رحلة التخلي عن الدمج: من (قحت) إلى (تقدُّم)
هل الهدف تفكيك الجيش؟

رحلة التخلي عن الدمج: من (قحت) إلى (تقدُّم)<br> هل الهدف تفكيك الجيش؟
  • 08 مايو 2024
  • لا توجد تعليقات

يوسف حسين

(1)
منذ السنين الاولى لحكم الحركة الاسلامية، وانخراطها المحموم فى مشروع التمكين، فى كافة مفاصل الدولة، وعلى راسها القوات النظامية، ظل مبدأ الاصلاح الامنى العسكرى، محورا مركزيا فى كافة الادبيات المعارضة لحكم الاسلاميين، كخطوة رئيسية للوصول الى دولة وطنية وديمقراطية مستدامة، بعد الاطاحة بهم، واذداد هذا المبدا ترسخا واهمية، بمرور سنوات حكمهم، ليبلغ ذروته فى ثورة ديسمبر 2019، فبعد الاسقاط الجزئى للنظام، شكل الاصلاح الامنى العسكرى اهم واعقد قضايا الانتقال الى الدولة المنشودة. و اهم محاور الاصلاح المستهدف، هو تكوين جيش قومى مهنى موحد، وذلك بدمج الجيوش المتعددة فى الجيش النظامى.

اخر الرؤى السياسية حول هذا المحور هى الرؤية التى اعلن عنها تحالف القوى الديمقراطية المدنية (تقدم )، والتى وردت فى البيان الختامى للمؤتمر القيادى للتحالف، فى اديس ابابا فى الثالث من ابريل الجارى، حيث لخص البيان الختامى للمؤتمر رؤية تقدم لانهاء الحرب وتاسيس الدولة السودانية، والتى تضمنت رؤيتها بخصوص مسالة الاصلاح الامنى العسكرى.

هذا المقال سيقوم ، برصد توثيقى ،لكل ما ورد بخصوص الاصلاح الامنى العسكرى، انطلاقا من الوثيقة الدستورية وحتى رؤية تقدم الاخيرة، وسيقوم بربط ذلك بمجريات الصراع السياسى والعسكرى ومسار الحرب الجارية حاليا، والتحالفات المحلية والارتباطات والتدخلات الاقليمية والدولية .

(2)
اولا الوثيقة الدستورية:
لم تخض الوثيقة الدستورية بشكل تفصيلى فى مسالة الاصلاح الامنى والعسكرى، لكنها اجملت ذلك فى البندين الثانى عشر، والخامس عشر من مهام الفترة الانتقالية، اذا يتحدث البند الثانى عشر عن اصلاح اجهزة الدولة وعن اسناد مهمة الاصلاح العسكرى للعسكريين (وضع برامج لإصلاح أجهزة الدولة خلال الفترة الانتقالية بصورة تعكس استقلاليتها وقوميتها وعدالة توزيع الفرص فيها دون المساس بشروط الأهلية والكفاءة، على أن تسند مهمة إعمال إصلاح الأجهزة العسكرية للمؤسسات العسكرية وفق القانون) ،بينما يتحدث البند الخامس عشر ،عن تفكيك التمكين (تفكيك بنية التمكين لنظام الثلاثين من يونيو 1989م وبناء دولة القانون والمؤسسات).

