من مقرن النيلين إلى بلاد الحرمين (1) .. حكايات سودانية عن أمسية رمضانية

من مقرن النيلين إلى بلاد الحرمين (1) .. حكايات سودانية عن أمسية رمضانية
  • 18 أبريل 2022
  • لا توجد تعليقات

صديق السيد البشير

كُتِبَ الصيامُ لأجلِنا
واللهُ ألطفُ بالعباد
الصبرُ في إبحَارِنا
أجرٌ اذا نفدَ المِداد
نحنوُ لهُ . . بحُنُوِه
مرحى به فالوعدُ عاد
وتسابقت ارواحنا
سرجٌ على ظهرِ الجياد
عند الموائدِ دعوةٌ
صعدت بإلحاحِ الرجاء
أقمِ الصلاةَ ولُذ بهِ
شهرٌ من الرحمنِ جاء
يا باغيَ الخيراتِ أقبل
بابُهُ .. نحوَ السماء
‏اقرأ ورتل .. وارتقِ
‏رمضانُ للساعي وعاء
بلغة بديعة وعذبة ، عذوبة النص والتصوير ، وإقتباس من الذكر الحكيم والسنة النبوية ،
هكذا كان يحتفي الشاعر السوداني محمد المهندس بطريقته الخاصة بشهر الخيرات والفتوحات والرحمات والبركات والصدقات والزكوات ، تقربا لله تعالى وإبتهالات عسى أن يدخلنا في رحمته وغفرانه ويعتقنا من نيرانه ، اللهم آمين جمعا يا رب العالمين.
(2)
هلا هلالك يا رمضان
رمضان أحلى في السودان
ومع قدوم شهر رمضان المبارك تمضي الكثير من الجاليات المسلمة في الاستعداد له والترتيب لقضاء أيامه ولياليه ، بين عبادات وشعائر ومعاملات تختلف وتتنوع في كل مكان ، ففي السودان تتميز مظاهر الإحتفاء برمضان بإفطارات جماعية في الساحات والشوارع العامة في كل أنحاء البلاد ، حيث تتنوع المشروبات والمأكولات ، الساخنة منها ، والباردة ، كمشروب الآبري أو الحلو مر ، والذي يعد الأبرز بين محتويات المائدة الرمضانية السودانية ، داخل وخارج البلاد
(3)
وحين ترسل الشمس أشعتها الذهبية في الآفاق تستأذن في الرحيل عن العاصمة السعودية الرياض ، معلنة إنقضاء يوم الجمعة الرابع عشر من رمضان الخير لعام ألف وأربعة ثلاثةوأربعين للهجرة النبوية ، الموافق الخامس عشر من أبريل عام ألفين وإثنين وعشرين ميلادية ، وفي لحظات التجليات الروحية ، حيث ألالسنة تلهج بالدعاء والتضرع سرا وعلانية باللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت وعليك توكلت فأغفر لي ما قدمت وما أخرت ، كنا نشكل حضورا هناك ضمن آخرين في قاعة ريماس بحي الشفاء ، تلبية لدعوة إفطار جماعي أسري ، والذي تقيمه كل عام الجالية السودانية بالمملكة العربية السعودية بتكويناتها المختلفة والمتنوعة، من الرابطة الرياضية للسودانيين بالخارج الصالحية والملتقى السوداني الثقافي الإجتماعي الرياضي وجمعية الصحفيين السودانيين بالسعودية ونادي الخرطوم الرياضي الثقافي الإجتماعي ، حيث إزدانت القاعة بنجوم مضيئة أضفت على اللقاء لوحة جمالية من نوع آخر ، زمانا ، مكانا ، ومناسبة ، شرفت بلقاء رموزا واسماء ، وضعت بصمتها المميزة هنا في أرض الحرمين في قطاعات عدة ، ثقافة ، تجارة ، طب وصحة ، صحافة ، علما ومعرفة ، وطفقت أردد مع محمد عبدالقادر أبوشورة شعرا ومحمد وردي ، لحنا ، صوتا ، توزيعا ، وأداءا
حدق العيون ليك يا وطن
أصبح مقر وأصبح سكن
انت الملاذ ساعة المحن
وانت الشموخ عبر الزمن
غنّيت هواك قبل الفطام
وشبّيت على نهج الكرام
الليلة يا وهج الشموس
لابس شرف إسمك وسام
أباهي بيك بين الشعوب
رافع شعار مجدك سلام
ما إنت يا معنى الصمود
أصبحت للأحرار وطن
(4)
