المخلوع على رأسه ريشة!!

المخلوع على رأسه ريشة!!
  • 21 ديسمبر 2022
  • لا توجد تعليقات

خيدر المكاشفي

العنوان أعلاه (المخلوع على راسو ريشة)، هو تحوير منا للمثل الذائع (الحرامي في راسو ريشة)، ومعنى المثل أن الحرامي دائما ما يترك أثرا أو شارة تدل عليه، أي أنه لا بد من أن يوقع نفسه بشيء يبدو منه، وللمثل قصتان، قصة تروى عن نبي الله سليمان عليه السلام، نقلتها بعض كتب التراث، منها ابن قتيبة في كتاب (عيون الأخبار)، وفي كتاب (أخبار الظّراف والمتماجنين) لابن الجوزي، وخلاصتها أن شيخا سرِقت له إوزة، فشكا ذلك إليه، فخطب الناس فقال، ما بال أحدكم يسرق إوزة جاره وريشها على رأسه، فمد رجل يده إلى رأسه كأنه يمسحه، فقال خذوه فهو صاحبكم، والقصة الأخرى تتفق مع السابقة في التفاصيل ولكنها تنسب الحكاية لشيخ احدى القرى..
الشاهد أن المخلوع البشير في حديثه أمام محكمة مدبري انقلاب يونيو 1989، لم ينطبق عليه فقط المثل المار ذكره، وانما أيضا انطبق عليه المثل الآخر الذي يقول (الشرك ان قبض كتر البتابت عيب، وقدر الله ان وقع ما بينفع الجقليب)..ففي جلسة محاكمة المتهمين بتدبير انقلاب 30 يونيو، قال المخلوع (أتحمل كامل المسؤولية عما تم في 30 يونيو، وأعلم أن الاعتراف هو سيد الأدلة) و(أنا قائد ومفجر (ثورة) الانقاذ الوطني)، فهذا اعتراف لا مجال ولا محيص من الادلاء بغيره، فحتى لو لم يعترف بتنفيذ الانقلاب، فهناك جملة شواهد ومشاهد تؤكد ضلوعه في الانقلاب، منها ما هو منقول عنه صورة وصوت، مثل ظهوره على التلفزيون وقراءته لبيان الانقلاب الأول، وما تبع ذلك من مراسيم انقلابية صدرت تحت توقيعه، وغيرها كثير من الشواهد والحيثيات والادلة التي لا سبيل لنكرانها، ولم تكن أمامه أية فرصة لـ(البطبطة) و(البتبتة) و(الخرخرة)، فاعترافه لن يضيف شيئا وانما هو تحصيل حاصل، فالشرك قبض ولم تعد تنفع أية (بتبتة) أو جقلبة، كما أن هناك العديد من الشواهد والمشاهد تؤكد ضلوعه في الانقلاب، منها بعض ما جاء على لسان قيادات الحاضنة السياسية للانقلاب، منها المقولة الذائعة لـ د. الترابي عراب الانقلاب للمخلوع وهو يودعه (اذهب الى القصر رئيسا وسأذهب الى السجن حبيسا)، ومنها أيضا قوله فيه (البشير هدية السماء لشعب السودان)، أو كما قال، أما أن يقول المخلوع إن الانقلاب (عمل عسكري بحت ولم يشارك أي مدني في التخطيط والتنفيذ)، فتلك مخادعة بائنة وكذب بواح، يدحضه التاريخ الموثق لكل الانقلابات التي وقعت في السودان، فأيما انقلاب حدث كانت وراءه حاضنة سياسية هي التي خططت ودبرت وتولى العسكريون التنفيذ، فانقلاب عبود كان وراءه سياسيون وكذا انقلاب مايو، أما انقلاب الانقاذ فحدث ولا حرج، اذ لم تكن قيادات الدائرة الضيقة في تنظيم الجبهة الاسلامية هي التي خططت ودبرت، بل أن بعض كوادر الجبهة المدنية شاركت في التنفيذ، والشواهد والشهادات والاعترافات مسجلة ومحفوظة،
ولم يكن مستغربا من المخلوع هذا التدليس والكذب، ويكفي أن واحدا من أشهر هتافات الثوار كان مؤداه (مش كدا يا وداد كضااااابة)، الذي اجترحه الثوار من كلمة للمخلوع بمدينة الأبيض، وجاء فى كلمة المخلوع (الأبيض تستاهل أكتر من كدا..لأنها هي عروس..ليست عروس الرمال و إنما عروس السودان.. و العروس لازم تتزين و تتحنن.. و إلتفت إلى الوزيرة وداد التي كانت برفقته و قال ليها مش كدا يا وداد)..و..كما قال الشاعر الشعبي وأظنه عكيرالدامر
سمح الزول اكون بين الرجال عمسيب
التـــــــوب والكفن ما بخيطولن جيب
الهم ان كتر في الراس بسوي الشيب
والصقـــر ان وقـــــــع كتر البتابت عيـــب..
الجريدة

التعليقات مغلقة.