(3)
فى الخامس والعشرين من اكتوبر 2021 ، نفذ طرفا المكون العسكرى، انقلابهم على السلطة الانتقالية،وتولى العسكر الحكم بمفردهم، بالمقابل اشتعلت الشوارع بثورة عارمة مقاومة لحكمهم ، رفعت شعارها الثلاثى، الرافض للتفاوض والمساومات والشراكة مع العسكر، استمرت الثورة عارمة وقدمت ما يزيد عن مائة وعشرون شهيدا، ولم يفلح الاتفاق الذى وقعه البرهان مع حمدوك فى التاثير عليها ، بعد ذلك بفترة وجيزة ،ورغم تبينها للشعارالثلاثى، خاضت قوى الحرية والتغيير برعاية اممية وسعوديه امريكية مفاوضات سرية مع العسكر، نتج عنها “الاتفاق الاطارى”، الذى تناول الاصلاح الامنى العسكرى، بشكل اكثر وضوحا وتفصيلا من الوثيقة الدستورية، فقدتناول، توصيف القوات المسلحة وعقيدتها وتكوينها ومهامها ،وتبعيتها للسلطة التنفيذي المدنية، و خطوات اصلاحها ،التى جعلها فى ايدى المكون العسكر ى.
فيما يلى مبدا الدمج ،نصت المادة 6/ج، من الباب الرابع من الاتفاق، على أن من مهام الجيش، تنفيذ سياسات الاصلاح العسكرى بكل تفاصيلها المتعددة،

( تنفيذ السياسات المتعلقة بالإصلاح الأمني والعسكري وفق خطة الحكومة الانتقالية وصولا لجيش قومي مهني احترافي واحد)، والتى من ضمنها (دمج قوات الدعم السريع في القوات المسلحة وفق الجداول الزمنية وقوات حركات الكفاح المسلح).
وفى الجزء الخاص بقوات الدعم السريع نص الاتفاق الاطارى، على تبعيتها للقوات المسلحة ، وعلى دمجها فى القوات المسلحة “ضمن خطة الإصلاح الأمني والعسكري والذي يقود إلى جيش مهني قومي واحد يتم دمج الدعم السريع في القوات المسلحة وفق الجداول الزمنية المتفق عليها”، وكانت الجداول الزمنية اللازمة للدمج،وتحديدا المدة الزمنية اللازمة لدمج الدعم السريع فى الجيش، هى العقدة التى اختلفت حولها قيادتا الجيش و المليشيا، اذا طالب الجيش بان يكون الدمج فى خلال عامين، بينما طالب الدعم بفترة 22 عاما، وكانت المفاوضات تدور للوصول الى تسوية حول هذه المدة، عندما اندلعت الحرب، قبل التوصل الى اتفاق نهائى حول هذه النقطة .

(4)
في العاشر من أغسطس من العام الماضى، اصدرت مليشيا الدعم السريع بيانا، بمناسبة انضمام مجموعة من الضباط والجنود ممن وصفهم ب”شرفاء القوات المسلحة”، “لقوات الدعم السريع”، وفى ذلك البيان قدمت رؤية جديدة هى ” ضرورة تأسيس وبناء جيش سوداني جديد من الجيوش المتعددة الحالية، وذلك بغرض بناء مؤسسة عسكرية قومية مهنية واحدة تنأى عن السياسة، وتعكس تنوع السودان في قيادتها وقاعدتها وفقاً للثقل السكاني”.وقبل هذا البيان،بأقل من شهر، كان حميدتى قد دعي من اسماهم بشرفاء القوات المسلحة الى الانحياز لقوات الدعم المسلح، لتشكيل النواة الأساسية التى سيبنى حولها الجيش القومي المهني الواحد.
هذا الاعلان من مليشيا الدعم السريع، لم يكن فقط رفضا لعملية دمجها في الجيش، بل هو يتعدى ذلك الى كونه دعوة لتفكيك القوات المسلحة السودانية، ودمج من يتم تصنيفهم كشرفاء الجيش، في الدعم السريع، لتشكيل نواة الجيش الجديد، بالمواصفات التى طرحها بيان الدعم وخطاب حميدتى، وهذا الموقف الجديد الذى يعلن لاول مرةمن مليشيا الدعم السريع ، يناقض ما ورد بشان الدمج فى الاتفاق الاطارى وينسف الاتفاق برمته، فمبدأ دمج مليشيا الدعم في القوات المسلحة، شكل حجر الزاوية والعقدة المركزية، للإصلاح الأمني /العسكري فى ذلك الاتفاق، وهذا الموقف، هوالموقف الحقيقى لمليشيا الدعم من قضية دمجها فى الجيش، ولايستغربه الا من من لم يكن متابعا لنمو المليشيا وتصريحات قادتها، فقد ظلت المليشيا ترفض الدمج جملة َتفصيلا، منذ عهد المخلوع عمر البشير ، ولم تعلن الموافقة عليه فى الاتفاق الاطارى، الا للالتفاف عليه مستقبلا، لذا طالبت بان تكون فترة الدمج اطول بسنين عديدة مما طالب به الجيش، وذلك حتى تكمل بناء قدراتها العسكرية، للدرجة التى تسمح لها بفرض موقفها الحقيقى الرافض للدمج على الجميع .

