درس إستقالة القراي

درس إستقالة القراي
  • 08 يناير 2021
  • لا توجد تعليقات

يوسف السندي

الدرس المستفاد في قضية القراي هو ان هذا الوطن لا يمكن في وقت الثورة أن يقاد بالفردية والاستعلاء، حاول المجلس العسكري ان ينفرد بالحكم فأعاده الشعب إلى صوابه، حاول القراي فرض منهجه المعيب على الشعب فتمت إعادته إلى علبه، هذا الشعب رفض الفردية والشمولية عبر السنين ولن يقبلها الآن ولا في المستقبل.

رفض الشعب فردية نظام عبود، ورفض فردية الانقلاب الشيوعي في ١٩٦٩، ورفض فردية الانقلاب الكيزاني في عام ١٩٨٩، وثار على الشموليات الثلاث ورماها في سلة المهملات، ولكنه لم يثر ابدا على الأنظمة الديمقراطية الثلاثة التي حكمت السودان، ولن يثور مستقبلا على أي نظام ديمقراطي، وذلك لسبب بسيط هو أن نظام الفرد والجماعة الواحدة يستخدم القهر والكبت والسجون وبيوت الاشباح والسلطة والمناصب ليفرض رؤيته الأحادية على الشعب غصبا عن طبيعته وثقافته وتدينه، بينما النظام الديمقراطي يحكم الشعب برضائه واختياره لا يقهره ولا يسجنه ولا يعذبه، كما يخضع النظام الديمقراطي لمراقبة الشعب نفسه عبر سلطته التشريعية والقضائية والسلطة الرابعة- الصحافة والاعلام، لهذا يفهم الشعب جيدا الفرق بين الشمولية والديمقراطية ولن يخدعه احد ولن يستجب لأي وصاية شمولية خلال فترته الانتقالية.

لذلك رفض الشعب منهج القراي، ورأي فيه ملامح الشموليين الكيزان والنميري وعبود، الشموليين الذين يفرضون على الشعب ما يريدون على طريقة فرعون ( لا اريكم الا ما ارى)، ومن العجب ان موقف الجماهير لم يجد القبول عند بعض الأحزاب كالشيوعي والحزب الجمهوري جناح أسماء محمود محمد طه، اذا شبهت هذه الاحزاب ما حدث للقراي بأنه سرقة للثورة!! الثورة بالطبع عند الشيوعيين وحزب أسماء لا تنتصر الا اذا أصبح السودان احمرا ومؤمنا بالرسالة الثانية لمحمود، هؤلاء فهمهم للثورة ذاتي وليس وطني، الثورة التي لا تحقق اهدافهم هم الخاصة هي ثورة مسروقة ونية ولم تسقط بعد، هؤلاء ينسون أن الثورة هدفها الأساس هو نهاية حكم الفرد وإقامة حكم الشعب، وهم لا يريدون الشعب أن يحكم، ولا يريدون الشعب أن يعبر عن رأيه حتى في فترته الانتقالية، يريدون أن يصنفوا الشعب المخالف لهم في الفكر والمنهج إلى طائفية ورجعية ويظنوا انفسهم أوصياء عليه وعلى خياراته، لذلك لا نتوقع أن تنتهي أبدا موضة ( لم تسقط بعد ) هذه ما لم يصعدوا هم إلى الحكم، سيواصلون في التصعيد والفوضى في كل الأحوال والظروف ولن يقبلوا باي انتخابات لانهم يعلمون سلفا انهم بلا رصيد وسط العامة، وفرصتهم الوحيدة للصعود إلى الحكم هو استغلال عاطفة الاجيال الجديدة والتجارة بدماء الشهداء للوصول عبرها الى السلطة، فهل الأجيال الجديدة سلعة قابلة للتجارة؟!


sondy25@gmail.com

التعليقات مغلقة.