بعض أسئلة حول قرارات البرهان

اتجهت التحليلات والآراء مذاهب شتى في تفسير قرارات الفريق البرهان قائد الجيش السوداني , والتي شملت ثلاثة مسائل عسكرية , تكوين هيئة الأركان , إحالة عدد من الضباط للتقاعد , ووضع القوات المساندة للجيش تحت إمرة قيادات الجيش في كل منطقة .
لست معنيا بملف الترقيات أو الإحالة للتقاعد أو تكوين هيئة أركان , فتلك شؤون عسكرية ذات طبيعة فنيّة ,في ظروف الجيوش العادية , فهل جيشنا عادي ؟ أم هو في الحقيقة تنظيم سياسي بامتياز يحكم منذ الاستقلال لفترة 60سنة من أصل 70 , هو والحزب الشيوعي في الاتحاد السوفيتي سابقا أو الصين حاليا صنوان , ما لفت نظري هو قرار تبعية القوات المساندة لقادة الجيش في مناطق تمركزها .
أولا هل للشعب أن يعرف عناوين تلك القوات المساندة حتى يتمكن من الجزم بأن هذه القوة تابعة للجيش بموجب القرارات الأخيرة , فقد تشابه على الناس المليشيات , فسكان مناطق شرق مدني مثلا وبحسب إفادات متواترة عبر وسائط التواصل الإجتماعي يشيرون بوضوح إلى وجود مليشيات من إثنية التقراي الإثيوبية تمارس مهام القوات المسلحة , وكذلك أفادت مصادر مختلفة في ولاية سنار أن مليشيا التقراي كانت حاضرة بأسلحتها في السيطرة على مناطق الولاية عقب انسحاب قوات الدعم السريع منها . فهل تتبع هذه المليشيات للقوات المساندة التي عناها قرار القائد العام أم يشملها برتكول تعاون (مليشياوي) خاص مع الجهات التي تنتمي إليها , خاصة مع وجاهة المنطق الذي قالت به قوات حركات الكفاح المسلح فصيلي مناوي وجبريل من أنّ فصائلهم تخضع لبرتكول الترتيبات الأمنية في اتفاقية جوبا 2020م التي وقعها عن حكومة السودان الفريق محمد حمدان دقلو (حميدتي) , وبالتالي فإنها غير مشمولة بقرارات البرهان , ولا تعيها .
ثمّ يطرأ السؤال الأهم ؛ حول لاي جهة ظلت تتبع تلك القوات المساندة منذ 15أبريل2023م وحتى 17أغسطس 2025م ؟ وهل هي جهات محلية أم أجنبية ؟ القرار بتتبيعها للقوات المسلحة اليوم مفهوم , لكن تبعيتها السابقة للقرار محل تساؤل , فقد نشر تقرير تنظيمي للحركة الإسلامية السودانية وحزبها المؤتمر الوطني يشير إلى نجاح الحركة في انتزاع قرار المقاومة الشعبية من القائد العام , وسرد التقرير أرقام المتدربين فيها , ومناطق تمركزهم , وغيرها من حيثيات , هذا التقرير مقرؤا مع إفادات الدكتور عبدالحي يوسف في ندوة منشورة في استانبول التركية تحدث فيها بوضوح أنّ المقاومة الشعبية هي اسم الدلع لكتائب المجاهدين في عقد التسعينات من القرن الماضي , وأنّ قادتها الآن هم من المجاهدين القدامى في حرب الجنوب . فهل ظلت تلك الكتائب المساندة للجيش تتبع لتنظيمها السياسي وحركتها العقائدية حتى يوم صدور قرارات البرهان ؟ وبالتالي يمكن الزعم باطمئنان أنّ أي انتهاك ارتكبته هذه الفصائل المساندة أو اشتبه في ارتكابها له , إنما يعود إليها وإلى الجهات التي تنتمي إليها فالجيش منها براء ؟ فإذا ما تمّ تعمييد جماعة الحركة الإسلامية السودانية كتنظيم إرهابي بموجب حيثيات الإنتهاكات الجسيمة والجرائم الإرهابية , هل ستكون قيادة الجيش الجديدة على استعداد للتعامل معها بموجب هذا التصنيف , وبالتالي تجريم الإنتماء لها , ومصادرة مقارها , وملاحقة رموزها , في اطار الجهود الدولية والمحلية لمحاربة الإرهاب ؟ في المقابل هل تصح نسبة الانتصارات التي تزعم فصائل الحركة الإسلامية تحقيقها وظهور قياداتها في صدارة مناظر دخول القصر أو القيادة العامة ؛ وبالتالي ليس من حق الجيش الحديث عن انتصار ؟ فهم أولى بنيل ثمار انتصارهم , وتبقى قيادة الجيش في هذه الحالة (سارقة) لجهد الحركة الإسلامية , وهو ما كان قد أشار إليه عبدالحي في الندوة المشار إليها , إذ عزا ما تحقق من انتصارات إلى فصائل جماعته وليس إلى أفراد الجيش . ثم وهذه نقطة مهمة في تقديري , فقد أعلن قائد كتائب البراء قبل فترة وجيزة عن تحول كتائبه إلى الإسناد المدني , وخصص رئيس الوزراء (كامل) الصلاحيات مكتبا بهذا الخصوص باسم الشباب ويتبع له مباشرة , فهل من علاقة بين هذين القرارين ؟ ومستوى التنسيق الذي سبقهما ؟كذلك نشر على بعض المواقع الإعلامية صورة قرار صادر عن المقاومة الشعبية في الوحدة الإدارية عد بابكر بمحلية شرق النيل يحتوي على شروط لتأجير المنازل من ضمنها الحصول على الموافقة الأمنية من المقاومة الشعبية لكل مستأجر جديد . والفحص الأمني وما إلى ذلك من مهام . فهل يمكن بعد قرارات البرهان القول إنّ الجيش يشترط على المواطن أن يبرئ ذمته الأمنية حتى يتمكن من إيواء أسرته في بيت مستأجر بحي عدبابكر من ضواحي الخرطوم ؟ وهل سيطبق هذا الإجراء الأمني في كل بيوت السودان الخاضعة لسيطرة قوات البرهان , لأن قراره واضح في تتبيع القوات المساندة للجيش , وبالتالي تصبح كل ممارساتها تتم باسم القوات المسلحة , فهل هذا هو فحوى القرار أم شخصي من ذوي الفهم التقيل شوية ؟ ثم سؤال كده بالجنبة , هل تتبع قوات الجاكومي / قوش للقوات المسلحة ؟ وقد حدد لها القائد الجاكومي مهام أمنية معينة , فلماذا لم يتم تحديد تلك المهام بوساطة الجيش إذا كانت تتبع له ؟ وإذا كان هناك استثناء لها فخير وبركة , يمكن أن يصدر قرار بالاستثناءات حتى نكون كمواطنين (ملكية ساي) على علم بأي بندقية نموت ؛ أقصد نُحمى من المهددات الأمنية.