ترى هل يتعقَّلون ..!

ترى هل يتعقَّلون  ..!
  • 22 مايو 2020
  • لا توجد تعليقات

هيثم الفضل


سفينة بَوْح

لا بأس أن نسمع  من حينِ لآخر أن مُجمل أو بعض أطراف تجمع قوى الحرية والتغيير تسعى لتصحيح المسار وإعادة البناء الهيكلي والتنظيمي والقانوني للتجمع بما يجعلهُ أكثر تناسباً وإستيعاباً للقواعد الديموقراطية المُتفق حولها وأكثر واقعية في التعبير عن (أحجام) القوى السياسية والمهنية التي تقوم على تسييره والتعبير عن توجهاته وبرامجهُ ، وذلك بما يضمن قناعة كل الأعضاء بأن (النشاط العام) للتجمع وتوجهاته وبرامجه تسير جميعها عبر آلية واضحة ومُيسَّرة تتيح لكل المنتمين إليه (الشعور) بأن طاقات التجمع ومساهماته ومخطَّطاته لا تخرج عن ما تم الإتفاق عليه من برامج ومباديء وشعارات مستوحاة من  مطالب الجماهير وإرادتها الحُرة الهادفة نحو التغيير والإنعتاق من كل معالم ومظاهر سوءات العهد البائد.

لكن يبقى السؤال الإستراتيجي والبسيط في ذات الوقت ، ما الذي يضمن للشعب السوداني الكادح والبسيط أن مبدأ (تصحيح المسار) هذا يستهدف بالفعل (المصلحة العامة) للبلاد والشعب أو حتى مجرد نجاح المرحلة الإنتقالية ؟ فالكثير من المتشائمين يعتبرون أن مبدأ تصحيح المسار هو مجرَّد إعادة تقسيم  وتوزيع للمكاسب على أسس حزبية وتكتُلية ؟ ، وعلى لسان شباب الثورة الذين لا ناقة لهم ولا جمل في الصراعات المصلحيه والمحاصصات التكتُّليه الماثلة نقول : ليت القيادات التاريخية لهذه البلاد وهي تقوم الآن بمعالجة وتدبير ما يمكن أن يقوم عليه ما تبقى من عمر المرحلة الإنتقالية من مباديء وضمانات تتيح لهذه البلاد الوصول إلى غايتها المنشودة والمتمثِّلة في إنجاز السلام الشامل ودحر الدولة العميقة وإقامة  إنتخابات حُرة ونزيهة تدفع بالبلاد للإستقرار عبر حكم ديموقراطي دستوري يحميها من الإنقلابات العسكرية ، ليتهم يستصحبون في رؤاهم (التصحيحية) هذه شباب الثورة الذين ضحوا بالغالي والنفيس من أجهل مثول آمالهم الوطنية في واقعنا المُعاش ، ثم لا ينسوا ثقتهم التي أولوها إياهم عقب إنتصار الثورة حتى ينتشلوا الوطن بخبرة (الحُكماء) وعزيمة (المُتجرَّدين) ونبوغ (الأكفاء) من مستنقع دولة المكاسب الشخصية إلى فضاءات دولة القانون والمؤسسات والمصالح الجماعية ، الشباب الحُر الذي أشعل الثورة وقادها إلى الإنتصار كان معظمهم حين فعلوا ذلك خارج دائرة الإلتزامات والإنتماءات السياسية ، وهم الآن يواجهون حالة مُستعرة وخطيرة من (الإستقطابات) المُتتعدِّدة الأهداف والمناهج والمصالح ، تدفعهم يوماً بعد يوم إلى (التشكَّك) وعدم الثقة في مَن قدَّموهم ليمثلوهم  ويعبِّروا فقط عن (أشواقهم للإنعتاق والتمتُّع بدولة العدل والمساواة والتنمية المُستدامة).

هل سيخذل تجمع قوى الحرية والتغيير الحالي أو (المُستصلح القادم) شباب الثورة من المستقلين الذين دعموا التجمع ؟ ،  فقط لأنه يمثل بالنسبة إليهم (مِعبراً) لوصول البلاد إلى حكم ديموقراطي مُستدام يمكن للبلاد والعباد عبره الترجُّل من مستنقع الفقر وقِلة الحيلة إلى تحديات البناء والتنمية المستدامة ؟ ، أم سيعمل عبر وعي (حكمائه) التاريخيين  وبما حاذوا من خبرة إلى إعمال روح الحيادية وتأجيل الصراعات الحزبية والمحاصصات في المناصب عبر مبدأ إستهداف (النتائج) قبل (المكاسب) على الأقل في الوقت الحالي الذي تتناوش فيه البلاد والعباد العديد من المصاعب والتحديات والقضايا المصيرية .. ترى هل يتعقَّلون.

الوسوم هيثم-الفضل

التعليقات مغلقة.