في إطار حملة (التحرير).. قانونيون: أدوارمجتمعية وقانونية لمحاربة خطاب الكراهية

في إطار حملة (التحرير).. قانونيون: أدوارمجتمعية وقانونية لمحاربة خطاب الكراهية
  • 19 أكتوبر 2022
  • لا توجد تعليقات

حملة

استطلاع: محمد حسيب


استشعر كثيرون من الحادبين على وحدة البلد خطورة انتشار ظاهرة خطاب الكراهية بين فئات المجتمع السوداني مؤخراً، الأمر الذي حدا بهم إلى التوقف عند هذه الظاهرة، وبحث أسبابها، ومن ثم محاولة وضع الحلول لمعالجتها.

نبيل أديب

(التحرير) ومن خلال مسؤولياتها الوطنية تتبنى حملة “لا لخطاب العنصرية والكراهية”، التي تشمل استطلاع فئات المجتمع، من أجل معرفة وجهة نظرها، ودورها في مواجهة هذه الظاهرة الخطيرة، وفي هذا الإطار أجرت هذا الاستطلاع وسط مجموعة من القانونيين علها تسهم في التصدي لهذه المعضلة.

يقرأ نبيل أديب الخبيرالقانوني خطاب الكراهية بوصفه ظاهرة من واقع ارتباطها بمسألتين: الأولى العنصرية، والثانية القبلية.

ويبين أديب في حديثه لـ(التحرير) أنَّ هذا الخطاب ناتج من عدم نجاح الساسة في التعامل مع الخلافات داخل الأمة السودانية، لافتاً إلى أن هذه الأمة بداخلها مكونات مختلفة إثنياً ودينياً، ولكن هذه الاختلافات مصدر قوة، وليست سبباً للضعف، مشيراً إلى أن عدم قدرة السياسيين على التعامل معها أدّى إلى وجود نوع من الاحتكاكات.

وتابع أديب قائلاً: السودان استقل على حرب أهلية، إذا المسألة ليست مرتبطة بشئ آخر غير عدم القدرة على المعالجة بعد الاستقلال.

ونوه الخبير القانوني بوصول السودانيين إلى قناعة بأن السودان لا يمكن حكمه بشكل مركزي وإنما بنظام فيدرالي، مؤكداً أنّ التباينات المتمثّلة في اختلاف السحنة واللون وغيرها لا تدعو إلى الكراهية ولا تولد عداءً، وأشار إلى خطورة الخطابات التي توجه على أساس عرقي، وأهمية مواجهتها ليس من ناحية قانونية فقط باعتبار أن القوانين موجودة ومطلوبة، ولكنها ليست العامل الحاسم، بل يجب على المجتمعات والقيادات السياسية والمجتمعية أن تقود تمازجاً بين المكونات المختلفة، وضرورة أن يشعرالسودانيون بأن المصالح المشتركة أهم بكثير من التباينات ببين مكوناتهم.

يحيى الحسين

ويرى يحيى الحسين القانوني ورئيس حزب البعث السوداني أنَّ خطورة خطاب الكراهية تكمن في وسائل الإعلام المتاحة للذين قرروا أن يشيعوا هذا الخطاب الكريه، إضافة إلى الأسافير.

ويقول الحسين لـ(التحرير) إنَّ هذا الخطاب يتمتع بحظوة داخل المجتمعات الجهوية والقبلية، وأضاف: نحن تجاوزنا هذا منذ عقود، وصفاً خطاب الكراهية بالمرتبك، وتساءل في الوقت ذاته: هل هذا الخطاب جهوي أم إثني ؟ إذ يرى أن الغرض من خطاب الكراهية هو خدمة أجندة سياسية لعناصر ليست لديها قدرات، وأكد أنّ الحل يأتي من المكونات نفسها التي يحاول بعضهم استغلال اسمها لإشاعة خطاب الكراهية، برفضها لهذا الخطاب، فضلا عن تفعيل الدور القانوني والدور السياسي، وأشار الحسين إلى أن السودان في حالة عدم توازن في آليات السلطة، التي أدّى غيابها إلى إشاعة هذا الخطاب الكريه، وشدد على ضرورة الإسراع في تكوين آليات السلطة، وأضاف: النظام البائد أدّى دوراً كبيراً في محاولة نشر الجهوية، ودغدغة النعرات القبلية إلا أنه لم ينجح.

