رواندا والكونغو توقعان اتفاقية واشنطن للسلام بوساطة أمريكية

وقّعت جمهورية الكونغو الديمقراطية ورواندا، يوم الأربعاء، اتفاقَ سلامٍ بوساطةٍ أميركيّة، ممهِّدًا الطريق لإنهاء الصراع الذي أسفر هذا العام عن مقتل الآلاف وتشريد أكثر من سبعة ملايين شخص.وقال الرئيس الأميركي دونالد ترامب إنّه ووزيرَ خارجيته ماركو روبيو نجحا في التوسّط لإبرام اتفاقٍ «لإحدى أسوأ الحروب التي شهدها العالم على الإطلاق»، واصفًا المعاهدة بأنّها «إنجاز هائل» وأنّه «يوم عظيم للعالم». كما أشاد نائبُ الرئيس جيه دي فانس بالاتفاق، مؤكدًا أنّ المعاهدة تمهّد الطريق إلى السلام، وسَيُطلَق عليها رسميًّا اسم «اتفاقية واشنطن».رعى روبيو مراسم توقيع الاتفاقية في مقرّ وزارة الخارجية، قبيل لقاء ترامب بالمسؤولين من الكونغو ورواندا في البيت الأبيض، قائلًا إنّ الاتفاقية تمثّل «لحظةً مهمّة» بعد ثلاثين عامًا من الحرب. وأضاف أنّ الحروب تحظى غالبًا باهتمامٍ أكبر من السلام، «لكنّ السلام أصعب من الحرب».ويرى مراقبون أنّ الاتفاق سيسهِّل وصول الحكومة والشركات الأميركيّة إلى المعادن الأساسيّة اللازمة لمعظم تقنيات العالم، ويستقطب استثماراتٍ غربية بمليارات الدولارات إلى منطقة غنية بالتانتالوم والذهب والكوبالت والنحاس والليثيوم ومعادن أخرى، في ظلّ اشتداد المنافسة بين واشنطن وبكين على النفوذ في إفريقيا. ومع أنّ الاتفاق يمثّل نقطةَ تحوّلٍ رئيسيّة، فإنّه لن يُنهي سريعًا القتال المستمرّ في شرق الكونغو، الذي أودى بحياة ملايين الأشخاص منذ تسعينيات القرن الماضي. وقد وصفت الأمم المتحدة الوضع هناك بأنّه «إحدى أطول الأزمات الإنسانية وأكثرها تعقيدًا وخطورةً على وجه الأرض».


رحّب ترامب بالاتفاق قائلًا: «يسرّني للغاية أن أعلن أنّني رتّبتُ مع وزير الخارجية ماركو روبيو معاهدةً رائعة بين جمهورية الكونغو الديمقراطية وجمهورية رواندا في حربٍ عُرفت بسفك الدماء والعنف لأكثر من معظم الحروب الأخرى، واستمرت لعقود. لقد أنهينا لتوّنا حربًا قُتل فيها ستة ملايين شخص»، مشيرًا إلى أنّ حياة ملايين آخرين قد تُنقَذ بفضل المعاهدة. وأكد أنّ الهدف الرئيس للاتفاقية هو إنهاء عقودٍ من القتال الدموي في شرق الكونغو، إلى جانب مساعدة الولايات المتحدة في الحصول على «الكثير من حقوق التعدين» هناك. وختم بالقول: «لقد كانت أكبر حرب على وجه الأرض منذ الحرب العالمية الثانية، لكنّنا سنضع حدًّا لها».من جهتهما، أشادت الكونغو ورواندا بالاتفاق على لسان وزيري خارجية البلدين، ودعتا ترامب إلى «التمسّك بالتزامه» ضامنًا لاستمرار السلام. وقالت وزيرة الخارجية الرواندية نْدوهونغيريهي: «كانت هناك العديد من الوساطات في الماضي، ولم ينجح أيّ منها. نعتقد أنّ هذه المعاهدة أصبحت ممكنة بفضل قيادتكم والتزامكم الراسخ».وبموجب اتفاقية واشنطن، يلتزم الطرفان بتنفيذ اتفاق عام 2024 القاضي بانسحاب القوات الرواندية من شرق الكونغو في غضون تسعين يومًا. كما سيُطلِق الطرفان إطارًا للتكامل الاقتصادي الإقليمي خلال الفترة نفسها.في المقابل، أعلن متمرّدو إم 23 أنّ الاتفاقية غير ملزِمة لهم، لعدم مشاركتهم مباشرةً في المفاوضات. وتُعَدّ إم 23، المدعومة من رواندا، أبرز جماعةٍ مسلّحة في الصراع، ويفوق عددُ مقاتليها أربعة آلاف عنصر. ويرى دبلوماسيون غربيون أنّ الكونغو تأمل في أن تقدّم الولايات المتحدة دعمًا أمنيًا يمكّنها من دفع المتمرّدين إلى الانسحاب من مدينتَي غوما وبوكافو الرئيسيتين، ومن المنطقة بأسرها