(ست الشورة) وسمنار الدكتوراه

قدمت توأم روحي طاهرة الصادق المهدي مساء السبت عرضا مذهلا في سمنار عقدته جامعة الجزيرة لنقاش أطروحتها لنيل الدكتوراة في التعليم الطبي.
كان موضوعها هو: تقييم المسؤولية الاجتماعية وأولويات المجتمع لتطوير نموذج تعليمي خدمي ملائم للسياق في مدرسة الطب بجامعة الأحفاد للبنات..
تحدثت بداية عن الفجوة المتزايدة للتعليم الطبي في السودان التي تقصر به عن تلبية احتياجات المواطنين، ثم تطرقت لمفهوم المسؤولية الاجتماعية كما عرفتها منظمة الصحة العالمية عام 1995م كالتزام على مؤسسات التعليم الطبي بمواءمة أنشطتها التعليمية والبحثية والخدمية مع الأولويات الصحية للمجتمع، ثم وصفت نطاق دراستها التي أجريت بمدرسة الطب بجامعة الأحفاد للبنات المعروفة ﺑﺘﺮﻛﯿﺰھﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻌﻠﯿﻢ اﻟﻤﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎﻟﻤﺠﺘﻤﻊ وﺗﻤﻜﯿﻦ اﻟﻤﺮأة، والتي تخرجت منها وتشغل فيها حاليا منصب نائبة العميدة. كما أوضحت أهداف اﻟﺪراﺳﺔ المتمثلة في ﺗﻘﯿﯿﻢ ﻣﺪى التزام المؤسسة بالمسؤولية الاجتماعية وتطوير نموذج مناسب للسياق السوداني لتعزيز هذا التوجه. وقالت إنها اعتمدت تصميما بحثيا مختلطا وتنمويا، ﯾﺘﺄﻟﻒ ﻣﻦ ﻣﺮﺣﻠﺘﯿﻦ ﻣﺘﻜﺎﻣﻠﺘﯿﻦ ﺿﻤﻦ إطﺎر ﻣﻔﺎھﯿﻤﻲ مستند على ﻣﺒﺎدئ اﻟﺘﻌﻠﯿﻢ اﻟﻄﺒﻲ اﻟﻤﺴﺆول اجتماعيا. ووصفت كيف أنها استكشفت واقع المسؤولية الاجتماعية لمدرسة الطب عبر استبيانات ملأتها 185 طالبة، ومقابلات مع أعضاء هيئة التدريس شملت عشرة منهم/ن، وخمس مجموعات نقاش مجتمعية شملت 102 مشاركا/ة من المجتمع المستفيد من خدمات المدرسة.. وبتحليل البيانات الكمية والنوعية الناتجة قامت بتطوير برنامج “الالتحاق بعائلة من أجل تعزيز الصحة والتعلم” FA-HELP باستخدام الإطار الذي أعده المجلس السوداني للتخصصات الطبية من خطوات عشر. وقالت إن النتائج التي توصلت إليها، وبرغم القيود المتعلقة بمعدل الاستجابة وظروف الحرب اللعينة الدائرة، تؤسس لنموذج قابل للتطبيق في البيئات الهشة وفقيرة الموارد، وتضع مدرسة طب الأحفاد في موقع ريادي لتعزيز التعليم الطبي المستجيب اجتماعيا في السودان وخارجه..
أشرف على الدراسة: البروفيسور علي بابكر علي حبور من جامعة الجزيرة مشرف رئيسي، والبروفسيرة انجا كروميخ مديرة برنامج الصحة العالمية بجامعة ماسترخت بهولندا مشرفة مشاركة.
كانت طاهرة أريحية و”مِباشرة” بالتعبير الدارجي السوداني بمعنى مرحبة باسمة، وكانت المعلومات تتدفق منها بسلاسة واقتدار، فحصدت قلوب كثير من حاضري السمنار كما ظهرت تفاعلاتهم المستمرة أثناء العرض على منصة زووم.
