وحي الفكرة-التنمر العنصري واﻹبداع… نموذج سوداني

وحي الفكرة-التنمر العنصري واﻹبداع… نموذج سوداني
  • 19 يونيو 2023
  • لا توجد تعليقات

محجوب الخليفة

الشاعر الطيب محمد سعيد العباسي يرد من صراطه المستقيم علي الحسناء ذات الفراء..

الموضوع شيق للغاية ومثير حد الدهشة والتي قد تدفع المولعين بدراسة ردة الفعل اﻹبداعي تجاه المواقف الصادمة إلى اﻷهتمام به وإخضاعه للدراسة النقدية الدقيقة ،ولكم أن تتخيلوا فداحة الصدمة لفعل غير إنساني على اﻹطلاق ثم تأتي المفاجأة بردة الفعل المدهشة بالموقف الجميل والفعل اﻹنساني الرفيع وكأنك تري أمام ناظريك ردفعل طفولية بريئة من المبدع تجاه من يرسل إليه صفعة مباغتة على وجهه، لتأتي ردة فعله على غير المتوقع وهى أن يهدي من صفعه علي وجهه وردة مع كلمات معطونة في فيوض اﻷلق الشاعري والعتاب الرقيق الذي ينقل صاحبة الصفعة إلى الصفحة اﻷولي لمشاهير العالم بعد أن كانت تمضي في شارع مجهول ووقت لم ينتبه إليه أحد ﻹنها مثل كثير من الحسناوات اﻷخريات الﻷئي يبتلعهن زحام طرقات المدن المزدحمة مثل القاهرة فى ستينيات القرن الماضي حيث كانت الحادثة والموقف الﻻإساني من تلك الحسناء ذات الفراء اﻷبيض تجاه شاعرنا السوداني الفذ الطيب محمدسعيد العباسي، وذلك كان موقف شاعرنا الجميل وهو يرد على التنمر العنصري المجحف والذي دفعه للرد من على صراطه المستقيم علي الحسناء المتنمرة عليه بقصيدته الرائعة ونعني قصيدته ذات الفراء والتى إشتهرت بإسم (يافتاتي) بعد أن تغنى بها الفنان السوداني الطيب عبدالله، لا يشغلنكم الصراط المستقيم المذكور هنا، ﻻ تذهبوا بعيدا فذاك إسم أطلقه رفاق شاعرنا على سريره الخاص بغرفته حيث يقيم في محافظة الجيزة بالقاهرة وﻻ أدري لماذا أطلقوا على سرير شاعرنا بالصراط المستقيم ربما لدقة عناية الشاعر وأهتمامه به ومحافظته علي مرتبا بعيدا عن فوضي سرر رفاق الصبا والشباب والدارسة،قلت ذلك من عندي إجتهادا لفك ﻹلتباس ولطالما أن شاعرنا الضخم السيرة والمعرفة والكريم اﻷصل يبعد عنه أى شبهة القبول بأي تطاول او تجاوز من رفاقه واصدقائه الشباب على قداسة الصراط المستقيم المذكور في القرآن الكريم ﻹستحالة قبوله بذلك وهو سليل بيت ديني مشهود له بالعلم واﻷخلاق والصرامة تجاه المعتقد الديني..


ولمن فاتهم اﻹطلاع على سيرة شاعرنا الجميل صاحب القصة عليه رحمة الله نعيد قراءة جانب من سيرته.. فهو الطيب محمدسعيد العباسي محمد شريف الشيخ الطيب أحمد البشير رائد الطريقة السمانية المعروفة وتلميذ سمان المدينة المنورة المشهور.. وجده ﻵبيه هو استاذ اﻹمام المهدي صاحب الثورة المهدية المعروفة..


