الخميس - 28 جمادي الثاني 1447 هـ , 18 ديسمبر 2025 م

مسعد بولس يؤكد تكثيف الجهود للتوصل إلى نهاية سلمية للحرب في السودان

رحيل قيثارة كُردفان وسفير الألحان

رحيل قيثارة كُردفان  وسفير الألحان
آسيا المدني

ببالغ الحزن والأسى، نودع اليوم قامة سامقة، ومنارة فنية أضاءت دروب الإبداع السوداني لعقود. رحل الدكتور الفنان عبد القادر سالم، “ملك المردوم” وسفير الأغنية الكردفانية، الذي غادر دنيانا يوم الثلاثاء 16 ديسمبر، تاركاً خلفه إرثاً لا يمحوه الغياب.

وداعاً ملك المردوم.. وداعا قيثارة كُردفان وداعا سفير الألحان
ننعى اليوم وطناً في صورة فنان، وتاريخاً تجسد في نغم. رحل الدكتور عبد القادر سالم، الذي لم يكن مجرد مطرب، بل كان “أيقونة” طرزت ثوب الفن السوداني بألوان كُردفان الغراء. رحل الرجل الذي طوع “المردوم” ليصبح لغة عالمية، وجعل من رمال “عروس الرمال” تبرًا يلمع في المحافل الدولية.
كان الفقيد نسيج وحده؛ جمع بين هيبة الدكتوراه وتواضع المبدع، وبين جلال العالم وروح الفنان. حمل كُردفان في قلبه، فنقل أغنيتها من المحلية الضيقة إلى آفاق القومية، ثم انطلق بها نحو العالمية، ليردد العالم ألحانه التي تسلب الألباب وتأخذ الروح إلى مراعي “الغرة” وجمال “كردفان”.
في رثائه نقول:
طوى الردى من كان للحقِ منارةً .. وللفنِ صرحاً شامخاً لا يُهدمُ
يا فارسَ “المردومِ” رحلتَ بَغتةً .. فبكتكَ كُردفانُ والدمعُ سدمُ
أحييتَ بالأنغامِ روحَ بيئةٍ .. وعزفتَ لحناً بالخلودِ يُرنمُ
شهمٌ، كريمٌ، في التواضعِ آيةٌ .. واليومَ صمتُ النايِ فينا يتكلمُ
عبقري السلمين.. وجسر التواصل الذي لا يهدم
لقد تميز الراحل بعبقرية موسيقية فذة، فبينما كان سيداً لـ “السلم الخماسي” السوداني الأصيل، أبدع في توظيف “السلم السباعي” الذي اشتهر به في ألحانه، مما جعل فنه جسراً عابراً للحدود. فاهتزت لألحانه القلوب في الخليج العربي، وتغنت بإبداعه دول الجوار الغربي، حتى وصلت أصداؤه إلى أبعد المدى، لتردد فنانات عالميات مثل “رحيل” الإسرائيلية ألحانه، اعترافاً بجمال فنه العابر للأيديولوجيا والحدود.

برحيل عبد القادر سالم، لا نودع فناناً فحسب، بل نودع حقبة كاملة من الضياء من الوهج والإشعاع. رحل الرجل الذي كان محباً لأهله، وفياً لبيئته، شهماً في تعامله، وصادقاً في فنه. إن غاب جسده، فستبقى “اللوري حلّ بي” و”جيناكي يا كُردفان” وألحانه الخالدة محفورة في وجدان الشعب السوداني والأمة العربية والأفريقية.
“اللهم اغفر له وارحمه، وأسكنه فسيح جناتك مع الصديقين والشهداء، بقدر ما قدم لوطنه وفنه وأمته، وألهم آله وذويه وجمهوره الصبر وحسن العزاء.”
أنا لله وأنا اليه راجعون

آسيا المدني
مسقط
١٧ ديسمبر ٢٠٢٥

لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

حجز اسمكم المستعار سيحفظ لكم شخصيتكم الاعتبارية ويمنع الآخرين من انتحاله في التعليقات
دخول سجل اسمك المستعار
حجز اسمكم المستعار سيحفظ لكم شخصيتكم الاعتبارية ويمنع الآخرين من انتحاله في التعليقات
التعليق كزائر سجل اسمك المستعار نسيت كلمة المرور
حجز اسمكم المستعار سيحفظ لكم شخصيتكم الاعتبارية ويمنع الآخرين من انتحاله في التعليقات
التعليق كزائر سجل اسمك المستعار نسيت كلمة المرور