تهيئة!!

طيف أول:
ما أصعب مسافات الضجر إن أُتخم بها الوقت، قد تؤتي خفقها وجعًا يستبيح المواعيد!!
وبعد عودة قائد القوات المسلحة، الفريق عبد الفتاح البرهان، من سويسرا، تحدثنا عن أن البرهان سيتولى عملية الإصلاح في القوات المسلحة وإعادة هيكلة الجيش لفترة انتقالية قصيرة، مقابل ابعاد الإسلاميين من المشهد وذلك بما يتوافق مع الرؤية الدولية للحل المطروح. وبالأمس، أصدر البرهان قرارًا يقضي بإخضاع جميع القوات المساندة العاملة مع الجيش لأحكام قانون القوات المسلحة. وقال الجيش السوداني في بيان إن القرار، الذي يسري اعتبارًا من تاريخ صدوره، يضع هذه القوات تحت إمرة قادة القوات المسلحة في مختلف المناطق.
ومعلوم أن الجيش يقاتل إلى جانبه العديد من المجموعات في أنحاء السودان ، منها كتائب البراء بن مالك، وقوات درع السودان والحركات المسلحة، وعدد من الكتائب الإسلامية الأخرى.
وقد أشار البيان إلى أن القرار يشمل جميع القوات، لكنه لم يسمّها. والقرار، بطبيعة الحال، لا يشمل الحركات المسلحة، لأن ذلك لا يتم إلا باتفاق مسبق مع قياداتها، فهي لن تتخلى عن استقلاليتها.
وقد فسّرت فلول النظام البائد القرار على أنه يعكس الخلافات بين الجيش وكتائب البراء، لا سيما أن الأخيرة ترى أن إلقاء القبض على قائدها من قبل السلطات المصرية تم بإيعاز من البرهان، ولكن الأمر أكبر من ذلك.
ونية البرهان في التخلص من الكتائب الإسلامية لا تستهدف كتائب البراء تحديدًا، وإنما جميع الوجود الإخواني العسكري على الأرض، ولذلك جاء القرار شاملًا.
حتى ما أصدره القائد من ترقية عدد من الضباط من دفعات مختلفة إلى الرتبة الأعلى، وإحالة آخرين للتقاعد بالمعاش، فهو قرار قد يكون روتينيًا، لكنه جاء في هذا التوقيت ليؤكد أن البرهان يريد أن يتحسس مكانته العسكرية من خلال القرارين، ويستعيد كلمته من قبضة الجماعة الإخوانية التي كانت تتحكم في قرارات الجيش. وهذا ما يؤكد أيضًا ضعف القوة الإسلامية القابضة التي تحدثنا عنها بالأمس.
وفي القرارين أيضًا رسالة للمجتمع الدولي، مفادها أن قائد الجيش يريد أن يقول إنه قادر وجاهز لتنفيذ عملية الإصلاح في المؤسسة العسكرية، وأن قراراته الصادرة تؤكد عدم تأثره بالإسلاميين. فيبدو أن الجنرال، من خلال هذا القرار، يقوم بعملية تهيئة لعملية الدمج المنصوص ، ويعمل على تعبيد الطريق تمهيدًا لخطوة الإصلاح الشامل التي لن تتم إلا بإشراف قيادات عسكرية يثق بها.
فإحالة “فريق كوز” للمعاش لا تدعم خطة الإصلاح، وترقية ضابط آخر ينتمي إلى التنظيم لاتهزم الفكرة!!
لأن المعايير الدولية لا تنطبق على الرتب العليا في القوات المسلحة التي تنتمي إلى التنظيم. لذلك، فإن وجودها حول قائد الجيش يعيد للمؤسسة هيبتها ومكانتها فقط ويجعلها كاملة الهيئة والمظهر الأمر الذي يمكنها من تنفيذ الخطة.
وبعد الزيارة إلى سويسرا، يكون البرهان قد فتح صفحة جديدة مع المجتمع الدولي، ولأنه قال من قبل: “إن دولًا كثيرة أدارت ظهرها للبلاد بسبب كتائب البراء”، فإن أول ما فعله بعد قبول المجتمع الدولي له ، هو كتابة نهاية مستقبل هذه الكتائب.
وربما تستجيب القوات المساندة وتقبل عملية الدمج في القوات المسلحة، لأن الكلمة ليست بيدها، بل تعود لقيادتها الإسلامية. ولطالما أن القيادة صمتت أمام تحركات البرهان، فهذا يعني أنها تقبل الحل المطروح، وهو قبول لا يعني أنها غيّرت طباعها أو راضية، ولكن ليس كل ما يفعله المرء يرغبه. فالحل الدولي لم يُطرح كما طُرحت حلول من قبله، بل وضع العصا جانبًا وقدم الجزرة على طبق القبول كأفضل خيار.
ولكن لا يمكن أن يحتوي السرد على خطوات التغيير في العقلية العسكرية، وتراجع الحالة الصحية للقرار الإخواني، دون الوقوف على سؤال مهم: إن تم دمج القوات الكيزانية في القوات المسلحة، فهل تعيد الخطوة أدلجة الجيش من جديد وتزرع الإخوان داخل المؤسسة العسكرية للمرة الثانية؟
قد لا تكون هذه الإجابة النموذجية، ولكن ما يجب علمه أن عملية الإصلاح في المستقبل القريب لا تقبل في صفوف الجيش سوى المنتمين للمؤسسة العسكرية وفقًا للمواصفات العالمية، وبحسب معايير “DDR” (نزع السلاح، التسريح، وإعادة الإدماج). بالإضافة إلى أن كل القوات التي انضمت إلى الجيش أو الدعم السريع بعد تاريخ 15 أبريل، لا تنطبق عليها هذه المواصفات. لذلك، لا تتجاوز خطوات البرهان سوى ترتيب الصف العسكري وتهيئته لترتيب قادم، فلا يمكن أن تتم عملية إصلاح لمؤسسة عسكرية دون “لملمة” القوات المنتشرة وترتيبها.
طيف أخير:
#لا_للحرب
قدّم تجمع السودانيين المقيمين بسويسرا ندوة تناولت دور المرأة في الإعلام، استضافت عددًا من الصحفيات السودانيات، وسلطت الضوء على قضايا العنف المجتمعي والتحديات التي تواجه الصحفيات. وقد أكدت الندوة اهتمام المغتربين في المهجر بقضايا الوطن وهموم المواطن.