هل يكون سلام السودان هدية ترامب لمحمد بن سلمان..؟

هل يكون سلام السودان هدية ترامب لمحمد بن سلمان..؟
  • 22 نوفمبر 2025
  • لا توجد تعليقات

حيدر التوم خليفة

هل *صدق ترامب عندما قال إنه لم يكن يعرف شيئاً عن السودان* ، وكان يعتبره أرضاً مهجورة بلا حكومة ، وأنه لم يكن يعرف حجم الصراع والكوارث التي يمر بها ، وزاد على ذلك بالقول إنه *ليس من ضمن اهتماماته الحالية ..؟*

واضح أن الرجل *غير صادق* في كل ما قال ، ولكن *للسياسة دروب متعرجة ، وخطوط بعضها مكتوب بحبر لا يري* ، ومتطلبات *وفواتير واجبة السداد* ، وما قاله ترامب عن السودان هو إحدي هذه *الفواتير* التي وجب على ترامب *تسديدها وتوريدها لصالح حساب بن سلمان السياسي الدولي*…

فالرجل كان متابعاً لملف السودان منذ ولايته الأولى ، وكان *الراعي الرسمي* لانضمام السودان *لاتفاقيات أبراهام* ، وأجرى اتصالات عدة مع *البرهان بعضها نُقِل على الملأ مباشرة* ، وشاهده وسمعه كل متابع ، وكان من المشيدين بثورة ديسمبر  الشبابية ، ومن *المتابعين بإهتمام لقضية رفع العقوبات الأمريكية* عن السودان ، وضغط كثيراً من أجل *قفل ملف التعويضات* ، وحرص على أن لا تقوم أي جهة أخرى بفتحه ، أو برفع قضايا ذات صلة به ..

وفي ولايته الثانية لم يشذ عن ذلك ، ولو اجتهد أكثر *ووصل إلى حل له حال مقدمه للبيت الابيض ، لنال جائزة نوبل للسلام* عن جدارة ، فقد سعى لتحقيق ذلك  عبر ما يسمي بالرباعية ، وهو *عرابها ، وأسند إدارتها لصهره مسعد بولس* ، حتي يكون قريباً من الملف كله ، أي تحت إدارته المباشرة ، فهل *بعد ذلك لا علم له* ، وهل كان *مِغيباً عندما أطلق  وزير خارجيته تصريحاته القوية* قبل أيام ، والتي *رفع الغطاء فيها عن نقد وتعرية الدعم السريع ومن يقف وراءه* ، وجاء ذلك بعد أن فاض به الكيل ، وبلغ السيل الزبي ، خاصة بعد موجة الاستنكار العالمي لجرائم الدعم السريع ، ولموقف الإمارات الداعم والراعي للمليشيا ، وقد عمد ترامب على أن لا *يظهر بصورة مباشرة* في هذا الملف حرصاً علي *علاقاته مع الإمارات* ، وهي المنغمسة بشدة في هذا الصراع ، وتحملُ من *إدانته نصيب* ، ولكن من الواضح أنها *تجاوزت خطوطها الحمراء* ، وأن تحركاتها صارت تمثل *خطراً علي المصالح الأمريكية* ، علماً بأن أمريكا هي التي *تملك حرب السودان وأحداثه ملك عين* ، وأن الإمارات صارت تلعب بعيداً عن المصالح الأمريكية العليا …

ووضح أن هناك *ترتيبات كاملة* طالت ملف السودان ، تم الإعداد لها جيداً من قبل *أمريكا ومصر والسودان ، ودعم تركي* ، وأن تحركات الرباعية ما هي إلا *إحماء لهذه الترتيبات* ، وأن القصد منها كان الوصول بالملف إلى *محطة زيارة بن سلمان لواشنطن* ، ومن ثم إخراجه مصحوباً *بإندهاشة ترامب* من هول ما يحويه من مأساة إنسانية تأنف من قبولها النفوس السليمة ، واعتبارها قضية فجرها بن سلمان  ..

وواضح من شكل تصربحات ترامب ، أنها *صممت بعناية لتصب في الإشادة بولي العهد السعودي* ، ودوره *التنويري والتوعوي للرئيس ترامب* بخطورة الوضع في السودان ، وطلبه منه *التدخل لحسم الصراع سريعاً* ، وأن هذه التصريحات تدشن  *الدور المستقبلي لابن سلمان* ، بوصفه *قائداَ وزعيماً دولياَ لا يمكن تجاوزه* ، وتأكيد دور المملكة كدولة *مؤثرة ، وقائدة ورائدة إقليمياً ودولياً* ، وربط كل ذلك بنتائج تأثيراته على الخارطة الاقتصادية وعلي *القرار السياسي الإقليمي* ، ومساعي توسيع الفضاء الجيوسياسي السعودي ..

ورغما عن كل شيء ، وتجاوزا لما تم من سيناريو لاخراج الحبكة ، ومساعي الحل ، فلا *يغمط الرجل حقه المستحق* الذي ناله عن جدارة ، *فلولا بن سلمان لما تحرك هذا الملف قريباً*  ..