(5)
في مساء نفس اليوم لبيان مليشيا الجنجاويد المشار اليه، استضافت قناة الجزيرة مباشر، محمد سليمان الفكي، عضو المجلس المركزى ،لقوى الحرية والتغيير، لاستجلاء موقفها، مما ورد فى بيان مليشيا الدعم السريع، وسئل عن مدى تمسك قوى الحرية والتغيير برؤية الاصلاح العسكرى الواردة فى الاتفاق الاطارى، والتى نصت على” تكوين جيش وطني قومي مهني واحد، يتم فيه دمج مليشيا الدعم السريع والحركات المسلحة”.
فكان ملخص رده ان قوى الحرية والتغيير ، ترى ان الرؤية القائلة بدمج الدعم داخل القوات المسلحة وفق جداول زمنية، قد تجاوزها الواقع “كانت قبل الحرب”، وان الحرب قد “خلقت واقعا جديدا”،واوضح ان قوى الحرية والتغيير لديها ” تصور سياسي مبدئى” حول” النواة” او ملامح القوات العسكرية المراد تكوينها، لم يرق بعد لمرحلة الرؤية الكاملة، مشيرا الي انها ستقوم بطرح الامر على الأمنيين للوصول الى رؤية متكاملة في الفترة المقبلة.

هذا الحديث كان بمثابة اعلان رسمى من قحت، عن شطب فكرة دمج مليشا الدعم السريع، وقوات الحركات المسلحة فى الجيش، والتخلى عنهابصورة نهائية، وذلك يعنى ببساطة ان قحت قد قامت بنسف للاتفاق الاطارى. وكل ماجاء فيه من خطوات للاصلاح العسكرى.
فى تبريره لهذه الخطوة، في نفس اللقاء، قدم محمد الفكى سليمان،حجة واهية، وهى ان الحرب قد تسببت فى تحطيم المنظومة الامنية، وان كلا الطرفين الجيش السوداني ومليشيا الدعم السريع، في حاجة لاعادة بناء كاملة، وشدد علىضرورة المحافظة على وجود قوات مليشيا الدعم السريع ،ضمن قوات الجيش المهني القادم، واصفا اياها بأنها قوات ضخمة العدد، جيدة التجهيز وذات كفاءة، وانها ظلت لفترة طويلة تشكل قوات المشاة بالنسبة للجيش السوداني، محذرا من خطورة السعي لتدميرها بشكل نهائي، حتى لاينكشف ظهر القوات السودانية. ولايحتاج الامر لكثير ذكاء للقول ان قوى الحرية والتغيير،بهذا الاعلان قد تبنت موقف مليشيا الدعم السريع، الرافض للدمج في الجيش.اضافة الى التاكيد على اهمية وجودها فى الجيش القائم ،والاطناب فى مدح قدراتها والتاكيد على اهمية وجودها ، رغما عن ماضيها الموغل فى جرائم الابادة والتطهير العرقى وجرائم الحرب فى دارفور، ورغما عما ارتكبته من جرائم حية فى الحرب الدائرة الآن.

