مشاهدات: فوضوية وعشوائية الفعاليات السودانية

مشاهدات: فوضوية وعشوائية الفعاليات السودانية
  • 15 أكتوبر 2025
  • لا توجد تعليقات

عمر المونه

البازارات السودانية هي أسواق أو معارض مؤقتة تُقام لعرض المنتجات السودانية المتنوعة، وتهدف إلى دعم المنتجين من الأفراد والأسر، من خلال توفير منصات مؤقتة لتسويق منتجاتهم والمساهمة في تنشيط الاقتصاد الأسري.
ورغم تحفظي على مصطلح «الأسر المنتجة» – إذ أرى أنّ الأدق القول «الأفراد المنتجون» – فإن الهدف في جوهره نبيل، والمبدأ يستحق التقدير.
تضم هذه البازارات مجموعة واسعة من المنتجات التي تهم المرأة والطفل، بدءًا من العطور السودانية ومنتجات العناية بالبشرة الأصيلة، إلى الأطعمة التقليدية، والحرف اليدوية، والملابس، والإكسسوارات. ومن إيجابياتها أنها تتيح فرصة حقيقية للبائعين والمبدعين لعرض مهاراتهم ومنتجاتهم، مما يسهم في خلق فرص عمل وزيادة الدخل، كما تسهم في نشر الثقافة السودانية والتعريف بخصوصيتها وجمالها عبر منتجاتها الفريدة.
غير أن هذه الإيجابيات لا تخفي جانبًا مظلمًا يتكرر في كثير من فعاليات ما يُعرف بـ«البازارات السودانية». فعلى الرغم من اجتهاد المنظمين، فإن أغلب تلك الفعاليات لا تزال تعاني من تخبّط تنظيمي واضح، ناتج عن نقص الخبرة والمعرفة بأبسط معايير التنظيم والتخطيط.
فالتخطيط يبدأ بكتابة الفكرة، ثم الاستعداد الجيد، وتحديد الفئة المستهدفة، ومعرفة المكان وسعته ومدى مطابقته لاشتراطات الأمن والسلامة. لكن الواقع مختلف؛ إذ نرى عشوائية تُفسد تجربة الزائر وتُربك حركة المتسوقين، حيث تُخصَّص المساحات الضيقة لأكثر من خمسين عارضًا، ما يؤدي إلى ازدحام واختناق، ويعوق حركة النساء والأطفال، فضلًا عن خطورة انتقال الأمراض وصعوبة التنقل بين الأركان.
أما العارضون أنفسهم، فيجدون صعوبة في الترويج والتعريف بمنتجاتهم وسط هذا الزحام غير المبرَّر، مما يُلحق بهم ضررًا كبيرًا ويُفقد البازار الهدف الأساسي من إقامته.
لقد تحوّلت هذه البازارات إلى منافسة محمومة لا طائل منها، تُنقص من قيمة المحتوى التسويقي السوداني، الذي لا يزال – للأسف – غارقًا في العشوائية وسوء العرض، سواء بيننا كسودانيين أو أمام الآخرين.
نأمل أن يُصحَّح مسار تنظيم الفعاليات السودانية في الخارج، وأن يستفيد المنظمون من تجارب الجاليات الأخرى، ومن التجارب السعودية المتميزة في دقة التنظيم وروعة التنفيذ. فالمؤسف أننا نشهد استنساخًا مريرًا لتجارب فاشلة، مغلَّفة باللهاث وراء مكاسب وهمية لا تتجاوز فقاعة صابون.
بالأمس، حضرتُ تجربتين كنت أتمنى أن تكونا مشاهدات إيجابية، لكنني خرجت بانطباع يؤكد أن كثيرًا من الشباب والشابات الشغوفين بتنظيم الفعاليات، بحاجة إلى ورش تدريب وتأهيل في هذا المجال الواسع، الذي بات يستقطب الكفاءات يوميًا في سوق العمل بالمملكة العربية السعودية.
أنا لا أنتقص من جهودهم، بل أوجّه نصيحة محبٍّ وداعمٍ لهم: صححوا المسار لتصبحوا جزءًا من صناعة حقيقية ترفع اسم السودان وتضيف إلى رصيدكم المهني.
مشهد أخير:
الأطفال جنتهم منازلهم، وإن لم يُخصَّص لهم داخل البازارات ركنٌ آمنٌ وبرنامجٌ مدروس بدقة واحترافية، فلا داعي لاصطحابهم، لأن ذلك قد يعرّضهم للاختناق أو انتقال الأمراض.
أتمنى أن نرى تجارب حقيقية نستلهم منها روح الإيجابية والإبداع.

الوسوم عمر-المونه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*