دوزنات .. دوزنات .. دوزنات

دوزنات .. دوزنات .. دوزنات
  • 21 أغسطس 2022
  • لا توجد تعليقات

إيهاب الأمين

هنا أم درمان

  • كانت الإذاعة السودانية من أم درمان إلى عهد قريب تمثل منبراً أساسياً يكاد يكون وحيداً ، يجد المحبة والثقة من الجماهير، وكانت منفذاً لظهور المبدعين ، ومعظم مبدينا الكبار في شتى المجالات عرفوا من خلال أصواتهم عبر إذاعة أم درمان ، عباقرة أمثال بروفيسور عبدالله الطيب وبروفيسور علي المك في مجالات الأدب ومذيعون سمقوا في سموات الإعلام أمثال بروفيسور علي شمو ومحمد خوجلي صالحين وغيرهم كثير ، ولا ننسى الشعرا ء والمطربين وأهل المديح والتشكيل والدراما.
  • تغير الزمان وجاءت الفضائيات فأخذت من مساحات الإذاعة الكثيرة رغم أن احترام الإذاعة عند الجماهير لم يقل وكذلك الثقة لكن ما كانت تجده الإذاعة من متابعة قل كثيراً مع تغير الأحوال ، وبعد ذلك ظهور الإذاعات الخاصة على موجات (إف إم)، وهذه إذاعات اختلفت كثيراً عن إذاعة أم درمان والتي كانت توائم بين رسالتها وما تريد تقديمه وبين ما يحبه الجمهور ويرغب فيه ، ولم تكن رسالة الإذاعة تختلف كثيراً عن رغبات الجمهور ، فهي تريد نشر الفنون والآداب وعلوم الدين والمعارف المختلفة إضافة إلى الأخبار وما يتعلق بشؤون البلاد السياسية.
  • كانت الإذاعة السودانية تجد المتابعة الأكبر عند أهلنا في القرى قبل وصول الكهرباء لتلك المناطق ولكن مع دخول الكهرباء من الباب خرج الراديو من النافذة ، وفقدت الإذاعة العدد الأكبر من المتابعين وصارت لا تجد من يتابعها إلا من داخل سيارته وينافسها في ذلك عدد كبير من إذاعات الإف أم الخاصة.
  • وجاءت هذه الإذاعات الخاصة برؤية تختلف تماماً عما كانت تعتمد عليه إذاعة أم درمان – أو على الأصح أتت بلا رؤية حقيقية ـ فهي إذاعات تنازلت عن قوانين الإذاعة الأم في طريقة اختيار المذيعين واختيار الفنون مثل الأغاني ، كما تنازلت عن تقديم أي رسالة واكتفت بتقديم ما تظن أن الجمهور يرغبه معتمدةعلى مزاج جيل من صغار السن فلم تنجح في أن تجعل المستمعين يلتفون حولها كما كان يحدث للإذاعة السودانية.
  • كل هذه المتغيرات مع ضعف أصاب الإذاعة الأم من خلال إداراتها الكيزانية خلال ثلاثين عاماً مشؤومة ومريرة حدث فيها داخل الإذاعة ما حدث ، ابتداء من التشريد بدعاوى الصالح العام وليس انتهاء بالتشريد الذي مارسه عوض جادين بدعوى الشهادات الجامعية ، وعوض جادين هذا لم يكن إذاعياً مبدعاً ولا صاحب لمسات عرفها المستمع فقد كانت كل مؤهلاته هي انتماؤه للحزب الحاكم، كل هذه الأشياء وتفاصيل كثيرة فعلها الكيزان كان لها أبلغ الأثر في اضمحلال الإذاعة السودانية وابتعاد الجماهير عنها.
  • ثم جاءت ثالثة الأثافي مواقع التواصل الاجتماعي فنسفت ما تبقى من جماهيرية للإذاعة وتفرقت السبل بالمستمعين، هذا إضافة لما فقدته الإذاعة من إبداع كانت تقدمه ومن حقوق مادية كانت تمثل حقوقاً للعاملين ، فصار غياب تلك الحقوق قشة قصمت ظهر بعير الإذاعة السودانية وأضاعت ما تبقى لها من ملامح.

eihab@live.com

التعليقات مغلقة.