ذكريات ومواقف …. عن جواز سفر محمد المكي إبراهيم

ذكريات ومواقف …. عن جواز سفر محمد المكي إبراهيم
محمد المكي إبراهيم
  • 03 يونيو 2022
  • لا توجد تعليقات

صلاح الباشا

مناسبة وصول صديقنا الشاعر الدبلوماسي الكبير محمد المكي ابراهيم الي الخرطوم مؤخرا .. واهتمام المنتديات الثقافية بحضوره وتكريمه ومشاركاته في امسياتها .. وجدت مقالا مهما جدا كتبناه من العاصمة السعودية الرياض في العام ٢٠٠٦م حين رفضت القنصلية بسفارتنا في واشنطن تجديد جواز سفره الدبلوماسي السوداني .. فكان نتيجة مقالنا الايجابية هي التجديد للجواز بعد نشرنا للمقال في الراي العام وسودانيز اون لاين وسودانيل .
يسعدني جدا إعادة نشر ذلك المقال هنا :
عزيزنا الأستاذ كمال حسن بخيت
رئيس تحرير الرأي العام
سلام وأشواق وتحية من الرياض ذات الطقس البارد هذه الأيام.
كم فرحنا ثم تألمنا ونحن نطالع بمجلة المجلة السعودية التي تصدر من لندن مفاصل ذلك الحوار الجميل والذي يثير الفرح ثم الحزن والغصة في ذات الوقت وقد أجراه الزميل الأستاذ صلاح شعيب مع صديقنا وحبيبنا الشاعر الدبلوماسي الغارق في الوطنية ( ألاستاذ محمد المكي إبراهيم ) المقيم بولاية كليفورنيا التي إنتقل إليها بعد سنوات طويلة في فرجينيا بواشنطن الكبري.
زميلي في الشركة التي أعمل بها حديثا بالرياض الأستاذ آدم خليل وهو من أبناء السودان المحبين للإطلاع ، وهو الذي ظل يعتز بإرتدائه ( جناح أم جكو ) الأنصارية حتي في العمل أخبرني بحوار المجلة مع شاعرنا ، بل أعارني إياها ، وإطلعت علي الحوار الشيق .
ودالمكي شاعر عربي وأفريقي ضليع ، تنداح مفردات أشعاره فتسري معانيها وتستقر في خيالاتنا منذ ديوانه الأول ( أمتي ) والتي إشتهرت بغناء وردي لها بعيد إنتفاضة 6 أبريل 1985م في ذلك الحفل الشهير بالقاعة :
من غيرنا يعطي لهذا الشعب …
معني أن يعيش وينتصر
من غيرنا ليبدل القيم الجديدة والسير
من غيرنا لصياغة الدنيا وتركيب الحياة القادمة
جيل العطاء المستجيش ضراوةً ومصادمة
المستميت علي المباديء مؤمناً
المشرئب إلي النجوم لينتقي صدر الحياة لشعبنا
جيلي .. أنا
ظل ودالمكي في مهجره الإختياري يضع الوطن دائما في حدقات عيونه ، فلم نره مزايداً في أمر بلاده ، بل ظل يفاخر بثقافات شعبه العديدة المتباينة ، يكتب ويشارك ويساهم ويؤلف إلي أن بلغ حجم اشعاره مجلداً ضخما يحوي كل دواوينه الأربعة ( أمتي – بعض الرحيق أنا والبرتقالة أنت – يختبيء البستان في الوردة – لاخباء للعامرية ) .. وشكرا للأستاذ محمود صالح عثمان صالح لطباعته لهذه المجموعة بالقاهرة لصالح مركز عبدالكريم ميرغني الثقافي بأم درمان حيث قام أستاذنا وصديقنا الكبير البروف حسن أبشر الطيب خبير علم الإدارة الضخم حين قام بجمع تلك الأعمال كلها واشرف علي تنسيقها وطباعتها خلال سنوات إقامته بالقاهرة.