الطيب العباسي

أما الطيب العباسي الخبير القانوني فيعدُّ خطاب الكراهية ظاهرة خطيرة، وفي تنامٍ، لافتاً إلى أن تركيبة المجتمع السوداني فيها الجوانب القبلية والإثنية والدينية والجهوية، وعليه، فإن مجتمعاً بهذا الشكل يجب أن ينأى عن هذا الخطاب لأنه سيؤدّي إلى شتاته.

وأبدى العباسي في حديثه لـ(التحرير) أسفه على اندثار بعض سماحة المجتمع السوداني الذي لم يعرف المفهوم الطبقي عبر كل الحقب حتى نال استقلاله، حيث كان متوحداً تحت مظلة واحدة، وهذا ما جعل المجتمع السوداني يخرج في ثورات ضد المستعمر؛ لأن التمييز الطبقي لم يكن موجوداً، وتابع بالقول: للأسف الإنقاذ خلال الثلاثين سنة التي حكمت فيها اتبعت سياسة التأطير القبلي والإثني والديني، وعليه نحن في حاجة إلى إعادة صياغة المجتمع عبر عمل تعبوي لمحاربة تفشي هذا الخطاب، الذي تكمن خطورته في أنه يؤدّي إلى انتشار الجرائم والتفلتات، وأشار الخبير القانوني إلى أن ثورة ديسمبر كانت تحمل شعارت الوحدة وتماسك المجتمع وشعار “يا عنصري ومغرور كل البلد دارفور”، وأكد دور المكونات المجتمعية كالطرق الصوفية والإدارات الأهلية في محاربة الظاهرة، وعدم استغلال هذه المكونات لتأجيج الخطاب العنصري، إضافة إلى الناحية القانونية، ودورها الرادع.

المعز حضرة

وبالنسبة إلى المعز حضرة الخبير في مجال القانون فقد عدَّ تنامي خطاب الكراهية من إفرازات النظام السابق الذي رسخ الجهوية والقبلية والعرقية، وما سمي بحرب الزرقة والعرب، حتى في جهاز الأمن الذي مارس هذا الأمر ضد دارفور وجنوب كردفان، لكن عندما أتت ثورة ديسمبر حاربت كل هذه الممارسات، ورفعت الشعار المشهور “يا عنصري ومغرور كل البلد دارفور”.

وعبر حضرة في إفادته لـ(التحرير) عن عميق أسفه لعودة هذه النعرة بعد انقلاب( 25 أكتوبر 2021م)؛ لأن النظام الانقلابي نفسه يحاول أن يلعب على القبلية والجهوية تارة مع الطرق الصوفية، وتارة مع غيرها ، ووصف حضرة كل تلك الممارسات بالمحاولات البائسة لتفتيت المجتمع، عاداً هذا الأمر مهدداً خطيراً للأمن القومي السوداني.

ويضع حضرة روشتة لمحاربة ظاهرة العنصرية والجهوية من خلال التأسيس لنظام ديمقراطي مدني، تجد عبره كل قبيلة وجهة نفسها في هذه الدولة، وتحكم نفسها عن طريق الحكم الإقليمي، واستدرك بالقول : لكن ما دام أنَّ هنالك نظاماً انقلابياً قمعياً موجوداً، فنحن لن نستطيع أن نؤسس لهذه الدولة السودانية، وفيما يلي الجانب القانوني، يرى حضرة أن هنالك تشريعات وقوانين، لافتاً للخطاب العنصري الجهوي من ناظر الرزيقات وغيره، مؤكداً أنه بنص القانون من الممكن معاقبة مثل هذه الجرائم، من خلال فتح البلاغات المتعلّقة بالجرائم الموجهة ضد الدولة، وإثارة الفتنة والقلاقل بين المجموعات، وأضاف: لكن للأسف لا توجد لدينا دولة حالياً، ولا يوجد قانون ولا نيابة ولا قضاء، وأصبح للأسف كله مسيساً.

