قصة مناقشات أميركية سرية لتقديم حوافز لإيران بمساهمة خليجية

في حين كرر الرئيس الأميركي دونالد ترمب تأكيداته بشأن ضربات وجهتها طائرات أميركية، لثلاث منشآت نووية إيرانية في 22 يونيو ،2025 وقال إن الطيارين دمروها تماما، جاءت تصريحات وزير الدفاع ورئيس الأركان لتصب في الاتجاه نفسه ، إذ شددا على أن الضربات حققت أهدافها، وانتقدا وسائل إعلام أميركية شككت في رواية ترمب.
ووفقا لصحيفة “غارديان” تبنت الاستخبارات الأميركية أيضا تصريحات ترمب، وقالت الصحيفة البريطانية إن الرئيس أجبر الاستخبارات على ترديد كلامه، كما فعل الرئيس السابق جورج بوش الإبن حينما غزا العراق في العام 2003.
وردت أحدث تصريحات أطلقها مسؤولون أميركيون، بشأن تدمير المنشآت النووية الإيرانية تدميرا تاما، على المرشد الإيراني علي خامنئي، الذي قال إن” ترمب لجأ لتهويل غير مألوف لاخفاء الحقيقة ، وأنهم لم يحققوا أهدافهم”.
وخاطب ترمب في مؤتمرصحافي في البيت الأبيض اليوم 27 يونيو 2025 المرشد الإيراني علي خامنئي بقوله: “استمع لي ، أنت رجل يتحلى بإيمان عظيم، رجل يحظى باحترام كبير في هذا البلد، عليك أن تقول الحقيقة، لقد هزمت شر هزيمة” وأضاف أن إسرائيل تعرضت أيضا لضربات كبيرة.
وسئل : هل سيضرب إيران مرة أخرى في حال أكدت تقارير الاستخبارات تخصيبها اليورانيوم بنسب مقلقة، فرد ” نعم سنقصفها من دون شك”.
في هذا الإطار، ردت أيضا المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، على تأكيد خامنئي، الذي قال إن بلاده “لن تستسلم أبدا”، وقالت في مؤتمر صحافي، الحميس، 26 يونيو 2025 “عندما يكون هناك نظام شمولي، يجب أن تحفظ ماء وجهك، وأعتقد أن أي شخص سليم ومنفتح الذهن يعرف حقيقة الضربات الدقيقة التي شنتها القوات الأميركية على المنشآت النووية، كانت ناجحة للغاية، وهذا ما أدى إلى اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران”.
في غضون كل هذه التفاعلات وعمليات الشد والجذب بين أميركا وإيران برزت مسألة السعي الأميركي لإجراء مفاوضات مع إيران لتشكل أولوية أميركية هذه الأيام.
وكان ترمب قال في مؤتمر صحافي في لاهاي لدى مشاركته في قمة حلف شمال الأطلسي ( ناتو) أن واشنطن ستجرى مفاوضات مع إيران الأسبوع المقبل.
وفي أحدث التفاعلات في هذا الشأن، كشفت سي إن إن CNN اليوم 27 يونيو 2025 تفاصيل مناقشات وصفتها بأنها سرية تهدف لمنح حوافز أميركية لإيران، كي تعود طهران للمفاوضات ولا تسعى لتخصيب اليورانيوم، وأشارت الشبكة الإعلامية الأميركية إلى مساهمة خليجية في تلك الحوافز.
تفاصيل قصة CNN:
كشفت 4 مصادر، لشبكة CNN، أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب ناقشت إمكانية مساعدة إيران في الحصول على ما يصل إلى 30 مليار دولار لبناء برنامج نووي مدني لإنتاج الطاقة، وتخفيف العقوبات، والإفراج عن مليارات الدولارات من الأموال الإيرانية المجمدة، كل ذلك في إطار محاولة مكثفة لإعادة طهران إلى طاولة المفاوضات.وأضافت المصادر أن جهات فاعلة رئيسية من الولايات المتحدة والشرق الأوسط تحدثت مع الإيرانيين خلف الكواليس حتى في خضم الضربات العسكرية على إيران وإسرائيل خلال الأسبوعين الماضيين.
وتابعت المصادر أن هذه المناقشات استمرت هذا الأسبوع بعد التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.
بند واحد ثابت غير قابل للتفاوض
وأكد مسؤولو إدارة ترمب أنه تم طرح مقترحات أولية وتتطور باستمرار، مع وجود بند واحد ثابت غير قابل للتفاوض: عدم تخصيب اليورانيوم الإيراني إطلاقًا، وهو ما أكدت إيران باستمرار حاجتها إليه.
