عبر رمضانية

عبر رمضانية
  • 01 يونيو 2018
  • لا توجد تعليقات

آسيا المدني

الحمد لله الذي علم الإنسان ما لم يعلم.

ما أجمل وما أروع من أن يتأمل الإنسان ويتعلم من الأحداث والأحوال والأزمنة والأمكنة دروساً مستفادة، ويستخلص منها العبر التي تعينه على فهم الحياة، ومعرفة طبيعة الأشياء.

التهنئة بشهر رمضان المبارك أزفها إلى الأصدقاء قراء “التحرير”، وقد انتصف الشهر، وأتبادل معهم بعض الأفكار حوله.

علمني شهر التجلي والسمو والطهر .. سنة كاملة أيامها ولياليها شبه متشابهة؛ ليأتي هو ويضع حداً لذلك التشابه، ويسحرنا برونقه الخاص، وبروحانياته الآسرة، ليجبرنا على عد لياليه متمنين ألا تمضي، ومعلنين: بأنه أفضل شهور السنة للاستثمار الأمثل. فلنستثمر كل ليلة من ليالي هذا الضيف الجميل.

علمني رمضان أن آخر غروب في شعبان أنيق جداً، يخبئ خلفه ضيفاً عزيزاً ينتظره الجميع بفارغ الصبر، فيقدمه لنا ذلك الغروب بكل تألق متسائلًا: هل ستكرمون هذا الصيف؟

علمني شهر النقاء والعطاء أن هناك موعداً يومياً ينتظره الجميع بترقب ولهفه وحماس، وهو موعد آذان المغرب. لحظة رائعة مذهلة تروي الروح والجسد لتؤكد الإعلان عن المفارقات بين الدقائق والأخرى.

علمني شهر التوبة والغفران بأن كرم الله عز وجل لا حدود له. ففي هذا الشهر ذنوب ستغفر، وأجر يتكرر فمبادئ الحساب والرياضيات تتعطل؛ لأن الأجر يكون أضعافً،ا فهنيئا لمن في عبادته الله يضاعف السهر ليتضاعف الأجر.

علمني شهر النفحات الطيبة .. أن هناك نفحات ليست كأي نفحات عند الفجر. وما أن تشتاق الروح لها حتى تعود عند الغروب نفحات نستشعر كل ثوانيها، فهي بلسم للروح، ودواء لمن خلفت له ظروف الحياة بعض الجروح.

علمني شهر الوقفات مع الذات.. أن هناك محطات يومية لتقييم الذات من أجل الذات، وتعديل الإخفاقات والتقصير، وبعد هذا التقييم يجعلنا مستعدين لمرحلة تقييم ما بعد التقييم، هو آخر يوم برمضان لنتأكد فيها عما إذا كانت كل أهدافنا تحققت؟

فلنستعد من الآن ونحن لم نصل بعد إلى العشر الأواخر، لتكون إجابتنا ، آخذين بالأسباب.

علمني شهر التربية الحميدة .. مشاهد في التربية تكرر هنا وهناك.. كان ابني يصر على الصوم رغم صغر سنه، بنجح أحياناً، ويشرب خلسة أحيانا أخرلا، إلا أنه جهد يستحق التقدير. وأخته كانت تتراكض بين يديها شيء من مائدة الإفطار، توزعه بين الجيران والفرح يملأ أعينها بحسن التدبير.. وما أن يقترب موعد الأذان إلا واجتمع أطفالي الثلاثة منتظرين؛ الله أكبر ليبدؤوا بالإفطار، كأنهم كانوا من صيام ذلك اليوم! !!! أرجو ان يحفظهم العلي القدير، ويحفظك أيها القارئ الكريم .
وكل رمضان وأنتم بخير.

الوسوم آسيا-المدني-

التعليقات مغلقة.