كيف تحاول منظمات إنسانية مواجهة مجاعة السودان ودعم اللاجئات؟

كيف تحاول منظمات إنسانية مواجهة مجاعة السودان ودعم اللاجئات؟
  • 05 نوفمبر 2025
  • لا توجد تعليقات

التحرير- وكالات


«هذه لحظة فارقة للتعاطف والعمل.. المعاناة في السودان هائلة، ومع ذلك بالكاد تذكر في عناوين الأخبار العالمية. يبذل شركاؤنا كل ما في وسعهم، لكن الاحتياجات هائلة، والاستجابة تعاني من نقص حاد في التمويل».
هذا نداء إنساني جديد أطلقته سالي توماس، مديرة الشؤون الإنسانية في وكالة كاريتاس أستراليا، ينضم إلى سلسلة من النداءات الإقليمية والدولية والتحركات الميدانية الداعمة لملايين السودانيين في ظل تصاعد العنف في جميع أنحاء البلاد.
ويشهد السودان حاليًا أكبر حالة نزوح في العالم، حيث أُجبر أكثر من تسعة ملايين شخص على ترك منازلهم، وفر ثلاثة ملايين آخرين إلى الدول المجاورة، فيما أعلنت المجاعة في أنحاء مختلفة من البلاد، ويحتاج أكثر من 30 مليون شخص الآن إلى مساعدات إنسانية.
وتواجه النساء والفتيات على وجه الخصوص مخاطر جسيمة، بما في ذلك العنف القائم على النوع الاجتماعي، والعنف الجنسي، والاستغلال، وفقدان إمكانية الوصول إلى الخدمات الأساسية، بعد أن انهارت أنظمة الحماية، ويزداد صعوبة الحفاظ على المساحات الآمنة، وهنا تظهر تحركات منظمات دولية تتحرك إلى جانب المنظمات الدولية فيما يتعلق بالحصول على الغذاء أو المياه النظيفة أو الرعاية الطبية.
ويقدم شركاء كاريتاس أستراليا – كاريتاس السودان والوكالة الكاثوليكية للتنمية الدولية والكنيسة النرويجية للمساعدات الإنسانية – دعمًا منقذًا للحياة في بعض المناطق الأكثر تضررًا، بما في ذلك شمال دارفور والقضارف والنيل الأبيض وشمال كردفان ونهر النيل والخرطوم.
وعلى الرغم من هذه الجهود، يتزايد تقييد وصول المساعدات الإنسانية بسبب حواجز الطرق وتأخير التأشيرات، كما أدى انسحاب الجهات المانحة الرئيسية في أعقاب تخفيضات المساعدات العالمية إلى فجوات حرجة في التمويل، مما أجبر الوكالات على تقليص حجمها حتى مع تزايد الاحتياجات، وفق «كاريتاس».
*أزمة غذاء*
يقول تقرير حديث للأمم المتحدة، منشور يوم الأحد الماضي، إن أزمة الجوع تفاقمت في السودان، حيث أكد تحليل جديد مدعوم من الأمم المتحدة أن المجاعة منتشرة حاليًا في أجزاء من دارفور وكردفان، حيث أدى القتال والحصار إلى قطع وصول الغذاء والمساعدات إلى مجتمعات بأكملها.
ووفقًا لأحدث تقرير للأمن الغذائي الصادر عن التصنيف المرحلي المتكامل، يواجه أكثر من 21 مليون شخص في جميع أنحاء السودان مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد، وهي أكبر أزمة من نوعها في العالم. وهذا التصنيف هو نظام عالمي تستخدمه وكالات الأمم المتحدة والشركاء في المجال الإنساني لقياس شدة الجوع.
ولا تزال المجاعة مستمرة في شمال دارفور، وفي كادوقلي، وجنوب كردفان، حيث تعيش الأسر محاصرة وتقتات على أوراق الشجر وعلف الحيوانات والأعشاب. وتؤكد الأمم المتحدة أن حوالي 375,000 شخص في جميع أنحاء السودان يواجهون مستويات كارثية من الجوع، مما يعني أنهم على شفا المجاعة.
أما الأوضاع في طويلة تصفها الأمم المتحدة بأنها «مزرية» فالعائلات تنام في العراء، ومخزونات الغذاء مستنفدة، والمياه النظيفة شحيحة. وفي كردفان المجاورة، تصاعد العنف في الأيام الأخيرة، مما دفع عشرات الآلاف إلى النزوح من ديارهم.
ومع تمويل 28% فقط من خطة السودان الإنسانية البالغة 4.16 مليار دولار حتى الآن هذا العام – وسط انخفاض غير مسبوق في إنفاق الحكومات المانحة على المساعدات حول العالم – حذّرت الأمم المتحدة من أن العمليات الحيوية لإنقاذ الأرواح لا تزال معرضة للخطر.
