سعادة العقيد.. خلف در

سعادة العقيد.. خلف در
  • 20 أكتوبر 2022
  • لا توجد تعليقات

حيدر المكاشفي

أذكر أن ثاني تجربة عملية لي في مجال الصحافة بعد التجربة القصيرة التي قضيتها بالتلفزيون القومي، كانت بصحيفة القوات المسلحة وكنت وقتها ما أزال طالبا أدرس الصحافة بجامعة أم درمان الاسلامية، ولهذا أدين لهذه الصحيفة بفضل كبير أحفظه لها، والمعروف عن هذه الصحيفة أنها صحيفة متخصصة تصدر عن فرع التوجيه المعنوي، وعندما نقول متخصصة فان ذلك يعني نظريا ومهنيا أن تكرس اهتمامها للتخصص أو القطاع الذي تخدمه صحفيا، فما بالك إذا كان هذا القطاع الذي أريد لهذه الصحيفة أن تخدمه هو القوات المسلحة التي يفترض أن تمثل أعلى مراقي ودرجات القومية والوطنية،

وإذا كان أول درس يتلقاه متدربو القوات النظامية في السلاح هو الفك والتركيب، فإن أول الدروس القومية والوطنية التي تعلمتها في هذه الصحيفة على يد المقدم صلاح بابكر وكان وقتها يشغل فيها منصب مدير التحرير هو أن هذه الصحيفة لا تخدم جهة غير هذا الوطن ولا جماعة غير هذا الشعب بكل مجاميعه وأطيافه وسحناته، ولا تعادي إلا من يعتدي على الوطن أو يعادي شعبه ولا شأن لها بتكتيكات الساسة ولا ألاعيب السياسة، كان ذلك عندما استأذنته في اجراء حوار مع زعيم المعارضة الليبية آنذاك (سقط اسمه من الذاكرة) وكان يقيم بالخرطوم ضيفا عزيزا على الحكومة التي استضافته وكرمته نكاية في القذافي الذي ساءت علاقتها به، فردني المقدم صلاح بلطف معترضا على إجراء هذا الحوار الذي رأي أنه يتعارض مع الخط التحريري للصحيفة، وقبل ذلك يصادم واجبات الجيش وعقيدته التي تعصمه من التزحلق على مزلاج السياسة المتحرك والذي لا يعرف العداء الدائم ولا الصداقة المستديمة بل الاستقلالية الدائمة،
كان ذلك هو طبع الصحيفة وطابعها إلى أن أطل علينا عهدها الحالي…

عهد العقيد الحوري الذي كان أكثر ما أتى به من عجائب وهو يمارس الطعن واللعن فيما يكتبه ويفتح نيران هيجانه وتجنيه وتهجمه على بعض الساسة وقادة الأحزاب، ويناصر ويدعم آخرين، رغم ما في ذلك من طعنة نجلاء تصيب قومية المؤسسة التي ينطق باسمها ويكتب بلسانها في مقتل ويسبغ عليها صبغة حزبية وسياسية صارخة ويجيرها لصالحها، وهكذا ظل دأبه رغم ما فيه من تجاوز وعدم انضباط، يكيل السباب ويوزع الشتائم بأقصى وأقسى مافي قاموسه من مفردات البغض والكراهية لكيانات ومكونات محددة دأب على استهدافها باستمرار، لا لشئ سوى أنه يقف على الضفة الاخرى المضادة لهذه الكيانات والمكونات… ولك بعد ذلك عزيزنا القارئ أن تتعجب و(تدي ربك العجب) ثم تسأل عن هوية هذه الصحيفة وما الذي تريده بمثل هذه الكتابات المهاترة التي ليس مكانها بأية حال الصحيفة الناطقة باسم قلعة من قلاع القومية والوطنية أو هذا ما يفترض، ويكفي أن في بعض صحف الخرطوم الأخرى متسعا وبراحا لمثل هذا النواح والردح….
الجريدة

التعليقات مغلقة.