمت بصلة لوضعي وتاريخي المرضي بتمهل وعناية ثم استوثق من فاعلية القلب سريريا
وختم بأن السستر ستتولى الخطوات التالية المتصلة بالفحوص’ منوها إلى أنه سيتولى علاجي ومتابعتي وإن تطلب الأمر سيحيلني لاختصاصي ويرتبه.
تأتي السستر ويبدو أنها من أصول مكسيكية لتترجاني مرافقتها لأخذ عينة بول فسلكنا طريقا أفضى بنا لحمام نظيف حيث قدمت لي إناء لأضع فيه العينة ومنشفة شبيهة بمنديل ورق الطائرات وطلبت ترك الإناء في صندوق على الجدار لأعود لمكاني حيث سيتولون هم أخذ العينة مجرد خروجي وفحصها .. تصوروا!
المتبع بدول كثيرة استخدام مناديل الورق في الحمامات ما يربكنا لاعتيادنا الماء وهو الأفعل.
عدت وجلست في الصالة مع عدد محدود حيث لم أر أكثر من 5 منتظرين في أي من الصالات لتعدد العيادات وتوخي الحجز طبقا لطاقة المجمع وجهد العاملين ثم نودي على اسمي فتبعت المختصة التي دخلت بي في معمل ثم رحبت بي وقدمت نفسها كما متبع لبناء جسر ثقة وعلاقة ودية مهنية واسمها وأنها تقنية معمل بصدد أخذ عينة دم من الوريد ثم استوثقت من اسمي كاملا وتاريخ ميلادي للتأكد من أنني الشخص المعني وسألت إن كنت لا أمانع في ذلك ثم طلبت خلع معطفي وبسطت يدي فمسحت عليها بمحلول تعقيمي ثم أخذت عينة الدم ببطء وهي تسألني بلطف :
هل أنت بخير؟
أخيرا وضعت لاصقا على الموضع فخرجت شاكرا لمجلسي على كرسي مبطن مريح.
بعد قليل صحبني طبيبي للغرفة وقال إنهم يودون لو سمحت عينة فسحة لفحص سرطان القولون فأجبت بأنها غير متاحة فقال:.
لا بأس
بعد عودتك للبيت ضع عينة في إناء معد محكم مغلف بعنواننا سنزودك به واتركه في صندوق البريد قرب بيتكم وستصلنا سريعا لنتولى الفحص وخرج فدار رأسي وتملكني الذعر إذ خلق الإنسان هلوعا وخرجت وراءه لمكتبه قبالتي أستدعيه فجاء على الفور فسألت:.
لم تريد فحص سرطان القولون .. هل لاحظت شيئا؟
قال باسما
لا بأس عليك
فقط إجراء متبع للاطمئنان على كل من وصل الخمسين وإن لم تبد أي أعراض عليه وقاية وهذا طوعي برغبتك.
قلت
حسنا
تابع:
أيضا لدينا خيارات التحصين ضد الإنفلونزا والكزاز (التتانوس) والحصبة .. إن رغبت فأجبت شاكرا نافيا.
قال:
يمكنك تلقي ما تشاء منها لاحقا

بعد ربع ساعة من أخذ العينتين جاءني طبيبي حيث أجلس فقال:.
فحوصك كلها ممتازة فقط عليك الاستمرار في أخذ حبة ضغط الدم (الوراثي) الواحدة يوميا.
بعد دقائق كنت صرفت من الصيدلية زجاجة الحبوب الأسطوانية في كيس قرطاسي عليه شعار الصيدلية مطبوع على لاصق بوضوح اسمي ونوع الحبة وطريقة تناولها’ علما أن كل هذه الخدمة الراقية مجانا تبعا للتأمين الصحي.
أخيرا خرجت ممتنا مقدرا سعيدا بسلامتي بعد نحو ساعتين وفي يدي بطاقة بموعد المقابلة بعد شهر الواحدة ظهرا طبقا لاستشارتي حول الوقت المناسب لي للحضور وبعد أن زودوني بموجز عن مجمل معطيات الزيارة ومحصلتها مطبوع في 3 صفحات باللغتين الإنجليزية والعربية في جو يتسم بالهدوء والنظام والاحترام في بلاد سعداء محظوظون أهلها نتيجة إخلاصهم في العمل كما رأينا شعاعا منه في هذا المقال ..
فبإعلاء قيم العمل والإنتاج تتصدر الولايات المتحدة قائمة الدول النائلة جوائز نوبل المرموقة وبات 9 من كل 10 واسعي الثراء في العالم أمريكان.
حين انطلقت بنا السيارة في طريق العودة الفسيح المخضر كنت أدعو الله سرا وعلنا أن يحظى أهلنا في سوداننا الحبيب فداؤه النفوس كما أنشد د. مصطفى عوض الكريم بما يماثل ما متوافر هنا قريبا.
وما ذاك على الله بعزيز إن صح منا العزم.

أنور محمدين

صفحة أشواط العمر في فيس
جريدة التحرير الإلكترونية

سياتل

الوسوم أنور-محمدين

التعليقات مغلقة.