*دعم اللاجئات*
على غرار التحركات الأسترالية لدعم النازحين السودانيين، تعهدت تعهدت بريطانيا في الأول من نوفمبر الجاري بتقديم خمسة ملايين إسترليني من المساعدات الطارئة والدعم للناجيات من العنف الجنسي في السودان، حيث يشمل توفير إمدادات غذائية طارئة، ورعاية طبية، وحماية الناجيات من العنف الجنسي.
وزيرة الخارجية  البريطانية إيفيت كوبر وفي كلمتها في مؤتمر حوار المنامة الـ21 في البحرين، قالت: «في السودان الآن لا يوجد سوى البؤس، ولفترة طالت، جرى تجاهل هذا الصراع المروع، بينما المعاناة ازدادت بكل بساطة.. نعلن تقديم خمسة ملايين جنيه إسترليني تضاف إلى 120 مليونًا سبق وقدمتها لندن هذا العام للمساعدة في أنحاء السودان».
وهذا التمويل البريطاني الجديد – بحسب كوبر – مخصص لدعم الخدمات الإنسانية، بما في ذلك توفير إمدادات غذائية طارئة، ورعاية طبية، وحماية الناجيات من العنف الجنسي.
وبالتوازي مع التمويلات الدولية، لا تزال دولة الإمارات مستمرة في دعم المتضررين من الأزمات وتعزيز الاستجابة الدولية للاحتياجات الإنسانية المتزايدة في السودان ودول الجوار، حيث بلغت قيمة المساعدات الإماراتية المقدمة للسودان بين عامي 2014 و2025 نحو 3.95 مليار دولار أمريكي، شملت مشاريع ومبادرات إغاثية وتنموية داخل السودان وفي عدد من الدول المجاورة.
وقال الدكتور أنور بن محمد قرقاش، المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات، أمام منتدى حوار المنامة، إن الإمارات ستقدم دعمًا إنسانيًا إضافيًا بقيمة 100 مليون دولار للسودان، مشيرًا إلى أن هذا الدعم سيُخصص بشكل رئيسي لمساعدة المتضررين في مختلف المناطق السودانية، بما في ذلك الفاشر ومناطق أخرى.
وتضاعف الإمارات – وفق قرقاش – جهودها في الدعم الإنساني عبر مستشفياتها في تشاد وجنوب السودان، مؤكدًا على أهمية تسهيل وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق لضمان وصولها إلى المحتاجين بشكل فعال. وأضاف أن جهود الدعم لن تقتصر على الإمارات فقط، بل ستشمل مساهمات من عدة دول أخرى، مشيرا إلى أن تنفيذ الدعم يتم عبر الهلال الأحمر، والمنظمات الدولية، وبرنامج الغذاء العالمي، ومنظمات إنسانية متنوعة.
ومنذ اندلاع النزاع في عام 2023، قدمت الإمارات 681.8 مليون دولار أمريكي مساعدات إنسانية مباشرة استفاد منها أكثر من مليوني شخص، إلى جانب تعهدها بتقديم 200 مليون دولار أمريكي خلال المؤتمر الإنساني رفيع المستوى من أجل شعب السودان الذي انعقد في أديس أبابا في 14 فبراير الماضي.
وساهمت الإمارات بـ 10.25 ملايين دولار في عام 2024 لدعم اللاجئات السودانيات المتضررات من الأزمة المستمرة، موزعة على منظمة الصحة العالمية، وصندوق الأمم المتحدة للسكان، وبرنامج الاستجابة بناءً على النوع الاجتماعي في تشاد، والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وصندوق المرأة للسلام والعمل الإنساني، وفق وكالة أنباء الإمارات «وام».
جمعية الهلال الأحمر الكويتي بدورها وقعت يوم الأحد الماضي اتفاقية منحة مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر بقيمة مليوني دولار لدعم استدامة تنفيذ برنامج تعزيز إمكانية الوصول إلى الرعاية الصحية للمجتمعات الضعيفة في السودان، حيث تهدف إلى تعزيز قدرات النظام الصحي بما يسهم في تحسين فرص حصول الفئات الضعيفة على خدمات الرعاية الصحية الأساسية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*