وما يبعث علي الألم.. أن الأستاذ مكي لم نره يوما يشكو لطوب الأرض بمثل شكواه التي بثها من خلال حوارالزميل صلاح شعيب معه بالمجلة ، وذلك حين سأله عن متي يعود إلي أرض بلاده ، وهنا تدافعت نبرات الحزن والأسي والألم القاسي حيث ذكر شاعرنا أن جواز سفره الدبلوماسي قد رفضت سفارتنا بواشنطن تجديده له برغم أن العرف والتقليد الدبلوماسي يمنح الحق للدبلوماسي حمل الجواز الأحمر هذا مدي الحياة إن أمضي في خدمة الخارجية خمسة عشر عاما ، وودالمكي خدم بها منذ سكرتير ثالث عقب تخرجه من الجامعة في عام 1964م إلي أن وصل درجة السفير في عام 1982م وحتي إستقالته في عام 1994م .. أي أنه خدم بلاده في أهم وزارتها لمدة ثلاثين عاما متواصلة طاف فيها معظم أرجاء الدنيا دبلوماسيا لايشق له غبار وذا كفاءة نادرة الوجود حتي وصل منصب رئيس الإدارة الأفريقية بالوزارة .
قال ودالمكي أنه يحمل الجواز الأمريكي كحق مشروع في تلك البلاد ، غير أنه لايرغب في فكرة دخول السودان الماهل العريض بجواز سفر غير جوازه السوداني ، فإحساسه المرهف لايطيق ذلك . فهو يظل يتمسك بجواز سفره الدبلوماسي العريق مهما طال الأجل .
ونحن هنا نرفع الصوت العالي إلي قادة شعبنا الذين أتاحوا العودة للكثير من الرموز المعارضة أن يتيحوا الفرصة لهذا الإنسان الفنان المفعم بحب تراب هذا الوطن الذي يسع الجميع ، فهو كما قال في ذلك الحوار : يمكن للسياسي ترضيته بمنحه مساحة في السلطة .. أما المثقف الزاهد فهو يطلب السماح في التقدير الأدبي فقط .. حتي حين دعته العاصمة الثقافية بمثلما دعت العديد من الرموز المبدعة التي كانت تعارض بأدبها ومثاقفاتها .. فإن ودالمكي كان يحمل جوازا سودانيا دبلوماسيا غير مجدد ، وكان من الممكن لأهل العاصمة الثقافية تدارك تلك الملابسات والعمل علي حلها مع جهات الإختصاص ، خاصة وأن عدم تجديد الجواز ربما حدث إبان حركة الشد السياسي التي عفي عليها الزمان الآن ، ولاغرو أن صديقنا الآخر الدبلوماسي القدير السفير الخضر هارون بواشنطن وهو من أهل الأدب والكتابة يعرف جيدا قيمة الكاتب والأديب ، وندعوه ايضا بتبني هذا الأمر .
وجدير بنا أن نعلم أن ودالمكي عمل خبيرا سياسيا بواشنطن في إحدي سفارات دولنا العربية الخليجية وقد كان مثالا للكفاءة النادرة .. وألان يحاضر في إحدي جامعات ولاية كليفورنيا الأمريكية.
فلطالما إتسعت مواعين الوطنية في بلادي فإننا نرفع نداءنا الوطني المتجرد الخالص لمؤسسة الرئاسة بالخرطوم أن تصدر تعليماتها الفورية بشأن تجديد جواز أخيهم الشاعر الدبلوماسي الفذ .. محمد المكي إبراهيم والذي لايسنده حزب أو تنظيم ، بل يسنده حسه الوطني المتجرد .. ويسنده إرثه الإبداعي الضخم الذي ساعد في تشكيل وجدان أهل السودان منذ تلك الرائعة : بإسمك الاخضر يا اكتوبر الأرض تغني .. والحقول إشتعلت قمحا ووعدا وتمني .. ويدعمه سجل عائلته الوطنية السودانية الأصيلة العريضة الممتدة من أم درمان وحتي الأبيض ، إنها عائلة السيد المكي الكبير وإسماعيل الأزهري الولي .. وأبو الوطنية الراحل إسماعيل الأزهري.. وإننا لا نتمني أن يأتي نعشه بعد عمر طويل مرفقا به الجواز السوداني غير المجدد .. أو الأمريكي الساري المفعول .. بل نريد ان نري ودالمكي حياً يرفل في شوارع الخرطوم بجواز سفر يحمل سمة ( جمهورية السودان ) ….وكفي ،،،،
** نقلاً عن الرأي العام

bashco1950@gmail.com

الوسوم -صلاح-الباشا

التعليقات مغلقة.