وقد علم الرجل ان الملف *امريكي في الدهاليز الخفية والجذور الاولي* ، له ارتباط مباشر بمشروع الشرق الاوسط الكبير ، لهذا بعثه حاثاً ترامب الي حصاد زرعه ، *ولولاه لظل الملف فوق طاولة التسويف* ، وضمن عك الرباعية والتي كما قلت انها صممت *ليس لايجاد الحل ، ولكن لاحتكاره وتعطيله* حتي تنضج الظروف التي *تحقق المصالح الأمريكية* ، فأمريكا ليست جمعية خيرية ، وإنما *شركة ربحية نهمة* ، يديرها *رأسمالي متعطش للربح*، لا يري الا ما في جيبك ، ولا ينظر الا لما تملك ، *ولا يقيّمك الا من خلال ثروتك* ، فشكراً بن سلمان  الذي  عمل علي *تقديم الجزرة لترامب*، ، وسعي الي تسريع التحرك الامربكي لاغلاق هذا الملف ، بعد *ان ادخله في برنامج اعادة ترتيب المنطقة امريكياً ، وألحاق السودان ضمن مصالحها*  ..

ومن جانب آخر فان *ترامب يعرف السودان جيداً ، ويعرف مشاكله وعمق الصراع فيه* ، وهو يريد *تجيير عملية إنجاز سلامه وإنهاء صراعه ، لصالحه ولصالح بن سلمان* ، ونسبته الي العمل *المشترك الامريكي السعودي*، كاول *باكورات التعاون السياسي الامني بين الدولتين* ، بعد أن رفعت أمريكا تصنيف السعودية الي *خانة الحليف الرئيس من خارج النبتو* ، ملتحقاِ *بإسرائيل واستراليا* ..

وواضح ان كلاً من الرجلين يفهم الاخر جيداً ، *فابن سلمان يعلم شره ترامب للمال* ، وانه مثل *البوصلة يميل حيث يميل الربح والعائد* ، لهذا كان هو المدخل الذي ولج منه الي شخصية ترامب ، ومن ثم السعي لإعادة تشكيل المنطقة سياسياَ ، واعادة ضبط التوازنات فيها ، والتحكم في تأثيراتها علي السياسة الدولية ، *فالثقل السياسي والاقتصادي يتحرك ببطء من اوروبا الغربية الي غرب اسيا* ، ومن *شمال المتوسط الي جنوب وشرق المتوسط* ، فكيف يكون الامر اذا تم دعم هذا الانتقال والتحرك ، بدولة مثل *السودان ذات امكانيات اقتصادية هائلة*، وفرص استثمارية واعدة ومتنوعة ، في مجال *الزراعة والذهب والمعادن والنفط* ، اضافة الي موقع *إستراتيجي حاكم علي البحر الاحمر* ، وعمق *افريقي يمتد غرباً ووسطاً الي آلاف* الكيلومترات ..

وترامب يريد ان يرد بعض الجميل لصديقه بن سلمان ، الذي وقف معه عند الضيق ، ولم يبخل عليه باعلانه استثمار *السعودية لمبلغ ترليون دولار في الاقتصاد الامريكي ، المُثقل بالديون* ، والمتعطش لضخ الاموال والاستثمارات فيه ..

وهذا الامر يوافق صدي في نفس بن سلمان ، والذي يعمل علي تقديم نفسه *كزعيم عالمي ، يستحق الاشادة والتقييم* ، واخذ مكانته بين زعماء العالم وقادته المؤثرين …

والحقيقة *فالرجل يستحق ذلك* ، فقد أثبت بافعاله وخلال السنوات الماضية ، انه سياسي من طراز فريد ، *استطاع ان يغيير شكل المملكة ويعيد تشكيلها مبنيً ومعنيً* ، وينقلها من *حالة الجمود الحضاري ، الي فضاء بلا حدود من التدفق المعرفي ، والتجديد الثقافي ، والمراجعات الغقهية المذهبية ، وتحرير العقل المغلق الي العقل المبدع المتفاعل المنتج* ، ولم يتم له ذلك الا *بامتلاكه لرؤية واضحة ، وعقلية خلاقة ، وشخصية قيادية مقتحمة مؤثرة ، مع ثقة بالنفس ، وارادة قوية وايمان بما يريد* ..

ختاماً فليكن حل الصراع في السودان هو *هدية ترامب لابن سلمان* ، فهو يستحق ذلك ، *وليصب خيراً في سيرته السياسية* ، فحسناً فعل بن سلمان اذ سار  وسعي *لجلب السلام ، ولإطفاء واحدة* من اكثر بؤر الحرب آشتعالاً ، ودموية ،  ووحشية في العالم   ، فشتان بين من *جند نفسه ومقدراته لجلب الخير* ، وبين من *جندها لصناعة الشر* …

اذهب بن سلمان *فيما أنت اليه ذاهب* ، واسعي *فيما أنت فيه ساعٍ ، فكل أهل السودان معك* ، بل وكل **أحرار العالم ومحبي السلام على خطاك* ، خاصة بعد إن *باركت أطراف النزاع مساعيك*..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*