الشـاهد الأول كتاب جاء في وقته

الشـاهد الأول كتاب جاء في وقته
  • 03 أغسطس 2025
  • لا توجد تعليقات

محمد الأمين عبد النبي

خلصت أمس قراءة كتاب “الشاهد الأول ضد بن لادن جمال الفضل سوداني هز القاعدة” للكاتب الصحفي محمد عبد العزيز، فقد قضيت برفقته وقتاً ممتعاً وسياحة مليئة بالاثارة والتشويق، ليس بسبب حجم المعلومات والوقائع فحسب؛ وإنما طريقة السرد والحكي وشد الإنتباه وربط الفصول بخيط رفيع لا ينقطع.

يمكن القول بلا مؤاربة أن الكتاب من أمتع الكتب التي يمكن أن تقرأها في زمن الحرب، لأن فيه الكثير من الحقائق الغائبة التي لا يعرفها الناس عن تنظيم القاعدة وعلاقته بالسودان، فهو بمثابة كشف حقيقي عن قصة واقعية حدثت وظلت غامضة إلى أن تم إلقاء الضوء حولها من خلال هذا الكتاب.

الكتاب عالج في سرد روائي طبيعة الجماعات الإرهابية وعقيدتها وانتشارها، وقدم نموذجا في ادب الجاسوسية ذلك العالم الذي لا نعرف عنه سوى القليل، وذاكرتنا مازالت تحتفظ بقصة الجاسوس المصري رأفت الهجان للروائي صالح مرسي والتي تحولت الي مسلسل رائع لقى ناجحاً كبيراً، وقد شاهدته أكثر من خمس مرات ولم تنقص المتعة والإثارة.

منبع التشويق والجاذبية في كتاب الشاهد الأول في التتبع الدقيق للسيرة الذاتية لجمال الفضل، وانضمامه إلى الجماعات الجهادية، وتفاصيل تنظيم القاعدة الداخلية، وفترة وجود القاعدة وبن لادن في السودان، ودور جمال الفضل فيها، وكيف سلم نفسه في إريتريا، والتسلسل العجيب للأحداث والإفادات المثيرة التي ترسم صورة واضحة لهذا الملف الغامض.

اكتسب الكتاب أهمية كبيرة من المجهود الكبير في ربط الأحداث ورصد الشخصيات وطرح الدلالات العميقة وراء السطور، ولعل الكاتب الصديق والزميل محمد عبد العزيز قد بّرع في كتابه هذا، والذي كان في البداية مجرد تحقيق صحفي حول دور السودان في تنظيم القاعدة، وإستطاع بذكاء شديد تحويل إجابات جمال الفضل على أسئلة تحقيق الي كتاب مثير للجدل والاهتمام في آن واحد، فهذا الكتاب من حيث الموضوع والحبكة القصصية لا يقل عن كتاب “المهمة” لتيم وينر وكتاب “حروب الظل الحروب السرية الأمريكية الجديدة” لمارك مازيت، وكتاب “حروب الأشباح السجل الخفي للسي آي أيه لأفغانستان ولبن لادن” لستيف كول، وغيرها من الكتب التي تناولت بن لادن والقاعدة والإرهاب.

تأتي أهمية الكتاب من صدوره في هذا التوقيت لا سيما وان السودان يشهد حرباً ضروساً مفتوحة السيناريوهات وفيها من التوحش والقبح والعنف ضد المدنيين ما يشيب له الولدان، ودخول الجماعات الإرهابية في الحرب لم يعد أمراً مخفياً، كما تأتي أهميته كذلك من تخصص مؤلفه فهو صحفي إستقصائي يجيد فن التعامل مع المعلومات وكيفية اخراجها للرأي العام وقد أختار أدب القصص والحكاوي القريبة لأذواق السودانيين خاصة والعرب عامة هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فهو متابع للتغييرات والتطورات في المشهد الديني والاجتماعي في السودان عن كثب ومهتم بالعلاقات الدولية والجماعات الإرهابية، ومن هنا تأتي أهمية كتابته حول هذا الموضوع الملتبس عند الكثيرين.

الكتاب يمثل إضافة نوعية للمكتبة السودانية التي تكاد تخلو من أدب الجاسوسية والصحافة الاستقصائية التي تعالج الموضوعات الخطيرة والمسكوت عنها والتي تؤثر في حياة الناس..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*