لكن مسودة مقترح أولية واحدة على الأقل، وصفها مصدران لـ CNN، تتضمن عدة حوافز لإيران.
ووُضعت بعض التفاصيل في اجتماع سري استمر لساعات بين المبعوث الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف وشركاء خليجيين في البيت الأبيض، الجمعة الماضي، أي قبل يوم من الضربات العسكرية الأمريكية ضد إيران، وفقًا لما ذكره مصدران مطلعان على الاجتماع لشبكة CNN.
ومن بين البنود التي تمت مناقشتها، والتي لم تُنشر سابقًا، استثمار يُقدر بنحو 20-30 مليار دولار في برنامج نووي إيراني جديد غير مُخصب، يُستخدم لأغراض الطاقة المدنية، وفقًا لما ذكره مسؤولون في إدارة ترامب ومصادر مطلعة على المقترح لـCNN.
وأصرّ أحد المسؤولين على أن الأموال لن تأتي مباشرة من الولايات المتحدة، التي تُفضل أن يتحمل شركاؤها العرب التكلفة.
ونوقش الاستثمار في منشآت الطاقة النووية الإيرانية في جولات سابقة من المفاوضات النووية في الأشهر الأخيرة.
وقال مسؤول في إدارة ترامب لـCNN: “الولايات المتحدة مستعدة لقيادة هذه المفاوضات مع إيران وسيحتاج أحد الأطراف إلى دفع تكاليف بناء البرنامج النووي، لكننا لن نلتزم بذلك”.
وتشمل الحوافز الأخرى إمكانية رفع بعض العقوبات المفروضة على إيران والسماح لها بالوصول إلى 6 مليارات دولار موجودة حاليًا في حسابات مصرفية أجنبية، والتي يُحظر عليها استخدامها بحرية، وفقًا للمسودة التي وُصفت لـCNN.
مساهمة خليجية
وذكر مصدران مطلعان أن فكرة أخرى طُرحت الأسبوع الماضي، ويجري النظر فيها حاليًا، هي أن يدفع حلفاء الولايات المتحدة في الخليج تكاليف استبدال منشأة فوردو النووية- التي قصفتها الولايات المتحدة بقنابل خارقة للتحصينات خلال عطلة نهاية الأسبوع – ببرنامج غير تخصيب.
ولم يتضح على الفور ما إذا كانت إيران ستتمكن من استخدام الموقع نفسه، كما لم يتضح مدى جدية دراسة هذا المقترح.
وقال مصدر لـCNN: “هناك الكثير من الأفكار التي يطرحها أشخاص مختلفون، وكثير منهم يحاولون أن يكونوا مبدعين”.
وأضاف مصدر منفصل مطلع على الجولات الخمس الأولى من المفاوضات بين الولايات المتحدة وإيران، التي عُقدت قبل الضربات الإسرائيلية والأمريكية على البرنامج النووي الإيراني: “أعتقد أنه من غير المؤكد تمامًا ما سيحدث هنا”.
وقال ويتكوف لشبكة CNBC، الأربعاء، إن الولايات المتحدة تسعى إلى “اتفاقية سلام شاملة”، وأكد مسؤول في إدارة ترامب أن جميع المقترحات تهدف إلى منع إيران من امتلاك سلاح نووي.
برنامج شبيه بالبرنامج الإماراتي
وذكرت الولايات المتحدة أن إيران قد تمتلك برنامجًا نوويًا لأغراض مدنية سلمية، لكنها لا تستطيع تخصيب اليورانيوم لهذا البرنامج، وبدلاً من ذلك، اقترحت واشنطن أن تستورد إيران اليورانيوم المخصب، وشبّه ويتكوف البرنامج المحتمل ببرنامج الإمارات.
وقال لشبكة CNBC: “الآن، ستكون القضية والمفاوضات مع إيران هي: كيف نعيد بناء برنامج نووي مدني أفضل لكم غير قابل للتخصيب؟”.
وقد تتاح للإدارة فرصة لتقديم ورقة شروط إلى الإيرانيين.
وذكر ترمب، الأربعاء، أن الولايات المتحدة وإيران ستجتمعان الأسبوع المقبل- على الرغم من أن المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي قال إنه ليس على علم بالمفاوضات الأسبوع المقبل، وأن أشخاصًا مشاركين في التخطيط للاجتماع قالوا إن التفاصيل لا تزال قيد الإعداد.
وذكرت مصادر مطلعة على المناقشات لـCNN أنه لم يتم تحديد أي مواعيد حتى الآن.
