الخرطوم.. ورطة تقسيم  “التورتة”

الخرطوم.. ورطة تقسيم  “التورتة”
  • 29 أبريل 2017
  • لا توجد تعليقات

بعد مضي نحو 60 يوما على حل الحكومة السودانية عقب تعيين رئيس وزراء لأول مرة في عهد الإنقاذ الوطني( حكومة الرئيس عمر البشير) في الثاني من مارس الماضي، لا خبر عن تشكيل الحكومة الجديدة حتى اليوم. في الوقت ذاته يعكف رئيس الوزراء الجديد وحزبه الحاكم على تقسيم “تورتة “السلطة في مهمة تبدو أقرب إلى المستحيلة، فهناك في الانتظار نحو 116 حزبا ترغب في اقتسام “التورتة” إذ إنها وعدت خيرا، ومع تطاول الأمد يكاد قلق المنتظرين تسمع صريره، بينما حزب المؤتمر الوطني، الحزب الحاكم،تمسك بتلابيبه ورطة كبيرة لا فكاك له منها.

في أكتوبر من العام الماضي حشدت الخرطوم كل طاقاتها المادية والإعلامية للإعلان عن توصيات مؤتمر الحوار الوطني، مما خلق حالة احتفالية غير مسبوقة بحضور 4 رؤساء دول وقائمة طويلة لممثلي عدد من الدول الأخرى والمنظمات الإقليمية. وجاء ذلك وبعد أكثر من عامين من الشد والجذب بين ممثلي الأحزاب وبعض الحركات المسلحة تم التوقيع على 993 توصية في ختام المؤتمر الذي كان قد أطلقه البشير في 27 يناير 2014، ومن المفترض أن تأتي الحكومة الجديدة المنتظرة تتويجا لزوبعة يخشى أن تغرق في فنجان المحاصصات الحزبية والجهوية.

في ظل اقتصاد يكابد شبح الانهيار وتدني مطرد لمستوى المعيشة، ليس هناك تدافع سياسي نحو وضع خطط إسعافية وأخرى قصيرة المدى ومتوسطة وطويلة لإنقاذ الاقتصاد الوطني الذي يدار اليوم بميزانية بها نسبة عجز كبيرة. بيد أن التدافع والتكالب وحده على تلكم “التورتة “المسكينة. قد تتشكل الحكومة لكنها ستنطلق من دون خطة أو خارطة طريق واضحة المعالم متنكبة الطريق، فضلا عن أنها ستحمل في جوفها كما هائلا من الرؤى المتناقضة والمتعارضة، فقد كشفت إجازة توصيات الحوار الوطني عبر البرلمان عن خلافات عميقة واتهامات من جانب أحزاب مهمة في ظل اتهامات للحزب الحاكم الذي يملك الأغلبية الميكانيكية بالتراجع عن بعض ما اتفق عليه في مؤتمر الحوار. فقد أسقط البرلمان التعديلات الدستورية الخاصة بجهاز الأمن، لتبقى سلطاته واختصاصاته كما هي عليه، بينما طالبت توصيات الحوار بغير ذلك.

ناشطة سياسية معارضة استوعبها مؤتمر الحوار وتحولت لداعم قوي للحوار، لكنها ومع إحساسها بأن رياح تقسيم “التورتة “قد تأتي بما لا تشتهي، فاستغلت مؤتمرا صحافيا عقده نائب رئيس الحزب الحاكم الأسبوع الماضي لتشن هجوما عنيفا على حزب الرئيس عمر البشير بسبب ما اعتبرته تهميشا للشخصيات الوطنية، وهي المظلة التي تنضوي تحتها تلك الناشطة. ورد عليها المسؤول الحزبي الكبير في حزب المؤتمر الوطني بأن عليها أن تدخل عبر حزب أو كيان لتحصل على موقع ودور في الحكومة.

وهذا يشير إلى أن الحزب الحاكم يشجع ذلك الفيضان الحزبي وليس لديه مانع في أن يتجاوز عدد الأحزاب ذلك الرقم الفلكي (116 حزبا مشاركا في الحوار) غير تلك غير المشاركة. فكيف يمكن أن نتصور أجواءً ديمقراطية صحية في ظل هذا الكم المهول من الأحزاب؟ المسؤول الحزبي أشار إلى إمكانية أن تشكل الناشطة الغاضبة مع آخرين مجموعات ضغط على نسق منظمات المجتمع المدني.

لكن هنا يمكن الإشارة إلى أن الحكومة تجاهلت من قبل دعوات من أكاديميين وناشطين تدعو إلى تكوين حكومة كفاءات وطنية غير مسيسة تكون تحت القيادة الحالية للدولة ورئيس الوزراء الجديد، لتنفيذ مخرجات الحوار والإعداد للانتخابات العامة والرئاسية في عام 2020م، وكانت حجتهم أنه قد يستحيل قيام حكومة تضم 116 حزبًا، فضلا عن عدم إمكانية وجود آلية متفق أو مجمع عليها لمعرفة الأوزان الحقيقية لأحزاب الحوار التي يمكن التأسيس عليها عند تقسيم تورتة السلطة.

لا شك أن العالم اليوم ينتظر أن يشكل سحرة السياسة في السودان حكومة تستوعب كل طلاب السلطة في البلاد. الحكومة السابقة التي لم تواجه بمثل هذا التحدي ضمت نحو 75 وزيرا وقيل إنها حكومة مترهلة لم يشهد السودانيون لها مثيلا، فكيف سيكون حال الحكومة الجديدة؟ غدا لناظره قريب.

*صحافي سوداني

 

التعليقات مغلقة.