كنت (لا شيء).. لو لم أكن نحاتاً!

الفل صاحب أكبر منحوتة بسلطنة عمان: المرأة ملهمتي

الفل صاحب أكبر منحوتة بسلطنة عمان: المرأة ملهمتي
  • 13 أبريل 2017
  • لا توجد تعليقات


“النحت هو اسمى غايات التعبد من باب التدبر والتفكر في عظمة الخالق، فأصبح الأداة الأولى للوصول إلى الله سبحانه وتعالى، من خلال القرابين التي كانت تقدم للحفاظ على المحاصيل الزراعية من تأثيرات الرياح والأمطار، فالإنسان عرف وجود الخالق من خلال القدرة الخارقة التي تتحكم في الحياة، وأصبح يؤرخ لنفسةه بالنحت على الجدران، فعرفنا أساليب حياتهم من خلال النقوش الحجرية، والتماثيل التخليدية للإنسان والحيوان؛ لتمتد هذه الفنون عبر العصور مؤرخة لكثير من الممالك والمدن”.
بهذه المقدمة، ابتدر النحات السوداني أبوبكر الصديق حسين حديثه. أبو بكر أو ( بكري الفل) كما يعرفه الجميع نحات شاب تسلق سلم النجاح بكل جد، ومثابرة، وموهبة صقلها بالدراسة الأكاديمية، ليتحول من رسام جدار إلى صاحب أكبر منحوتة بسلطنة عمان.
وفي هذا الحوار نحاول دخول عالم هذا النحات السوداني الذي استطاع أن يخطف أضواء المهتمين بالنحت، ومتذوقي الفن الراقي.
• كيف كانت البداية؟
بداياتي كانت في المرحلة الثانوية، إذ كنت أرسم على جدران المدرسة اللوحات الإرشادية، وحققت شهرة واسعة؛ حتى أصبحت المدارس المجاورة تستعين بي في الرسم على جدرانها، ومن هنا استطعت أن أحدد وجهتي، حيث تخرجت في قسم النحت بكلية الفنون الجميلة والتطبيقية بجامعة السودان.
• لماذا النحت تحديداً؟
على الرغم من أن النحت هو الأصعب، لكنه هو الأشمل، الذي يستوعب كل أقسام الفن التشكيلي، فأنت تمارس الرسم، والتصوير، والخط، والهندسة، والعمارة، والضوء للخروج بعمل متكامل.
• من أين تستقي أفكارك؟
المراة هي ملهمتي، فأرى فيها كل ما في الطبيعة، من شجر وأودية تلال، وأراها من أجمل مخلوقات الله، وكنت دائماً أدافع عنها، وعن حقوقها، وإكرامها من خلال أعمالي، اضف إلى ذلك المخزون الذهني من دراساتي وبحثي عن المثالية في الجمال، وقوة التعبير، ختى صار تعبيري في أحدى المراحل العنف كي أظهر من خلاله الجمال.


• ما المراحل التي يمر بها إنجازك الفني من بداية تبلور الفكرة في ذهنك، وانتهاء بتجسيدها في واقع فني ملموس؟
إن أهمية العمل الفني تكمن في الفكرة أولاً، ثم الأسلوب؛ لذلك، فإن الفكرة هي التي تجعلني أهيم بعيداً، وانفصل عن محيطي الخارجي؛ حتى أراها أمامي قبل الشروع في تنفيذها على أرض الواقع، ثم تبدأ عملية الولادة بكل سهولة ويسر ومتعة؛ لتصبح ملكاً للمشاهد.

• أي المدارس الفنية تأثرت بها أكثر من غيرها؟
بدأت بالمدرسة الوحشية ثم الانطباعية، وبعدها أصبحت مولعاً بالانسطايليشن ارت، والآن تحررت من كل المدارس، وأبحث عن الجديد المميز من دون قيود .
لكل فنان رسالة وقضية يؤمن بهما، ويناضل من أجلهما ما القضية التي تؤمن بها، وتحاول إيصالها من خلال فنك؟
في اعتقادي أن النحت من الإيمانيات، فلذكر الله أبواب، منها: النوافل والدعاء….إلخ، فباب التعبد للنحت هو التفكر والتعمق في جماليات الخالق، فالنحاتون هم من يحافظون على الحضارات، ويجملون المدن والعواصم؛ حتى ناطحات السحاب تبدأ من منحوتة، وكذلك الميادين والفلل والبيوت تزين بالمنحوتات، فالدعوة إلى حب الجمال وترسيخه هي أعظم رسالة أقدمها من خلال أعمالي.
• اين يقف بكري الفل الآن؟
الآن الامين العام المكلف للاتحاد العام للتشكيليين السودانيين، وعضو اللجنة التنفيذية لمكتب الدار، وأحد مؤسسي اتحاد التشكليين العرب بالكويت، ورئيس جماعة فل آرت التشكيلية بالسودان، ومالك فل ارت الثقافي.
• هل هناك أعمال شكلت مسيرة الفل؟
هناك الكثير من الأعمال، ولكن من أميزها منحوتة مجد، وهي أكبر منحوته رخامية في سلطنة عمان، والأسد الفتي منحوتة من الجرانيت، ومن دون قاعدة موجودة في مدخل مدينة اسفي المغربية.
أرجوكِ لا تبكي يا أمي، منحوتة من القرانيت وضعت في متحف موسان موزيوم في العاصمة الكورية الجنوبية سئول، والجندي الباسل بالحجم الطبيعي من الجبس والأسمنت وضعت في السفارة المصرية بالسودان بمناسبة 6 أكتوبر، ولوحة تلوين تم وضعها في مستشفى القلب بدولة بنين.
وكذلك أقمت كثيراً من المعارض الفردية والجماعية في مدن السودان المختلفة، إضافة إلى المعارض التشكيلية الخارجية في كل من البحرين والأردن والمغرب واديس ابابا وبنين وبوركينافاسو والقاهرة وسلطنة عمان.
• لو لم تكن نحاتاً ما المهنة التي كنت ستمارسها؟
لو لم أكن نحاتاً أو فناناً تشكيلياً في المقام الأول لكنت لا شيء.
• اين وصل النحت في السودان اليوم
للسودان حضارة عريقة، فالأهرامات والممالك القديمة كانت شاهدة على القدرة الإبداعية لإنسان السودان، ومازالت هذه المسيرة الإبداعية متواصلة حتى الآن، فكلية الفنون الجميلة تخرج سنوياً نحاتين يشار إليهم بالبنان، ولكن للأسف بسبب الظروف الاقتصادية يلجأ كثير منهم الي امتهان الوظائف المعيشية، وهذا ليس في السودان فقط، فمعظم النحاتين في الدول العربية والإفريقية لا يجدون نصيبهم من الإبداع بسبب لقمة العيش، ولكن على الرغم من ذلك، هناك كثير من الأعمال التي ظهرت مؤخراً على شوارع العاصمة الخرطوم من أعمال جداريات نحتية وتلوينية.
• ما مشروعاتك المستقبلية؟
أحلم بأن اضع بصماتي في كل مكان اينما جرت دعوتي، وأينما ذهبت، فهي تبقى، ونحن لا نبقى.

التعليقات مغلقة.