(6)
فى الخامس عشرمن اغسطس من العام الماضى ، بعد خمسة ايام من البيان الذى اصدرته مليشيا الدعم السريع، بخصوص تكوين الجيش، اصدرت القوى المدنية الموقعة على الاتفاق الاطارى، والتى تقودها قوى الحرية والتغيير، بيانا فى ختام اجتماعاتها فى اديس ابابا، والذى عُقِد لبحث ” سبل إنهاء الحرب، والتدابير اللازمة لبناء جبهة مدنية عريضة” جاءت فى ذلك البيان فقرة عن الاصلاح العسكرى نصت على (بناء جيش واحد مهني وقومي يعكس تعدد السودان وتنوعه بصورة حقيقية وينهي وضعية تعدد الجيوش وينأى عن السياسة كلياً وعن النشاط الاقتصادي ويخضع للسلطة المدنية، وينقى من وجود عناصر النظام السابق، وأي وجود سياسي آخر ويجرم الانقلابات العسكرية وتكوين أي مجموعات مسلحة لا سيما المجموعات التي تسلح على أساس حزبي أو قبلي وجهوي، ويلتزم بالقانون الدولي ومواثيق حقوق الانسان العالمية والإقليمية.) ، و من الواضح ان هذا النص قد صيغ بعناية فائقة وبغاية الدقة، كمقدمة لانقلاب قحت الرسمي على مبدأ الدمج ، فقد جاء الحديث فيه، عن “بناء جيش واحد مهني وقومي”، مع تجاهل تام لكيفية تحقيق ذلك ، متجاوزا ما تم الاتفاق عليه فى الاتفاق الاطارى، بخصوص دمج قوات الدعم السريع وقواتةالحركات في القوات المسلحة وفق جداول زمنية محددة.

(7)
فى الثانى من يناير من هذا العام، وقع كل من د.عبدالله حمدوك رئيس تنسيقية تقدم، و حميدتى قائد مليشيا الدعم السريع، ما سمى باعلان اديس ابابا، تناول عدة محاور ، وﻗﻒ اﻟﻌﺪاﺋﯿﺎت واﯾﺼﺎل اﻟﻤﺴﺎﻋﺪات اﻹﻧﺴﺎﻧﯿﺔ وﺣﻤﺎﯾﺔ اﻟﻤﺪﻧﯿﯿﻦ، وﻗﻀﺎﯾﺎ إﻧﮭﺎء اﻟﺤﺮب وﺗﺄﺳﯿﺲ اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﺴﻮداﻧﯿﺔ، فيما يتعلق بالاصلاح العسكرى اتفق الطرفان على، ( ﺗﻨﻔﯿـﺬ ﺑﺮاﻣﺞ ﺷــــﺎﻣﻠـﺔ ﻹﻋـﺎدة ﺑﻨـﺎء وﺗـﺄﺳــــﯿﺲ اﻟﻘﻄـﺎع اﻷﻣﻨﻲ وﻓﻘـاً ﻟﻠﻤﻌـﺎﯾﯿﺮ اﻟﻤﺘﻮاﻓﻖ ﻋﻠﯿﮭـﺎ دوﻟﯿـاً، ﻋﻠﻰ أن ﺗﺒـﺪأ ھـﺬه اﻟﺒﺮاﻣﺞ ﺑﺎﻟﺘﻌﺎطﻲ اﯾﺠﺎﺑﯿﺎ ﻣﻊ اﻟﻤﺆﺳــــﺴــــﺎت اﻟﻤﻮﺟﻮدة ﺣﺎﻟﯿًﺎ وﻋﻠﻰ أن ﺗﻔﻀــــﻲ ھﺬه اﻟﻌﻤﻠﯿﺎت ﻟﻠﻮﺻـﻮل اﻟﻰ ﺟﯿﺶ واﺣﺪ ﻣﮭﻨﻲ وﻗﻮﻣﻲ ﯾﻌﺒﺮ ﻋﻦ ﻛﻞ اﻟﺴـﻮداﻧﯿﯿﻦ وﻓﻘًﺎ ﻟﻤﻌﯿﺎر اﻟﺘﻌﺪاد اﻟﺴـﻜﺎﻧﻲ، وﯾﺨﻀﻊ ﻟﻠﺴﻠﻄﺔ اﻟﻤﺪﻧﯿﺔ وﯾﺪرك واﺟﺒﺎته وﻣﮭﺎمه وﻓﻘًﺎ ﻟﻠﺪﺳﺘﻮر، ليضع ﺣﺪا ﻗﺎطﻌًﺎ ﻟﻈﺎھﺮة ﺗﻌﺪد اﻟﺠﯿﻮش “اﻟﻘﻮات اﻟﻤﺴـــﻠﺤﺔ، اﻟﺪﻋﻢاﻟﺴـــﺮﯾﻊ، اﻟﺤﺮﻛﺎت اﻟﻤﺴـــﻠﺤﺔ، واﻟﻤﻠﯿﺸـــﯿﺎت” ﺧﺎرج إطﺎر اﻟﺠﯿﺶ اﻟﻤﮭﻨﻲ اﻟﻘﻮﻣﻲ اﻟﻮاﺣﺪ )، هذا النص ايضا خلى من اى اشارة الى مبدا دمج المليشا، والحركات المسلحة فى الجيش، كما انه وضع الجيش فى كفة واحدة مع الحركات ومليشيا الدعم، عندما ذكره كاحد الجيوش المتعددة، وبذلك يجرده من وضعيته الاعتبارية كجيش الدولة الرسمى الذى يجب دمج بقية القوى المسلحة والمليشيات فيه.