وعلى الرغم من الجهود الدبلوماسية التي قادها ويتكوف خلف الكواليس، قلل ترمب علنًا هذا الأسبوع من أهمية الاتفاق النووي، قائلاً، الأربعاء، إنه يعتقد أن مثل هذا الاتفاق “غير ضروري”، وأضاف: “لا يهمني إن كان لديّ اتفاق أم لا”.
وفي حين بدا الرئيس الأمريكي غير مبالٍ علنًا بالتوصل إلى اتفاق جديد بعد التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار، يعتقد العديد من مستشاريه أن السعي إلى اتفاق طويل الأمد سيضمن استمرارية وقف إطلاق النار.
مشاركة قطرية في نقاش أميركي إيراني
وكانت الشروط التي وُضعت في اجتماع ويتكوف السري موضوع نقاش مستمر بين الولايات المتحدة وإيران عبر محاورين إقليميين، وفي مقدمتهم القطريون، خلال الأيام الأخيرة.
وأضاف مصدر أن قطر لعبت دورًا رئيسيًا في التوسط لوقف إطلاق النار الهش بين إسرائيل وإيران في وقت سابق من هذا الأسبوع، وستعمل بشكل وثيق مع الولايات المتحدة لضمان عدم استئناف القتال بينهما.
إيران قد ترضخ للشروط الأميركية
هناك أمل داخل إدارة ترامب في أنه بعد أحداث الأسبوعين الماضيين، من المرجح أن ترضخ إيران للشروط الأمريكية وتُوقف الجهود التي قد تُقربها من تطوير سلاح نووي.
لكن الخبراء الإيرانيين يشيرون إلى احتمال أن يُقرر النظام الإيراني الآن حاجته إلى سلاح نووي.
وفي وقت سابق من الأسبوع، وافق البرلمان الإيراني على تشريع لإنهاء التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة، ما يُشير إلى رغبتهم في مواصلة التستر على برنامجهم النووي.
وقبل العملية العسكرية الإسرائيلية ضد إيران قبل أسبوعين تقريبًا، عقدت الولايات المتحدة وإيران 5 جولات من المفاوضات في محاولة للتوصل إلى إطار عمل لاتفاق نووي جديد.
وقدمت الولايات المتحدة مقترحا لطهران، وكان من المتوقع أن تردّ إيران خلال جولة سادسة من المفاوضات في عُمان لكن هذه المفاوضات أُحبطت بسبب الهجمات الإسرائيلية على إيران.
والسبت، وقبل الضربات الأمريكية على ثلاثة مواقع نووية إيرانية، تواصلت إدارة ترمب مع إيران عبر وسطاء.
وكانت رسالتهم مزدوجة: سيتم احتواء الضربات الأمريكية القادمة، ولكن أيضًا أن شروط الولايات المتحدة للتوصل إلى اتفاق دبلوماسي مع إيران واضحة وبسيطة: لا تخصيب لليورانيوم.
وكان ترمب حذرًا بشأن احتمالات التوصل إلى اتفاق، حيث قال للصحافيين بعد إعلانه عن مفاوضات مع إيران الأسبوع المقبل: “قد نوقع اتفاقًا، لا أعرف”.
وذكر ترامب في قمة حلف شمال الأطلسي(الناتو)، الأربعاء: “قد أحصل على بيان يفيد بأنهم لن يتجهوا إلى امتلاك أسلحة نووية، ومن المرجح أن نطلب ذلك”.
وأضاف أن إدارته ستطلب نفس نوع الالتزامات التي سعت إليها في المفاوضات مع إيران قبل صراعها الأخير مع إسرائيل، وتابع: “الشيء الوحيد الذي نطلبه هو ما كنا نطلبه سابقًا”، مضيفًا أنه لا يريد “أسلحة نووية”.
وذكر وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، الذي يشغل أيضًا منصب مستشار الأمن القومي، الأربعاء، أن أي اتفاق من هذا القبيل سيعتمد على استعداد إيران للتفاوض مباشرة مع الولايات المتحدة، وليس عبر وسطاء.
وقال روبيو في مؤتمر صحافي مشترك مع ترامب في لاهاي: “نود أن تكون لدينا علاقات سلمية مع أي دولة في العالم، ومن الواضح أن ذلك سيعتمد على استعداد إيران ليس فقط للانخراط في السلام، بل للتفاوض مباشرة مع الولايات المتحدة، وليس من خلال عملية دولة ثالثة أو رابعة”.
وقال ويتكوف، الأربعاء، إن هناك “مؤشرات” على إمكانية التوصل إلى اتفاق، وأضاف لـCNBC: “نجري مفاوضات مع الإيرانيين، وهناك العديد من المحاورين يتواصلون معنا، وأعتقد أنهم مستعدون”.