أما الحضور فقد كان زاهيا رفيعا يناسب صاحبة السمنار الذي قدمه باقتدار وحصافة البروفيسور عثمان خلف الله من جامعة الجزيرة، وحضر إضافة للمشرفين البروفيسور قاسم بدري رئيس جامعة الأحفاد، والدكتورة ايناس بدري عميدة مدرسة طب الاحفاد والبروفيسورة سعاد محمد بابكر العميدة السابقة ود. لمياء احمد محمد الحسن العميدة الأسبق، وبروفسور بشير حمد (العميد المؤسس لجامعة الجزيرة وأستاذ التعليم الطبي عالميا)، وبروفيسور عمر ميرغني وبروفيسور محي الدين مجذوب من جامعة الجزيرة، والبروفيسور الكندي روبرت ف. وولارد أستاذ التعليم الطبي ومن أساطين التعليم الطبي المسؤول اجتماعيا عالميا، والبروفسيرة البريطانية ديبورا مردوخ ايتون عميدة كلية الطب بجامعة شيفيلد سابقا والتي أدخلت فيها مفهوم المسؤولية الاجتماعية وحازت العديد من الجوائز، والبروفيسورة هدى نجاة أستاذة التعليم الطبي في باكستان، والسوداني الدكتور محمد الحسن عبد الله السيد الفائز بجائزة تشارلز بولان الدولية للمساءلة الاجتماعية والخبير الدولي في المساءلة الاجتماعية والتعليم الطبي، ومن زملائها بمجلس التخصصات الطبية حضر المستر يوسف عثمان، والدكتور محمد كمال، والدكتور إبراهيم النيل، كما حضرت ابنة خالتنا يسرى بقادي المسؤولة بالمكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية بالقاهرة، إضافة للعديد من الأطباء والطبيبات زملاء طاهرة بالأحفاد وبمجلس التخصصات الطبية، وأفراد الأسرة التي تمثل طاهرة الاسمنت الرابط فيها كما وصفها أبوها الحقاني عليه الرضوان، تحدثت منهم مريم المنصورة وأظهرت مدى شعور الأسرة وسلفها عليهم الرضوان بالفخر لما قدمته ابنتهم.
ظهرت طاهرة كما عادة ظهورها وخلفها علم السودان ومكتوب عليه:
سلام Blue for Sudan هاشتاق الثورة الاثير
وعلى جنبه: من السودان سلام ومحبة 2025،
، ولكن اللوحة يومها أعطت بعدا يذكر بحال البلد والناس يطلون على وجه الزووم من أصقاع الأرض، حتى أن البروف ديبورا التي زارت السودان ثلاث مرات نقلتنا إلى حالنا وهي تغالب العبرة في حديثها عن السودان ورجائها بعافيته وتكرار الزيارة.. طلة بروف بشير حمد إلى جانب ابنته الدكتورة نبتة ولأول مرة بعد علة أبعدته أضفت على الجو شعور بالعرفان له ولمثابرته في دفع البحث العلمي.. كما كانت مداخلة بروفيسور قاسم بدري مشجعة لحديثه عن أن النموذج التي طورته طاهرة يمكن أن يتمدد ليشمل رفع مستوى المسؤولية الاجتماعية لكافة الكليات بجامعة الاحفاد.
حديث طاهرة كان مرتبا وبرغم ضيق الفترة نظرا لضخامة الدراسة فقد طوّف بنا بين مواضيع ومعلومات متدفقة، وإن كان لفتني على وجه الخصوص فكرة توطين مصطلحات المسؤولية الاجتماعية أو نزع كولونياليتها لتفهم المجتمع لها ومطلوباتها على نحو أفضل.. كما كان لافتا اللمسات الإنسانية التي أضفتها طاهرة على منعرجات بحث علمي صارم القسمات.. قصصها كانت آسرة ومربوطة بالمفاهيم التي أرادت أن توصلها.. فلم يكن غريبا أن سيل تفاعلات القلوب والصفقات لم ينقطع طوال عرضها، ومع مداخلات الحضور الذين بينوا كيف كان ذلك العرض مضيئا لجوانب عديدة.. كانت تعليقات بروفيسور وولارد الكندي المادحة للعرض، وتعليقات بروف ديبورا البريطانية المحتفية به، وحضور بروف هدى الباكستانية، والمشرفة الهولندية إضافة للقامات السودانية مدعاة للتفاؤل أن تكون بحوثنا معروضة ومقدرة على مستوى عالمي..
وآخر قولي، قال عاطف خيري وغنى مصطفانا: غايته أمشي في الدرب البطابق فيه خطوك صوت حوافرك.. وطاهرة مثال حي للمسؤولية الاجتماعية، وما تأخرها في الدكتوراة طيلة السنين الماضية إلا لأنها كانت دائما مشغولة بمن حولها، تحل المشكلات وتقدم الخدمات لطالبيها وتشفق على المستضعفين من كل فج ونوع.. فهي مثال المسؤولية الاجتماعية.. وقد سارت في الدرب الذي يطابق خطوها..
أسأل الله لها الحفظ والتوفيق والتولية في كل شأن. وان تجتاز الامتحان بالتفوق الحري بها وبدراستها النيرة
واساله جل وعلا لبلادنا غدا أفضل.
اللهم احفظ السودان وأهل السودان.
ولي قدام يا طهورة.. ست الشورة.
Tahra Al-Mahdi
Salaam Kamal Hidaytalla
Mariam Alsadig