و يرى المحامي محمد إسماعيل أن خطاب الكراهية ليس بالشيء الجديد، بل هو قديم وكان يمضي إلى الاندثار، لكن مع ظهور نظام الإنقاذ البائد بدأ يستشري مرة أخرى وسط المجتمع السوداني.

ويشير إسماعيل في حديثه لـ(التحرير) إلى أن ثورة ديسمبر كانت تناشد الشعب السوداني بالوقوف ضد هذا الخطاب، من خلال شعاراتها التي دعت إلى “الحرية والعدالة والسلام”، وشعار “كل البلد دارفور” ، لافتاً إلى أن الخطاب الذي استشرى مؤخراً كان مقصوداً منه تحقيق مكاسب سياسية؛ مما أدى إلى نشوب صراعات قبلية كأحداث “النيل الأزرق”مبيناً خطورة هذا الخطاب، الذي يؤدّي إلى تفكك النسيج الاجتماعي، وتطوّره إلى إمكانية دخول السودان في حروب وتقسيمه إلى دويلات، وعبر إسماعيل عن أسفه لانتشار هذا الخطاب وسط المثقفين، ويرى أنّ حل هذه المعضلة يتمثل في شقين: الأول قانوني يجرم الفعل، ويشدد العقوبة عليه، والثاني توعوي يرى أنه الأهم لجهة أن خطاب الكراهية تتبناه كيانات وقبائل، ومن ثم، من الصعب تطبيق الردع القانوني على كل هؤلاء، كذلك لا بد للدولة من أن تولى اهتماماً أكبر للتصدّي لهذا الخطاب عبر برامج وخطط تعمل على مكافحته.
عبد الله زاكي الدين المستشار قانوني فإنه يصف الكراهية والعنصرية بالكريهة، مشيرا إلى أنها لا تنمو إلا في مجتمع جاهلي ينقصه الفقه، وتابع بالقول: يكفينا ما روي عن رسول الله صلوات ربي وسلامه عليه ما معناه ( دعوها فإنها منتنة).

الأمين سليمان

ويرى الأمين سليمان المستشار القانوني في حديثه لـ(التحرير) أنّ نبذ الكراهية والعنصرية يكون عبر طرائق عدة، منها : بناء خطاب من المعرفة من خلال فتح مساحة من النقاش و الحوار وتبادل الآراء والأفكار، وفهم الأمور المشتركة التى تجمع بين مكونات المجتمع، بإضافة إلى سن قوانين وسياسات أفضل تؤسس للفهم والثقة، وبناء مجتمع قوى يثمن التنوع والاختلاف، ويوفر الحماية الكاملة لحقوق الإنسان فى المساواة وحرية التعبير، بجانب وضع قوانين عقابية لتحد من خطاب الكراهية بوضع عقوبة السجن والغرامة المالية التى تدفع الناس إلى تغيير رأيهم.

ودعا سليمان الحكومة إلى القيام بواجبها وأداء دور وقائى مهم فى الحيلولة من تسارع حدة التوترات، وردع الآخرين عن الانخراط فى مثل هذه الأفعال، وأن يتم إفساح المجال للفاعلين لتوجيه الخطاب المضاد، عبر وسائل الإعلام والصحفيين ومنظمات المجتمع المدنى، فى نشر الوعي وتوسيع مواعين الحوار لجمع الشمل والتصدي لعدم قبول الآخر والتمييز.

بلال زكريا

من جانبه، يقول بلال زكريا المستشار القانوني في إفادته لـ(التحرير) إنّ خطاب الكراهية كريه، و ينخر في أساس توافق قيام الدولة السودانية، مشدداً في الوقت ذاته على ضرورة مواجهته بالوعي، وتأكيد أنه لا يخدم إلا أعداء الوطن.

التعليقات مغلقة.