(8)
فى فبراير الماضى انتشرت نسخة مسربة “غير موقعة”، قيل انها لاتفاق المنامة المزعوم والمسمى ب”مبادئ وأسس الحل الشامل للأزمة السودانية”، والذى قيل ان تم التوقيع عليه من الفريق اول شمس الدين كباشى، عن الجيش، وعبد الرحيم دقلو عن مليشيا الجنجاويد، ، احتوت تلك النسخة المسربة على 22 مادة، تناولت العديد من القضايا ومن ضمنها المادة السابعة، عن الاصلاح الامنى العسكرى ،والتى نصت على ” بناء وتأسيس جيش واحد مهني وقومي، يتكوّن من جميع القوات العسكرية “القوات المسلحة، وقوات الدعم السريع، وحركات الكفاح المسلح” جيش يراعي التنوع والتعدد السوداني في كافة مستوياته بعدالة، وينأى عن السياسة والنشاط الاقتصادي) ،وهذا النص ايضا ، يشابه اعلان اديس ابابا ، حيث انه يضع لجيش فى كفة واحدة مع مليشيا الدعم السريع، والحركات المسلحة،وايضا يتوافق لحد كبير ،مع ما ورد فى بيان الدعم السريع ،حيث ينص على تكوين جيش من “القوى العسكرية الثلاث” ، ولا ذكر فيه لاى عملية للدمج ،وشتان ما بين عملية دمج قوات الحركات والمليشيا فى الجيش، وبين عملية تكوين جيش يضم الجيش والجنجاويد والحركات المسلحة. تجدر الاشارة ،الى انه لم تصدر اى بيانات رسمية تؤكد صحة حدوث ذلك التفاوض و الاتفاق، لا من دولة البحرين راعية الاتفاق المزعوم، ولا من الوسطاء الدوليين الأربعة ،ولا من الجيش السوداني او الدعم السريع، كما ان كباشى نفسه قدنفى ضمنا وجود اتفاق كهذا حين صرح فى كوستى بعد نشر نسخة الاتفاق المزعوم ،إنهم لن يتفاوضوا مع مليشيا الدعم الا بعد خروجها من بيوت المواطنين والمواقع المدنيةالتى تحتلها.