وجده ﻷمه الزبير باشا أحد أعلام السودان… ثم أن والده هو شاعر السودان والمشهور فى أوساط خبراء ونقاد ودارسي اﻷدب العربي المعاصر.. فقد كان والده من أميز شعراء العربية فى العصر الحديث ولمن يرغب أن يعيد التحقق أن يرجع الي أشعاره الموجودة فى ديوانه الشهير المطبوع (ديوان العباسي) بل قد يكفى فقط اﻹطلاع علي قصيدته الرائعة (عهد جيرون) والتى يردد الفنان الكبير عبد الكريم الكابلي بعضا من مقاطعها في مقدمات اغنياته.. فمعظم الناس يحفظون للعباسي أبياته ..
أرقت من طول هم بات يعروني
يزيد من لاعج الذكري ويشجوني
إلى أن يقول..
منيت نفسي آمالا يماطلني فيها
زماني من حين إلي حين
ولست أرضي بأسباب الهوان ولى
آباء صدق من الغر الميامين
النازلين علي حكم العلا أبدا
من زينوا الدهر منهم أي تزيين
إلى قوله
يابنت عشرين واﻷيام مقبلة
ماذا تريدين من موعود خمسين..
تلك أبيات عابرة لشعر والده العباسي…
أما سيرته هو أعني شاعرنا الطيب محمد سعيد العباسي والمولود بمنطقة الجيلي شمال الخرطوم فى العالم 1929 وتوفي في العام 2008 ..تخرج في كلية الحقوق جامعة القاهرة وعمل بالسلك القضائي حيث عمل قاضيا بجميع أنحاء السودان وتدرج في الوظائف حتى أصبح مستشارا قضائيا رفيعا بدولة اﻹمارات العربية المتحدة..

قصة التنمر العنصري وقصيدة ذات الفراء (يافتاتي)…
يقول شاعرنا كنت ماض فى طريقي تجاه مسكني بمحافظة الجيزة بالقاهرة فى أحد أيام دراستي بجامعة القاهرة .. وتصادف مروري مع مرور حسناء فائقة الجمال تلبس فراء ابيض سحرني حسنها فأرسلت نظرات إعجابي بها وقبلتي التي ارسلتها لها في الهواء والتي صدتها بثورة غاضبة وكلمات صادمة وصفتني بالبربري وعيرتني بسواد لوني وكأن إعجابي بجمالها سبة انزع منها حسنها ووصمة عار تجعلها حقيرة أمام أعين الآخرين…فقد أحدثت ردت فعلها صدمة دفعتي للرد عليها شعرا بعد إن استقر بى المقام علي سريري (الصراط المستقيم) وكانت قصيدة ذات الفراء التى إشتهرت ب
يافتاتي
كل قلب في الحب يبترد
ب
وأنا ماخلقت في وطنْ

الهوى في حِمَاهُ مضطهد

فلماذا أراكِ ثائرة

وعلام السِبَابُ يضطرد

والفراء الثمين منتفض

كفؤادٍ يشقى به الجسد

أَلأَن السّواد يغمرني

ليس لي فيه يافتاة يد

أغريب ؟..إن تعلمي فأنا

لي ديار فيحاء ولي بلد

كم تغنيت بين أربُعه

لحبيب في ثغره رغد

ولكم زارني وطوّقني

بذراعيه فاتن غرد

أيّ ذنب جنيت فأندلعت

ثورة منك خانها الجلد

أوذنبي في قبلة خطرت

مع نسيم إليك يتئد

ألهذا فالنهد مضطرب؟

ولهذا العيون تتقد؟

ولماذا هذا الصليب ترى

بين نهديك راح يرتعد؟

خبريني ذات الفراء فقد

جف جناني وأجدب الرشد

أيمر النُمَير بي أَلِقاً

وانا ظاميءٌ ولا أرد؟

…………….

أو غيري هواك ينهبه

وفؤادي لديك مضطهد؟

أَلِيَ الهجر والقلَى أبداً

ولغيري الشفاه والجسد ؟

لى كغيري يازهرتي أملٌ

وفؤاد يهوى ولى كبد

لى بدنياي مثلما لهمو

لي ماض وحاضر وغد

………………….

الوداع الوداع قاتلتي

ها أنا عن حماك أبتعد

سوف تنأى خطايَ عن بلد

حجرٌ قلب حوّائه صلد

وسأطوي الجراح فى كبدي

غائراتٍ وما لها عدد..

التعليقات مغلقة.