عاشقو أكرم ووزير الصحة الجديد

عاشقو أكرم ووزير الصحة الجديد
  • 14 يوليو 2020
  • لا توجد تعليقات

يوسف السندي

بمجرد صدور قرار إعفاء وزير الصحة د اكرم على التوم توقعت ان ينتهي الجدال بخصوص هذا الرجل، فهو شخصية جديدة على الساحة العامة لم يسمع به أحد قبل الوزارة ولا عرفه احد وطوال نضال الأطباء منذ ١٩٨٩ لم يكن ظاهرا .ناضل الأطباء في لحظة الانقلاب من داخل الخرطوم وقدموا الشهيد علي فضل ، ثم ناضلوا بالسلاح في غابات الجنوب وفي جيوش التجمع الوطني الديمقراطي ، ثم ناضلو عبر نضال لجنة اطباء السودان ٢٠١٠ ثم لجنة اطباء السودان المركزية من ٢٠١٦ وحتى اليوم ولم يسمع احد من الأطباء بهذا الوزير ولا صادفهم في اي محفل من محافل نضالات وكفاح الأطباء ضد الانقاذ ، لذلك كان ظهوره كمرشح لمكتب الاطباء مفاجيء للجميع ، ولكن المدخل كان ان ترشيح الرجل تم بناءا على سيرته الذاتية المتخصصة وليس بناءا على ثوريته ولا نضاله ، كان الهدف وزير مهني متخصص وليس وزير سياسي ولا ثائر .

لو كان الترشيح لوزارة الصحة بالنضال والثورية فإن شباب لجنة اطباء السودان المركزية وكفاءات لجنة الاختصاصيين والاستشاريين وبعض اعضاء نقابة الاطباء الشرعية الشرفاء هم سادة النضال وملوك الثورية ، كانوا في كل اضرابات الأطباء وكل اعتصامات الأطباء ، شاركوا في المواكب والاعتصام، نذفوا وفصلوا وسجنوا وشردوا وعذبوا ولكنهم ظلوا على الدرب حتى انتصروا، وبالتالي لو كانت وزارة الصحة تبحث عن ثائر فليس هناك حاجة لعبور المحيطات للبحث عن طبيب موظف في الأمم المتحدة، أقرب طبيب من المكتب الموحد يكفي ، بل في أقرب موكب واقرب بمبان سيوجد طبيب ثائر يحمل حقيبته الاسعافية او يسرع الخطى لحجز مكانه داخل مستشفى في مسار الموكب للمساهمة في إنقاذ حياة الثوار .

عند تعيين وزيرا للصحة ما ينظر إليه هو تخصصه المهني وليس أي شيء آخر ، لذلك حين ترك اكرم ما جاء من أجله وهو المهنية التخصصية وانصرف لمهام ( شفاتة) المواكب و (كنداكات) لجان المقاومة والسادة الساسة وأصبحت الوزارة بلا وزير والصحة بلا مسئول صار من الواجب عليه تقديم استقالته وإذا لم يقدمها اعفاءه حتى يتم إرجاع الوزارة المهنية من وزارة هياج سياسي إلى وزارة متخصصة وظيفتها معالجة أوجاع المرضى ووضع الأنظمة الصحية السلمية والعلمية ، وصياغة الخطط الجيدة لتعزيز الصحة .

وهذا بالضبط ما حدث، تمت إقالة اكرم بالتقييم المهني ، لذلك من العجيب أن يستمر بعض عاشقي اكرم في المطالبة بعودة هذا الوزير الفاشل مهنيا او المطالبة بوزير بمواصفاته!! لن يعود هذا الوزير مجددا ولكن اذا جاء وزير بمواصفاته فإن ( الرماد كال حماد ) اذ سيتكرر شريط الفشل بالترتيب .

لم نقسو على اكرم الا بعد ان فارق المهنية واصبح ناشطا سياسيا اكثر من كونه وزيرا ، لذلك نتطلع في وزير الصحة الجديد ان يستفيد من اخطاء سلفه وان لا يقع فيها ، وننصحه بصفات محمودة ستكون عونا له ، اولها الانضباط ،

لا يعقل أن ينام وزير حتى منتصف النهار ، ثانيا الالتزام ، لا يعقل أن يتغيب الوزير عن اجتماعات اهم لجنة طواريء في البلاد او ان يتغيب بلا سبب ولا عذر وبصورة متكررة عن اجتماعات لمناقشة قضايا مهمة كالدواء ومشاكل الأطباء والتمريض الخ، ثالثا الابتعاد عن الشوفونية وعدم الخروج كثيرا للتصريحات في ( اليسوى والما يسوى ) ،

رابعا عدم فعل الشيء وضده، خامسا المهنية الصارمة وعدم ترك اي مساحة تنفذ عبرها اجندة سياسية حزبية او تمكين إلى وزارته ، سادسا صناعة مؤسسية داخل الوزارة وعدم اتخاذ القرارات بصورة فردية ، سابعا الاهتمام بتفعيل دور وكيل وزارة الصحة التنفيذي وتوكيل الصلاحيات لمدراء الإدارات من أجل تقليل البيروقراطية العقيمة وصناعة مؤسسة ديناميكية وفعالة ، ثامنا التناغم مع الوزارات الأخرى ذات الصلة ،

تاسعا عدم استخدام الصفحة الرسمية للوزارة في قضايا لا علاقة لها بالوزارة او بمهامها فهي صفحة أنشطة وزارة صحة السودان وليست صفحة الدفاع عن الوزير او التطبيل له ، عاشرا تهيئة الوزارة لتكون حاضنة لجميع أجسام الكوادر الصحية ، اطباء صيادلة ومختبرات ضباط صحة إلخ، وإشراك الجميع عبر خلق مساحات هيكلية وإدارات مبتكرة للتعامل مع قضايا المهن الصحية والاستجابة لها ، واخيرا ان لا ينخدع بالتطبيل فالبعض يعشق صناعة التقديس و ( يموت فيها ) .


sondy25@gmail.com

التعليقات مغلقة.