(9)
فى الفترة من الثالث الى السابع من مارس الجارى، عقد تحالف القوى الديمقراطية المدنية “تقدم”، ورشتين متزامتين فى كمبالا، الاولى ورشة للعدالة الانتقالية، والاخرى ورشة للاصلاح العسكرى الامنى، خلصت ورشة الاصلاح الامنى العسكرى، الى تكوين “رؤية تقدم لبناء وتأسيس القطاع الأمني والعسكري “، وضعت فيها الأسس والمبادئ لتاسيس وبناء منظومة امنية عسكرية مهنية وقومية، بما في ذلك الجيش المهني القومي الواحد، وذكرت الرؤيا ان عملية البناء والتاسيس هى جزء من تصور شامل لإعادة بناء الدولة السودانية، وانها يجب أن تخاطب مصالح كافة الأطراف، والعديد من النقاط الاخرى، اما بخصوص محور المقال، فقد نصت الرؤية فى المبدا الأول فيها، على “بناء وتأسيس جيش قومي مهني من كل القوات العسكرية القوات المسلحة والدعم السريع وحركات الكفاح المسلح” ينأى عن السياسة والاقتصاد ويعكس تنوع وتعدد السودانيين في كافة مستوياته حسب الثقل السكاني، ينهي ظاهرة تعدد الجيوش داخل الدولة”، وهذا النص ايضا يضع الجيش، فى نفس مقام قوات الحركات ومليشيا الدعم، ويعتبره طرفا من ثلاث اطراف، ينبغى ان يتكون منها الجيش الموحد، كما نصت المادة الثامنة، من مبادى تقدم للاصلاح الامنى العسكرى على “أدارة القطاع الأمني والعسكري وفقاً لنظام الحكم الفيدرالي “، وهذا مسالة يتم التطرق لها لاول مرة في امر الاصلاح العسكري ، وسيتناول المقال ابعادهافي جزئه الثاني.
وهنا تجدر الاشارة، الى ماذكره محمد الفكى سليمان، فى لقائه المشار اليه فى المقال سابقا، حيث ذكر ان قحت ستتحدث الي عدد من الامنيين والعسكريين لاكمال صياغة رؤيتها حول الاصلاح العسكرى، وهذا بالضبط ماجرى تطبيقه في ورشة تقدم للاصلاح الامني العسكري واعادةةبناء الجيش ، فقد جمعت الورشة عدد من العسكريين والامنيين والساسة ، وكانت هى الخطوة الاجرائية، اللازمة لاسباغ الشرعية علي رؤية قحت الجديدة في الاصلاح العسكرى، والتى اعتمدتها منذ اغسطس الماضي ، والتي تبنت فيها حرفيا رؤية مليشيا الدعم حول الدمج التى اعلنت فى نفس ذلك التوقيت.

(10)
فى الرابع من ابريل الجارى “2024” أجازت تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية في السودان “تقدم”، فى اجتماعها القيادى، فى العاصمة الاثيوبية اديس ابابا، رؤيتها “لإنهاء الحرب وإعادة بناء الدولة السودانية”، والتى تضمنت رؤيتها حول الاصلاح الامنى العسكرى، فقد نص البند السادس ،من اسس ومبادئ الحل الشامل على،( بناء و تأسيس جيش قومي مهني من كل القوات العسكرية “القوات المسلحة والدعم السريع و حركات الكفاح المسلح” ينأى عن السياسة والاقتصاد و يعكس تنوع وتعدد السودانيين في كافة مستوياته حسب الثقل السكاني، يٌنهي ظاهرة “تعدد الجيوش داخل الدولة”.)الخ، وهذاالنص استنساخ حرفى من البيان النهائى، لورشة تقدم، حول الاصلاح الامنى العسكرى ، التى جرت فى كمبالا، وورد ذكرها فى المقال فى الفقرة السابقة.
الملاحظ فى هذا التوثيق، ان هذا الموقف الجديد من الدمج ،ومن تكوين الجيش المهنى الموحد, اصبح بشكل من الاشكال بندا ثابتا، فى كل بيان او اتفاق تكون قحت بمختلف واجهاتها طرفا فيه، منذ ان اعلنته مليشيا الدعم كرؤية جديدة لها، فى اغسطس من العام الماضى، وهاهى تقدم التي تقودهاقحت تضمنه، فى رؤيتها النهائية لانهاء الحرب وبناء وتاسيس الدولة فى اديس ابابا.

معظم البنود الاخرى المتعلقة بالاصلاح العسكرى منذ الاتفاق الاطارى، مكررة ومتشابهة، و لم تكن مثار خلاف على الاقل فى هذه المرحلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*