بريشة ملونة أثيرة إلى العقل القلب والوجدان رسم اللقاء الرمضاني لوحة سمراء في محبة الناس والوطن ، تنوعت بين أحلى الكلام ، نثرا وشعرا عذبا ، عذوبة المفردة حين يلقيها بحب ومعزة الشاعر أزهري محمد علي ،ضيف المساء ، جاءنا باستدعاءات نبيلة بذكرى الحادي عشر من أبريل ، ثم فاطمة و حميد و مصطفى سيدأحمد و زرياب ، ثم نحن نغني معه بنسمة من عطر الوطن لو نسمة من عطر الوطن تعبر بحلتنا وتفوت كان تنفلت من ضحكتك ضحكة ، وترك برّاحة فى نيم البيوت على كيفك تعال على كيفك تفوت ومع (ترحال) يمضي أزهري في عزف قيثارة المساء ، شعرا ونثرا بلغة الثورة والنضال ، لزكأني بصوت الفنان عادل مسلم بن شرق السودان يشدو ونحن نردد على كيفك تفوت على كيفك تعال أدخل براحات البيوت فى العتمة او نص نهار لمتين مبارياك غربتك؟ ملت حدود الرحلة حالات الدوار يوماتى بتلاقيك مدن يوماتى راجيك كم مطار ! قـِست الديار! .ولا الرحيل والغربه نسوك الديار؟ صالِبني فى وجع النهارات غُربة وهواجس وانتظار مرات أشوف بُعدك حقيقة ومرات ألاقي هِظَار هِظَار كان إعتذارك بالغياب عن بيتنا محتاج اعتذار .. علي كيفك امش وعلي كيفك تعال بعادك سلـَب حِسِّي ، وسرق من الغناوى الصوت فما ضرِّاك لو رتـَق غناك الريح وعلم الشوق السكون! (5) وعلى أرضه هناك ما يستحق الإحتفاء ، لكن اللقاء الرمضاني هنا ، كان السودان حاضرا ، تاريخا وجغرافيا ، يضعونه في حدقات عيونهم/ن ، يتمسكون بعاداتهم وتقاليدهم وينسجمون مع فنونهم وتراثهم ، يحملون اهمومه وقضاياه ويستشرفون غد أفضل تسود فيه قيم الحق والخير والجمال والحرية والسلام والعدالة ، ومع الوطني الغيور شاعر وضاحة يا فجر المشارق ، نمضي بمحبة وإمتاع ومؤانسة ، ونردد معه : يا مشرع الحلم الفسيح أنا بينى مابينك جزر تترامى .. والموج اللّديح القدرة والزاد الشحيح كملتو .. ما كِمل الصبر نتلاقى فى الزمن المريح ميعادنا فى وش الفجر يا مشرع الحلم الفسيح يا مشرع الحلم الفسيح يا بعض منى .. وفينى ساكن أنا أصلى منك ومشتهيك و بيناتنا ليل الغربة … داكِنْ هبّة هبوبك.. أفتح شبابيك المساكن وسـِّع دروبك .. ولـِّع مصابيح الأماكن يا مشرع الحلم الفسيح يا مشرع الحلم الفسيح يومنا النـّهِـبْ .. أسلِبنا خوفنا كبـِّرنا قدرك .. مرتين وطـِّول قدر كتفك .. كتوفنا يا رغبة الرعد البيسكن .. بين غناوينا وحروفنا ضوِّى الدساكر والضفاف عبِّى الحناجر بالهتاف سدِّد مسامات الرِّعاف نوِّر مغاراتنا وكهوفنا (6) تمضي الأمسية بنكهة سودانية خالصة ، لترسخ في ذاكرة المهاجرين من أهل بلادي الحبيبة الطيبة ، أرض السمر والنيل ، ومن مقرن النيلين ، نحمل حقيبة مسافر ، نحمل فيها زاد المحبة ، لبلاد الحرمين ، لنستدعي منها عبق الماضي وعراقة الحاضر واستشراف المستقبل لها ، توطيدا للعلاقات بين البلدين ، شعوبا وحكومات ، ونلتقي في محفل آخر ، ومن من أرض المهجر نردد مع الدكتور عبدالكريمالكابلي (رحمة الله عليه) وهو يتنسم شعرا ، لحنا ، وأداءا في زمان الناس :
زمان الناس هداوة بال
و إنت زمانك الترحال
و ليلم عمرو ما سأل
و ليلك لي صباحو سؤال
قسمتك يا رقيق الحال
مكتوب ليك تعيش رحّال
تسامر في الغيوم أشكال
روائع تذهل المثال
شبه سيرة زفة بطبّال
وعروسه في جبينا هلال
مواكب فرحة من أطفال
يحاكو السمحة بت الخال
و قبال ما الصور تنشال
على خيوط الأمل و الفال
وصبح الناس يجيك مرسال
يشيلك فوق وسط عينين
يوديك مقرن النيلين
يخدر فيك عقيد ياسمين
و تقوم شتلة محنة مثال
أريجا دعاج و حزمة نال
قبال توتي أم خدارا شال
عيون أم در لبيت المال
غريب و الغربة أقسى نضال
غريب و الغربه سترة حال
قريب و بعيد حضور و زوال
عيونك ما عيون أجيال
صديقالسيد البشير

  • صحفي سوداني مقيم بالمملكة العربية السعودية

التعليقات مغلقة.